سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"حماس" تتمسك بتزامن معالجة الملفات وتعتبر عدم إطلاق معتقليها "قنبلة موقوتة" في وجه المصالحة . بدء جلسات الحوار الفلسطيني والقاهرة تريد اتفاقاً خلال أيام وتحذر من عواقب الفشل
بدأت في القاهرة أمس أعمال اللجان الخمس المنبثقة عن الحوار الفلسطيني، بهدف تشكيل حكومة توافق. ودعت مصر الفصائل إلى إنجاز اتفاق"خلال أيام قليلة"، محذّرة من"عواقب الفشل". لكن بدا أن الطريق نحو هذا الاتفاق لن تكون سهلة، إذ تمسكت حركة"حماس"بعدم توقيعه قبل معالجة كل الملفات، كما اعتبرت أن عدم إطلاق معتقليها في الضفة الغربية"يضع جهود المصالحة في مهب الريح". وافتتح رئيس المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان أمس جلسات الحوار، داعياً في كلمته إلى"تغليب المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الحزبية الضيقة والبعد عن التوازنات الإقليمية". وشدد على ضرورة تشكيل"الحكومة التوافقية غير الفصائلية القادرة على التواصل مع العالم كله لخدمة قضايا رفع الحصار وإعادة الإعمار والتمهيد للانتخابات". وقال:"أتطلع إلى أن ننجز عملنا بسرعة خلال أيام قليلة حتى نحتفل بوحدتنا... نجتمع لننجح. ولا أريد أن أذكّركم بما قد يترتب عليه، لا قدر الله، الفشل في الوصول إلى اتفاق، فأنتم جميعاً تعلمون عواقبه". وعقدت اللجان الخمس، وهي المصالحة والحكومة والأمن والانتخابات وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، مساء أمس اجتماعين مطولين دُعي إليهما وفد المستقلين الذي يقوده الاقتصادي منيب المصري عن الضفة والأكاديمي ياسر الوادية عن غزة. وقال الوادية ل"الحياة"إن"الأجواء إيجابية للغاية"، مشيراً إلى أن أعمال اللجان ستستغرق ما بين أربعة إلى خمسة أيام،"وستضم كل لجنة 25 كادراً فلسطينياً ما بين مستقلين وقيادات فصائلية". ولفت إلى أن"كل لجنة تضم ثلاثة ممثلين عن فتح وثلاثة عن حماس، إضافة إلى مستقلين وممثلين لباقي الفصائل ومسؤول أمني مصري مهمته الإشراف والمتابعة وتسهيل عمل اللجان". وقال الأمين العام ل"جبهة التحرير الفلسطينية"واصل أبو يوسف إن اللجان بدأت عملها في الخامسة مساء أمس واستمرت ست ساعات، مشيراً إلى أنه"تم الاتفاق في الجلسة الأولى على طبيعة عمل اللجان ومهماتها، وتم الاستماع إلى آراء ووجهات نظر المشاركين وتبادل الآراء، وجرت مشاورات وتم الاتفاق على كيفية البدء في العمل". وذكر أن اللجان ستعمل يومياً بدءاً من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى التاسعة مساء، حتى إنجاز أعمالها. وعلمت"الحياة"أن غداً الخميس حدد باعتباره"آخر يوم لأعمال اللجان". ورجح مصدر مصري مطلع أن لا يتجاوز عمل اللجان خمسة أيام. وأوضح أن"كل اللجان سترفع أعمالها وتوصياتها يومياً إلى الفريق الأمني المصري المساعد للوزير سليمان لمراجعة ما تم الاتفاق عليه وللبحث في القضايا الخلافية لمحاولة حلحلتها وإيجاد مخرج لها". وكشف أن مصر عدلت عن قرار إلغاء اللجنة العليا للإشراف على الحوار، وتقرر تشكيلها من أمناء الفصائل أو من ينوب عنهم من مساعديهم ومستقلين ومندوب عن الجامعة العربية وممثل للرئيس عباس"لتنسيق عمل اللجان ومعالجة المشاكل التي تواجهها". وتضم اللجنة رئيس وفد"فتح"إلى الحوار أحمد قريع، ونائب رئيس المكتب السياسي ل"حماس"موسى أبو مرزوق، ونائب الأمين العام ل"الجهاد الاسلامي"زياد النخالة، ومن المستقلين منيب المصري وعبدالله الحوراني والنائب زياد أبو عمرو. ويمثل الجانب المصري في اللجنة مساعد رئيس المخابرات المصرية اللواء عمر القناوي. وقال المصدر المصري ل"الحياة":"نتوقع أن تنهي لجان الأمن والانتخابات والحكومة أعمالها خلال بضعة أيام، لكن لجنتي المصالحة ومنظمة التحرير سيستغرق عملهما فترة زمنية غير قصيرة لأن ملفاتهما معقدة... وقد يتطلب الأمر العودة إلى القاهرة مرة أخرى لإنهاء عمل هاتين اللجنتين". وشدد على أن"هذا