سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مقتل 17 جندياً تركياً في هجوم ل "العمال الكردستاني" وبارزاني وطالباني يرفضان تسليم زعمائه . أنقرة تؤكد خططاً ليست عاجلة للتوغل في العراق وواشنطن تدرس "تحركاً مشتركاً ضد المتمردين الأكراد"
تسعى تركيا التي تلقت ضربة موجعة أمس، الى تهدئة الغضب الشعبي في الداخل، وعدم إغضاب الولاياتالمتحدة، وأكد وزير دفاعها وجدي غونول بعد لقائه نظيره الأميركي روبرت غيتس في كييف أمس أن لديه"خططاً للتوغل في العراق"، لكنه لا يعتزم شن عملية"عاجلة"، نافياً إدعاء"العمال الكردستاني"أسر جنود. ودعا واشنطن الى التعاون لحل هذه المشكلة، وقال إنه اقترح على غيتس"تحركاً ضد المتمردين الأكراد"، فيما اعتبر الرئيس جورج بوش هجوم المتمردين"غير مقبول". ودعا الحكومة العراقية والسلطات الكردية الى معالجة هذه المسألة. وفي هذا الإطار شدد غيتس على ضرورة الحصول على معلومات دقيقة عن مراكز المتمردين الأكراد في شمال العراق قبل أي هجوم عليهم، وقال:"سنرى إذا كان بالإمكان العمل معاً للتحرك ضد تهديدهم". وكان مقاتلو"الكردستاني"قضوا على مساعي التهدئة مع أنقرة، إذ شنوا هجوماً داخل الأراضي التركية سقط خلاله 17 جندياً وجُرح 23، في تصعيد اعتبره الزعماء الأتراك"اعتداء على هيبة الدولة وسيادتها"، وسط رفض كردي - عراقي لتسليم أي من قادة الحزب أو اعتباره"إرهابياً". وأكدت رئاسة الأركان التركية مقتل 32 متمرداً كردياً و12 جندياً، في معارك جنوب الأناضول قرب الحدود مع العراق، بعد تسلل مجموعة من متمردي"الكردستاني"، شنت هجومها في الساعات الأولى من صباح أمس، وأدى أيضاً الى جرح 16 جندياً. واستمرت المواجهات بعد الظهر خلال"مطاردة الارهابيين"، بمشاركة المروحيات القتالية والمدفعية الثقيلة التي قصفت"63 هدفاً بالتنسيق مع الوحدات المقاتلة". وفي مؤتمر صحافي مشترك عقداه في أربيل، تعهد الزعيمان الكرديان رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الدفاع عن الاقليم في حال تعرضه لاعتداء، وجددا رفضهما تسليم أي من قادة وعناصر"الكردستاني"أو"أي كردي... ولو قطة كردية"الى تركيا. ودعا الزعيمان تركيا إلى حل مشكلة التمرد الكردي عبر الحوار، في حين طالب الرئيس العراقي مقاتلي"الكردستاني"بإلقاء أسلحتهم أو مغادرة العراق. ونفى طالباني أن يكون الاتفاق الذي وقعه رئيس الوزراء نوري المالكي في أنقرة الشهر الماضي"ينص على دخول الجيش التركي الأراضي العراقية". أما بارزاني، فأكد أن اقليم كردستان لن يقف الى جانب أي طرف في النزاع بين"الكردستاني"وأنقرة، متمنياً عدم وقوع مواجهات بين الطرفين"وإذا أصرا على القتال، فلن نكون طرفاً، إلا أننا سندافع عن أنفسنا في كل الأحوال". وبدأ الرد التركي على هذا الهجوم بقصف مدفعي استهدف مواقع ل"العمال الكردستاني"داخل العراق، وفقاً لمصادر في الجيش العراقي، وسط أنباء عن بدء توغل تركي. وفي بغداد، دعا مجلس النواب العراقي خلال جلسته الحكومة التركية إلى الاحتكام الى العقل وتغليب الحوار على الخيار