جسمي نحيل جداً الى درجة أنني أصبحت محط تعليق الآخرين ونظراتهم، وحتى أفراد عائلتي لا يبخلون علي بتلميحاتهم وتعليقاتهم اللاذعة. ورفاقي في الجامعة يتهامسون في ما بينهم على انني مصابة بالسل. أريد أن أسمن، وأرجو المساعدة... نادراً ما يتم التطرق الى النحافة، على رغم أنها مشكلة موجودة ويعاني منها كثيرون من الصغار والكبار. ولا غرابة في الأمر لأن الدعوات الى إنقاص الوزن تأتي من كل حدب وصوب، خصوصاً على شاشات التلفزيون من الفنانات وعارضات الأزياء من ممثلين ومطربات. والنحافة المفرطة قد تكون الشغل الشاغل للفتيات والنساء بسبب ما تخفيه من مسحات جمالية في الوجه والصدر. ولا نبالغ اذا قلنا ان النحافة الزائدة عن الحد هي عدوة الجمال عند المرأة، لأنها وبكل بساطة تطيح بملامح الوجه المدورة وتضاريس الجسم، خصوصاً الصدر. وفي كل الأحوال هناك بعض الحقائق الواجب معرفتها حول النحافة: ان النحافة المفرطة كالبدانة يمكنها ان تلحق أضراراً شكلية وجسمانية ومعنوية. ويقال إن فلاناً يعاني من النحافة عندما يفقد أكثر من 5 في المئة من وزنه الطبيعي أو عندما يكون مؤشر كتلة الجسم لديه دون الپ18.5 يحسب المؤشر بتقسيم الوزن بالكيلوغرام على الطول بالمتر المربع. ان الآلية الفيزيولوجية التي تقود الى النحافة غير معروفة كلها، ولكن يعتقد بأن هرمون"غلوكاغون"الذي يفرزه البانكرياس يلعب الدور المحرك في نشوئها، إذ يرفع من مستوى سكر الدم ويحلل الدهون. هناك النحافة التي تحصل بعد إضراب موقت عن الطعام، أو أثناء الامتحانات، أو بعيد المعسكرات الصيفية الشاقة، أو بكل بساطة نتيجة تناول كميات أقل من الطعام المعتاد، ان مثل هذه النحافة عابرة. في المقابل، هناك النحافة التي تسببها بعض الأمراض مثل: 1 - نقص الشهية العصبي، وهذا المرض شائع عند المراهقات والفتيات الشابات اللاتي يتركز اهتمامهن الأول والأخير على القد المياس بتحريض من مجلات الموضة والقنوات المرئية، ويؤدي المرض الى ضياع صارخ للوزن. وعلى رغم النحافة الفاضحة، تعتبر المصابة نفسها انها ما زالت بدينة خصوصاً في مناطق معينة كالبطن والأرداف. وما يزيد الطين بلة في هذا المرض ان الضحية تواصل اتباع الريجيم بهدف التخسيس، وعندها تظهر المضاعفات التي تطاول الأعضاء والعمليات الاستقلابية. 2- الداء السكري المعتمد على الأنسولين. ان هذا الداء ينتج من شح أو حتى انعدام إفراز هورمون الأنسولين من جانب غدة البانكرياس. فيبقى سكر الغلوكوز يسرح ويمرح في الدم من دون ان تتمكن الخلايا من الاستفادة منه. فعندها يعتمد الجسم على الدهنيات والبروتينات للحصول على الطاقة، يؤدي الى فقدان الوزن. 3- زيادة افراز الغدة الدرقية، وتؤدي هذه الى زيادة العمليات الاستقلابية في الجسم وحرق المزيد من الطاقة، وبالتالي فقدان الوزن على رغم كثرة الأكل. 4- أمراض سوء الامتصاص، وتحد هذه الأمراض من امتصاص العناصر الغذائية من جانب الأمعاء، يؤدي الى هدر كمية كبيرة منها في البراز، فلا يستفيد الجسم منها فتكون النتيجة ضياعاً مهماً في الوزن. 5- الأمراض السرطانية وأدويتها. 6- الأمراض الالتهابية المزمنة. 7- أمراض سوء التغذية. 8- فقر الدم الشديد. 