وأخيراً، انتخب البرلمان التركي وزير الخارجية عبدالله غل رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس أحمد نجدت سيزر، بغالبية بسيطة في الدورة الثالثة للانتخابات أمس. وعلى رغم تعهده الحفاظ على العلمانية، بادر الجيش التركي الى مقاطعة غل، فيما رفع متظاهرون أمام البرلمان صور الرئيس الجديد على علم أميركي، مرددين هتافات تتهمه بأنه"دمية للأميركيين". وفي كلمة ألقاها اثر أدائه القسم الدستورية، تعهد غُل الحفاظ على النظام العلماني الديموقراطي وتوسيع الحريات، معتبراً العلمانية"مشروع سلام اجتماعي، ضرورياً لكل المجتمعات بما فيها المتدينة". وحاول طمأنة الأوساط العلمانية التي حذرت من انتخابه رئيساً، وفي مقدمها"حزب الشعب الجمهوري"المعارض الذي قاطع الانتخابات ومراسم أداء القسم. كما قاطع المراسم رئيس الأركان الجنرال يشار بيوك انيت وقادة الجيش، للمرة الأولى في تاريخ تركيا الحديثة. وأثار بيوك انيت استياء في أوساط"حزب العدالة والتنمية"الحاكم بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، بتحذيره في بيان عشية انتخاب غل من"اوكار للشر تسعى بخبث وسرية الى النيل من النظام العلماني". واعتبرت أوساط الحزب هذه الملاحظة بداية قطيعة بين الرئيس الجديد والمؤسسة العسكرية. وركز غل في كلمته أمام البرلمان على ضرورة احترام الديموقراطية، مؤكداً أن الثقة هي أساس نجاح العمل الديموقراطي، وواعداً بالوقوف على الحياد سياسياً وقطع صلته بحزب العدالة والتنمية، كما يقتضي الدستور. وتناول في كلمته العديد من قضايا السياسة الخارجية، مشيراً الى انه سيكون رئيساً فاعلاً في ملفاتها. وانتخب غل بغالبية 339 صوتاً خلال الدورة الثالثة التي يكفي فيها نيل الغالبية البسيطة للفوز بالرئاسة. ولوحظ ان ثلاثة من نواب حزبه امتنعوا عن التصويت له، فيما أعلن نائبان مستقلان انهما صوتا لمصلحته. وبقيت المعارضة القومية واليسارية على موقفها الرافض لدعم غل، وأصر كل حزب على التصويت لمرشحه. في غضون ذلك، أعلن أردوغان انه لن ينتظر الى الجمعة المقبل، لتقديم تشكيلته الحكومية للرئيس. ووعد بأن يقدمها اليوم، طالما أن غل تسلم فعلياً منصبه الجديد. وفور انتخاب الأخير، بدأت الأسئلة تنهال على نواب حزب"العدالة والتنمية"حول شكل العلاقة التي ستجمع بين الرئيس الجديد والعسكر، والى أي مدى ستصل القطيعة التي أعلنها الجيش من اليوم الأول، علماً أن الأوساط المقربة من المؤسسة العسكرية تؤكد أنها لن تدعو زوجة غل الى احتفال بعيد النصر ينظم غداً الخميس، كونها محجبة. في المقابل، أعلن غل أن زوجته لن تشاركه الظهور في الاحتفالات الرسمية، لتجنب إثارة حساسية الجيش تجاه دخول محجبة القصر الرئاسي. ورحبت الولاياتالمتحدة بانتخاب غُل، معربة عن أملها في مواصلة التعاون الوثيق بين البلدين في عهده. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية توم كايسي"نرحب بهذه الممارسة الديموقراطية التي تندرج في اطار استمرار التطوير الديموقراطي في تركيا". واضاف:"عملنا بتعاون وثيق مع الرئيس المنتخب خلال ولايته في وزارة الخارجية ونأمل مواصلة ذلك في مهماته الجديدة". وتابع كيسي:"نرحب بانتخابه". وفي بروكسيل، اعتبر رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ان انتخاب غل قد يعطي"دفعاً جديداً"لمفاوضات انضمام هذا البلد الى الاتحاد الأوروبي. وقال إن الانتخابات الرئاسية التركية ووصول حكومة جديدة تحظى بتفويض شعبي واضح يشكلان"فرصة لاعطاء دفع جديد فوري وايجابي لعملية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي من خلال تحقيق تقدم في العديد من المجالات الأساسية"، من دون ان يحددها بشكل واضح.