العسكري، رافضاً في شدة التهديدات التركية. واعتبر أن قرار البرلمان التركي السماح للحكومة بتنفيذ عملية عسكرية داخل العراق"لا يخدم العلاقة بين الجانبين ويهدد بانهيارها". وكان المالكي قرر خلال اجتماع"أزمة"الأسبوع الماضي، إرسال وفد سياسي وأمني رفيع المستوى إلى أنقرة، إلا أن القيادي في كتلة"التحالف الكردستاني"محمود عثمان أكد ل"الحياة"أن"حكومة أردوغان أبلغت بغداد عدم استعدادها لاستقبال الوفد في الظرف الحالي، وطالبت بتأجيل إرساله". ورأى أن"سبب ذلك رغبة تركيا في اتفاق حكومتي بغداد وأربيل على النقاط التي سيبحثها الوفد قبل مجيئه الى أنقرة شرط عدم مشاركة الأكراد في الوفد العراقي". وقال ياسين مجيد، المستشار الخاص لرئيس الوزراء ل"الحياة"إن"الوفد سيكون برئاسة وزير الأمن الوطني شيروان الوائلي الذي سيتوجه الى تركيا خلال اليومين المقبلين للدخول في مفاوضات لايجاد مخرج للأزمة الحالية"، على أن"تعقد اللجنة الاميركية - العراقية - التركية اجتماعات في بغداد لحلحلة المواقف التركية المتصلبة واعطاء فرصة للخيار السياسي". في أنقرة، اعتبرت القيادة السياسية التركية هجوم أمس على جنودها"اعتداء على الهيبة والسيادة للدولة". وأجمعت الاحزاب السياسية على وجوب الرد على الحادث بأسلوب مختلف عن السابق، خصوصاً أنه جاء بعد دعوة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان إلى حل سلمي للقضية الكردية شرط أن يلقي حزب"العمال الكردستاني"السلاح، كما ان آلية تنفيذ الهجوم الذي تقول مصادر عسكرية تركية إن حوالي 200 من عناصر الحزب شاركوا فيه، بعد تسللهم عبر الحدود، يشير الى أن المتمردين يريدون ايصال رسالة تحد واضحة. ويسعون الى إرباك الموقف التركي، من خلال حملة تصعيد مدروسة. وفي هذا الاطار، قال زعيم المعارضة البرلمانية دنيز بايكال، ان"المتمردين يخوضون حرباً بالنيابة ضد تركيا"، وطالب الحكومة بأن"تعي هذا الأمر وألا ينحصر تعاملها مع الحزب في اطار أساليب محاربة الارهاب التقليدية"، في إشارة الى اميركا وحكومة اقليم كردستان اللتين تتهمهما أنقرة بتدريب وتسليح المتمردين واستخدامهم لابتزازها ووقف تدخلها في كركوك، وقبولها بفيديرالية كردية في شمال العراق، وتغيير موقفها من اي هجوم على سورية وايران. وأفادت مصادر مطلعة ان الرأي السائد لدى القيادة السياسية وجود قوى دولية تعاقب أنقرة على رفضها التعاون مع سيناريوهات الحرب على هاتين الدولتين. وأيدت قيادات عسكرية هذا الطرح من خلال تحليلها لموقف القيادة الكردية الذي اتسم بالتحدي، مستنداً الى ضمانات من الولاياتالمتحدة، فيما حمل حزب الحركة القومية واشنطن مسؤولية الهجمات، وقال زعيمها دولت بهشلي إن التصريحات القادمة من واشنطن وتحذر تركيا من أي عمل عسكري في شمال العراق"تشجع المتمردين على التمادي في هجماتهم". ونقلت أوساط مقربة من أردوغان، الذي دعا الشعب التركي الى الهدوء وضبط النفس، قوله إنه يخشى أن يكون"الكردستاني"يستدرج الجيش، لكنه أضاف أن"موقف أكراد العراق الرافض للتعاون سيدفعنا الى الخيار العسكري".