9- مرض الخمود النفسي الشديد. هناك النحافة الناتجة من عوامل بنيوية وراثية، إذ نرى اكثر من فرد من أفراد العائلة الواحدة مصاباً بها. هناك النحافة الحاصلة بسبب ممارسة عادات غذائية سيئة منذ عهد الطفولة مثل كره بعض المأكولات، أو الاعتماد على أصناف معينة من الأغذية. إن أصحاب الجسم النحيل هم أكثر تعرضاً من غيرهم لحوادث الكسور عند السقوط والارتطام، وهم الأكثر تأثراً بتقلبات الطقس البارد، وهم أيضاً اكثر تأثراً بنوبات الحمى والإسهال، كما انهم أكثر تعرضاً للأمراض الالتهابية الفيروسية والجرثومية بسبب ضعف الجهاز المناعي عندهم. على المصابات بالنحافة الشديدة ممن يفكرن في الحمل ان يبادرن فوراً الى تعديل قوامهن للتخلص من نحافتهن قبل أن يقع الحدث السعيد، اي الحمل. إذ أفادت دراسة طبية حديثة تناولت هذا الأمر بأن النساء المصابات بالنحافة الشديدة هم أكثر تعرضاً للإجهاض في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل مقارنة بنساء أخريات يملكن وزناً معتدلاً. وبينت التحريات ان الأم النحيفة التي تدخل مشوار الحمل من دون إصلاح وزنها إنما تجد صعوبة كبيرة في نيل ما يلزمها من الوزن خلال حملها. وهذا ما يعرضها هي وجنينها الى ما لا يحمد عقباه. رب نحيف يسأل ما السبيل للتغلب على النحافة؟ قبل كل شيء لا بد من عمل كل التحريات والاستقصاءات اللازمة لمعرفة أو لنفي وجود أسباب عضوية أو نفسية يمكن ان تكون مسؤولة عن النحافة، فاكتشاف أي سبب وعلاجه كفيلان بالوصول الى الحل المنشود أي زيادة الوزن. قد يسأل سائل ما العمل في حال عدم التوصل الى سبب فعلي للنحافة؟ هنا الحل أكثر تعقيداً، فالوصول الى الوزن الطبيعي يحتاج الى التحلي بالصبر لأن النحيف لا يستطيع زيادة وزنه بالسهولة التي تحصل لدى الإنسان العادي أو البدين. وقد تفشل المحاولة الأولى والثانية والثالثة و.... المهم المثابرة. وليس ضرورياً الوصول الى الوزن العادي بل الاقتراب منه قدر المستطاع. ولتحقيق هذا الهدف حبذا لو تم الأمر تحت اشراف اختصاصي في التغذية من أجل وضع النقاط على الحروف. وعلى أي حال، فإن النصائح التالية تساعد في إضافة بعض الكيلوغرامات الى الوزن: 1- تناول خمس الى ست وجبات يومية تحوي قدر المستطاع على أكبر كمية من الأطعمة التي تعج بالسعرات الحرارية، كاللحوم المدهنة والزبدة والزيت والحليب والأجبان الكاملة الدسم والحبوب والبقول الجافة والمكسرات والفواكه الجافة والحلويات والمقالي والطحينة. والحد من الأغذية الفقيرة بالطاقة. 2- شرب ثلاثة أكواب من كوكتيل الحليب الكامل الدسم والموز والعسل يومياً. 3- البدء بالوجبة الرئيسية وتأجيل أكل السلطة والشوربة الى آخر الوجبة. 4- تناول الحلويات أو العسل أو المربيات بعد كل وجبة. 5- تناول المكسرات والفواكه المجففة بين الوجبات. 6- استعمال الزبدة والسمنة في الطبخ بهدف زيادة السعرات الحرارية. 7- استعمال فاتحات الشهية كالتمر والحلبة والخل والزعتر والترمس وغيرها. 8- تحاشي شرب القهوة والشاي بين الوجبات لأنهما يخمدان من الشهية على الأكل. 8- تفادي شرب الماء مع الأكل لأنه يسرع الشبع ويضعف من عمل العصارات الهاضمة. 9- تناول الطعام بهدوء والتشديد على مضغه جيداً. 10- ممارسة التمارين الرياضية في انتظام وفي الهواء الطلق، لأنها تفتح الشهية، وتقوي الكتلة العضلية، وتخفف من حدة الضغوط النفسية. أخيراً، يجب الابتعاد عن الأغذية والأشربة الخفيفة والقليلة السعرات الحرارية. وحبذا لو استعين بين وقت وآخر، بمكملات غذائية عالية الطاقة.