استؤنفت أمس الجولة الثّانية من جولات الحوار الوطني الفلسطيني بين وفدي حركتي «فتح» و «حماس» في مقر الاستخبارات المصرية في القاهرة، بجلستي عمل صباحية ومسائية. وقال عضو وفد «فتح» إلى الحوار زكريا الأغا ل «الحياة» إن الاجتماعات تركز على أعمال ثلاث لجان، وهي الحكومة والانتخابات والأمن، مشيراً إلى وجود «إشكالية كبيرة» في لجنتي الحكومة والأمن. ولفت إلى أن «اللجان الأخرى أنهت أعمالها»، وهي لجنتا المصالحة ومنظمة التحرير «التي تكاد تكون عالجت ملفها». وأوضح أنه « جرى شبه توافق على حل إشكالية المنظمة على أساس تشكيل لجنة تكون بمثابة إطار قيادي موقت يعمل فقط خلال الفترة الانتقالية التي يفترض ان لا يتجاوز سقفها الزمني 25 كانون الثاني (يناير) المقبل»، أي مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة. وأشار إلى أن «هذا الإطار سيتم تشكيله وفق النص الذي ورد في اتفاق القاهرة في آذار (مارس) 2005، ومهامه محددة بإعادة تطوير وتفعيل منظمة التحرير وتشكيل مجلس وطني جديد ومراجعة ومتابعة تنفيذ الاتفاق الذي سيتم التوصل اليه وكذلك البحث في أي مواضيع أو إشكاليات لها علاقة بالشأن الفلسطيني»، مشدداً على أن «هذا الاطار لا يتعارض مع عمل منظمة التحرير ودورها ولا يمس اللجنة التنفيذية ومهامها، فهو موقت وليس قيادة بديلة». وعن القضايا العالقة التي تناقش حالياً، قال الأغا: «لا تزال هناك إشكالية كبيرة في شأن الحكومة بمعنى برنامجها وتشكيلها»، موضحاً ان «هدف فتح هو تشكيل حكومة مقبولة يمكن للمجتمع الدولي أن يتعاون معها، خصوصاً في إعمار غزة ورفع الحصار وتشغيل المعابر». وشدد على أن «الهدف ليس الاعتراف بإسرائيل بحد ذاته، لكن التعاطي مع هذه الحكومة دولياً، وكذلك حتي يمكن لإسرائيل التعامل معها في الشؤون الحياتية اليومية». وسُئل عن سبب رفض «فتح» حكومة وحدة وطنية، فأجاب: «لقد جربنا هذه الحكومة عقب اتفاق مكة ولم تنجح، ونحن لا نريد الخوض في ذلك ثانية أو أن نصبح حقل تجارب»، معرباً عن أمله في «أن تتمكن مصر من ايجاد صيغة توافقية ومخرج لهذا الخلاف خصوصاً أنها تعلم مواقف الجانبين جيداً، وهي تريد التوصل إلى حل في هذه المسألة تحديداً». وفي ما يتعلق بالنقاط العالقة في لجنة الامن، قال إن «هناك مسألتين، أولاً حماس تريد أن تظل أجهزة الأمن في كل من الضفة وغزة تعمل كما هي، وإيجاد صيغة للتنسيق بينها، لكننا في فتح نريد دمج الأجهزة الأمنية، ولا نريد تكريس هذا الفصل بينها... نريد توحيد الأجهزة في ثلاثة عناوين هي: الأمن الداخلي والأمن الوطني والاستخبارات». وأوضح أن «حماس شكلت في غزة جهازاً أطلقت عليه اسم الأمن والحماية لحماية الشخصيات المهمة، وهي تريد أن يكون مستقلاً، لكننا نقول إن حماية الشخصيات المهمة كانت تحت مظلة الشرطة ويجب أن تستمر كذلك التزاماً بقانون المجلس التشريعي». وقال إن الورقة المصرية لمعالجة ملف الأمن «تتضمن البدء في تنظيم عمل الأجهزة الأمنية في غزة وإعادة هيكلتها أولاً، ثم لو احتاج الأمر إلى اجراءات في الضفة لاحقاً يتم تنفيذها، لكن حماس اعترضت وترى انه يجب أن تتم إعادة هيكلة الأجهزة في غزة والضفة معا». واعتبر أن «الوضع في غزة مختلف عن الضفة، فالأجهزة الامنية في الضفة لم يحدث فيها تغير جوهري كما حدث في غزة»، مشيراً إلى أن «هناك ثلاثين ألف كادر في الأمن الوقائي يجلسون في بيوتهم بلا عمل منذ أحداث غزة والانقسام الذي وقع، وهؤلاء يجب أن يعودوا إلى عملهم، كما أن حماس عينت 10 آلاف كادر». وأضاف أن «هناك إشكالية. والأمر في حاجة ملحة إلى تنظيم وإعادة هيكلة لبحث مدى إمكان استيعاب كل هذه الأعداد من العناصر الأمنية في الأجهزة». وفي لجنة الانتخابات، قال الأغا إن «الخلاف يتلخص في اننا في وفد فتح نريد عقد الانتخابات وفق نظام التمثيل النسبي الكامل لضمان تمثيل الجميع، بينما حماس تريد نظام الدوائر فقط، أو النظام المختلط الذي يتناول نظام القوائم والنظام النسبي الكامل والدائرة». وأعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق، مرجحاً أن تستمر الجلسات أسبوعاً. وأكد عدم وجود سقف زمني للحوار بين الجانبين. وقال إن «مصر تسعى إلى تقليص فجوات الخلاف بين فتح وحماس وتركز على إجراء محادثات عمل مكثفة لأنها تعلم أن العقبات التي تحول دون التوصل إلى اتفاق هي بين الجانبين، وأن الفصائل والقوى الأخرى ليست لها علاقة مباشرة بهذه الخلافات». ورجح أن تدعو القاهرة إلى «اجتماع موسع يشمل القوى والفصائل الأخرى عندما تتضح الأمور بما فيه الكفاية، ويصبح الاتفاق على وشك أن ينتهي». وأضاف: «أتوقع أن تدعو مصر الفصائل (الأخرى) فقط للبحث في الاتفاق وإضافة رتوش هنا أو هناك»، لافتاً إلى أنه «إذا لم تثمر هذه الحوارات موقفاً في اتجاه عقد اتفاق مصالحة، فلن يحضر أي من الفصائل»، أما «في حال نجح وأثمر الحوار عن اتفاق، سيتوج باحتفالية يحضرها الرئيس محمود عباس والأمناء العامون للفصائل ووزراء خارجية عرب والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى». وكشفت مصادر مطلعة أن رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان من المفترض أن يلتقي وفدي الحركتين، ليطلعهما على محادثاته التي أجراها أخيراً في واشنطن وتناولت الموقف الأميركي من حكومة التوافق الوطني الفلسطينية التي ستشكل خلال المرحلة الانتقالية.