لن يؤخر أو يرجئ توقيع الاتفاق. وفي حال حدوث تأخير في عمل بعض اللجان، فإنه يمكن التوصل إلى اتفاقات مبدئية في اللجان التي لم تنجز مهماتها، ثم الاتفاق على آلية التنفيذ". وأضاف أن توقيع الاتفاق الذي سيشهده الرئيس محمود عباس والأمناء العامون للفصائل وقيادات الصف الأول الفلسطينية،"سيعقبه تشكيل حكومة الوفاق الوطني بالصيغة التي يتم التوافق عليها". غير أن قيادياً بارزاً في"حماس"أكد أن الحركة مصرة على معالجة ملفات الحوار الخمسة بالتزامن. وقال ل"الحياة":"إذا تم إنهاء عمل لجنة أو لجنتين، فلن يتم التوقيع على أي اتفاق إلا بعد إنهاء عمل اللجان كلها"، مشيراً إلى أن"الحركة اتفقت مع المصريين على إرجاء التوقيع على اتفاق المصالحة إلى حين إنهاء كل اللجان عملها". وشدد على ضرورة معالجة ملف معتقلي"حماس"في الضفة"لضمان سير عمل اللجان بسلاسة وتحقيق إنجازات ملموسة"، معتبراً أنه"سينعكس بالقطع سلباً على أعمال لجان المصالحة". ونقلت وكالة"فرانس برس"عن الناطق باسم حكومة"حماس"طاهر النونو أن حركته تريد إنجاز ملفات الحوار الخمسة بصورة متوازية. وقال:"نحن جادون في التوصل الى اتفاق، وذاهبون للحوار ليس من أجل الحوار بل من أجل تحقيق مصالحة حقيقية تنهي جذور الانقسام، وهذا يتطلب مواقف إيجابية من كل الأطراف". لكنه أضاف:"نأمل في أن نصل إلى إنجاز كل الملفات الخمسة بصورة متوازية لأن أي تعطيل لأي ملف يؤثر على كل الملفات". وكان عضو المكتب السياسي في"حماس"عزت الرشق قال إن الحركة"متمسكة بضرورة إطلاق المعتقلين"، معتبراً أن"عدم الاستجابة لهذا المطلب يضع جهود المصالحة في مهب الريح". وأضاف:"يجب إنهاء هذا الملف لأنه سيعطل المصالحة". وكشف أن قيادات الحركة أبلغت الوزير سليمان أن استمرار وجود معتقليها في سجون السلطة"يشكل عائقاً كبيراً أمام الجهود المصرية التي تبذل... وقنبلة موقوتة في وجه الحوار". وأضاف:"نعتبر معتقلينا رهائن للابتزاز السياسي، وهذا أمر مرفوض ولا يمكن قبوله"، مشيراً إلى اعتقال 38 من كوادر"حماس"منذ بدء جلسات الحوار في الخامس والعشرين من الشهر الماضي. وفي المقابل، قال السفير الفلسطيني في القاهرة نبيل عمرو ل"الحياة": إن الرئيس عباس كلفه بتمثيله شخصياً في لجنة الإشراف المنوط بها تسوية أي خلافات قد تعرقل عمل أي من اللجان. وعن أجواء الحوار، أكد أن"فتح أكدت صدقيتها وجديتها في التوجه نحو الحوار، كما أن حماس لديها نية حقيقية في المصالحة". لكنه لفت إلى أنه"ما زالت هناك قضايا خلافية بين الحركتين"، مثل قضية المعتقلين. ووقع مساء أول من أمس خلاف حاد بين وفد"حماس"ووفد المستقلين، إذ اعترضت الحركة على إدراج أسماء بعينها ضمن وفد المستقلين، أبرزها علي أبو شهلة الذي خاض الانتخابات مع رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض على"قائمة الطريق الثالث"، وراوية الشوا التي خاضت الانتخابات على"قائمة المبادرة الوطنية"إلى جانب مصطفى البرغوثي، وأخيراً النائب زياد أبو عمرو الذي نجح في الانتخابات التشريعية على لائحة"حماس"قبل أن يأخذ جانب الرئيس عباس اثر الانقسام. وشهد افتتاح الحوار تحذيرات عربية ومصرية من فشله. وحذّر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من"انهيار فلسطيني آت إذا استمر الوضع على ما هو عليه من انقسام جغرافي وسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة". ودعا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في كلمته إلى"العمل بأسرع ما يمكن لإنجاز توافق في شأن هذه القضايا في السقف الزمني الذي تم الاتفاق عليه، حتى يمكن البناء على هذا الاتفاق والتقدم في القضايا الأخرى، خصوصاً عملية الإعمار واستئناف العملية السلمية". وقال إن"90 في المئة من سكان غزة في أعقاب الأعمال العدائية الإسرائيلية، ما زالوا يعتمدون على المساعدات الغذائية والدوائية وهذا الوضع لا يمكن استمراره". نشر في العدد: 16777 ت.م: 11-03-2009 ص: 13 ط: الرياض