ينتخب البرلمان التركي اليوم وزير الخارجية عبدالله غُل رئيساً للبلاد,، ليكون أول سياسي"إسلامي الجذور"يصل الى هذا المنصب في تاريخ تركيا الحديثة. وعشية الاقتراع، أصدر رئيس الأركان التركي الجنرال يشار بيوك انيت، بياناً شديد اللهجة، حذر من تقويض الأسس العلمانية للجمهورية. وأبدى بيوك انيت في البيان الذي صدر لمناسبة الاحتفالات المرتقبة بعيد النصر في 30 الشهر الجاري، أسفه ل"مخططات خبيثة تتجلى كل يوم في شكل مختلف، وتهدف الى الرجوع عن خطوات التطور الحديث وإفساد البنيتين العلمانية والديموقراطية للبلاد". واعتبر ذلك هجوماً مباشراً من الجيش"حامي العلمانية"، على غل مرشح"حزب العدالة والتنمية"الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، ما يوحي بعدم استعداد المؤسسة العسكرية السائرة على نهج مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك، للتعايش مع الرئيس العتيد. وكان الجيش أطاح أربع حكومات خلال السنوات الستين الماضية، آخرها حكومة رئيس الوزراء الإسلامي نجم الدين اربكان عام 1997. واتخذ زعيم"حزب الشعب الجمهوري"العلماني دنيز بايكال موقفاً اكثر وضوحاً، باتهامه"حزب العدالة والتنمية"بإعداد"مخطط لتقويض العلمانية تدريجاً"، وجدد نية حزبه مقاطعة الدورة الثالثة للانتخابات الرئاسية اليوم، داعياً كل الأحزاب المعارضة الى اتخاذ الموقف ذاته. وعزز الحزب الحاكم تلك الشكوك، بإعلانه ان تركيا ستدخل مرحلة جديدة، بانتخاب غل وإعلان التشكيلة الحكومية التي سيعرضها عليه اردوغان في 31 الشهر الجاري. في غضون ذلك، استكملت الاستعدادات في محافظة"قيصري"مسقط رأس غل، للاحتفال بوصوله الى القصر الجمهوري. وينتظر آلاف من أهالي المحافظة إعلان نتيجة الدورة الثالثة للانتخابات التي تجرى بعد ظهر اليوم، لبدء مسيرة احتفالية تمتد حتى صباح غد. وأصبح فوز غل مضموناً في الدورة الثالثة التي يكفي للمرشح فيها الحصول على 276 صوتاً لتولي الرئاسة, علما أن"حزب العدالة والتنمية"يشغل 340 مقعداً في البرلمان. ويفترض أن يؤدي غل القسم الدستورية بعد ساعة على إعلان نتيجة الاقتراع، ثم يتوجه الى القصر الرئاسي غداً، ليتسلم مقاليده من الرئيس أحمد نجدت سيزر الذي حرص على عدم إجراء احتفال تقليدي للمناسبة، لعدم رضاه عن الجذور الإسلامية لخلفه. وعوضاً عن الاحتفال الذي لن يحظى به في أنقرة، تستعد قافلة تضم عشرات الموسيقيين للسير من أمام مبنى بلدية"قيصري"بعد إعلان فوز غل، يتبعها آلاف السكان في مسيرة احتفالية الى اكبر ساحات المدينة، حيث تنظم حفلة موسيقية غنائية راقصة. وتدربت الفرقة على عزف أغنية قديمة للمطرب ابراهيم طاطلي سيس عنوانها"غلوم بنيم"، اي وردتي، وهي مأخوذة من اسم عائلة غل الوردة. كما ستطلق مدافع مدينة"قيصري"41 طلقة احتفالاً بالفوز، وهي عادة عثمانية قديمة كانت متبعة عند دخول السلطان احدى المدن او خروجه منها. وسيتبارى الشعراء في إلقاء قصائد المديح بالرئيس العتيد، بعدما تبرع عدد من أثرياء المدينة بنفقات وليمة كبيرة للحضور.