بدأت الحكومة التركية فصلاً جديداً لانتخاب رئيس الجمهورية من خلال التوجه الى الشعب. وهي خطوة قال رئيس الحكومة زعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب اردوغان انها ستكون الحكم بين حزبه والمحكمة الدستورية التي ألغت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية بحجة عدم اكتمال نصاب ثلثي نواب البرلمان. وأغلق اردوغان، في كلمة امام كتلته البرلمانية، دفتر انتخاب الرئيس من النواب، محملاً المحكمة الدستورية مسؤولية ذلك، ومعتبرا ان حكمها بقبول الطعن الذي قدمته المعارضة العلمانية بمثابة رصاصة اطلقت على الديموقراطية في تركيا. وقال ان لا سبيل الآن سوى انتخاب الرئيس شعبياً، رغم اصرار مرشح حزبه وزير الخارجية عبدالله غل على خوض دورة انتخابية ثانية، كمحاولة أخيرة لفوز الاسلاميين بالرئاسة، في السادس من الشهر الجاري. وردت المحكمة الدستورية على اردوغان في بيان قالت فيه ان"ملاحظات مثل رصاصة اطلقت على الديموقراطية... هي غير مسؤولة، وتتعدى نيتها الاصلية وتحول المؤسسة الى هدف". كما اخذت المحكمة الدستورية على دنيز بايكال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض قوله ان تركيا ستغرق في الفوضى اذا لم يبطل القضاة دورة الاقتراع الاولى. وأشار البيان الى ان"ليس هناك ضرورة للشرح"ان هذين التصريحين ينتهكان استقلال القضاء، وهما جريمتان بنظر القانون الجنائي. وسعى اردوغان الى حصر الخلاف بين حزبه من جهة والمحكمة الدستورية العليا وحزب الشعب الجمهوري المعارض من جهة أخرى. ولفت الانتباه إلى عدم تطرقه الى الجيش الذي كان هدد بالتدخل في انتخابات الرئاسة لحماية العلمانية، لا بل بدا مدافعا عن رئيس الاركان الجنرال يشار بيوك انيط. وقال رئيس الوزراء:"إنني لا اسمح لأحد ان يسيء الى رئيس الاركان الذي يعمل تحت إمرتي". وفسر المراقبون هذه الجملة بأنها تهدف الى تجاوز أزمة تدخل الجيش من جهة، وإظهار حدود قدرته على التدخل من جهة اخرى. ولقي طلب اردوغان الاحتكام الى انتخابات في 24 الشهر الجاري وانتخاب الرئيس من الشعب مباشرة بعد الحد من صلاحياته وخفض سن الترشح من 30 الى 25 عاما تجاوبا من احزاب المعارضة اليمينية التي تتفق معه على ضرورة تجاوز تدخلات الجيش من خلال الاستقواء بالشارع. ومن المتوقع ان يشهد الاسبوع المقبل مفاوضات بين حزب العدالة والتنمية وهذه الاحزاب على إقرار التعديلات الدستورية، علما أن هذه التعديلات تحتاج الى موافقة ثلثي اعضاء البرلمان. من جانبه، اعتبر بايكال أن المحكمة الدستورية انقذت تركيا من خطر اردوغان وحزبه الذي يسعى الى"فرض هوية عربية شرق اوسطية على تركيا". ولم يعلق بايكال على اقتراحات اردوغان لانتخاب الرئيس من الشعب، لكنه حض الاحزاب اليسارية والعلمانية، ومنها عدوه اللدود حزب اليسار الديموقراطي، الى العمل معاً والتوحد خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة. في ظل هذه الاجواء، تبدو تركيا مهددة بأزمة دستورية جديدة بطلها حجاب زوجة رئيس البرلمان بولنت ارينش القيادي في حزب العدالة والتنمية، إذ يصر هذا المسؤول على أن يتسلم رئاسة الجمهورية بالوكالة من الرئيس الحالي احمد نجدت سيزر الذي تنتهي ولايته الدستورية في 16 الشهر الجاري، وحتى انتخاب رئيس جديد. وترفض المعارضة هذا المخرج لمنع زوجة ارينش المحجبة من الدخول الى القصر الرئاسي، وتهدد بإحالة هذه المسألة على المحكمة الدستورية ايضا، مطالبة بتمديد ولاية سيزر.