بدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس زيارة للعيون، كبرى حواضر الصحراء، وصفتها مصادر رسمية بأنها ترتدي أهمية بالغة، كونها تأتي غداة احتفالات جبهة"بوليساريو"بذكرى تأسيس"الجمهورية الصحراوية"في المنطقة العازلة الشهر الماضي، وقبل أسابيع من مناقشة مجلس الأمن تطورات النزاع بعد نهاية ولاية بعثة"المينورسو"الشهر المقبل، علماً ان المغرب التزم تقديم خطة لمنح الصحراء حكماً ذاتياً، وهو أمر تعارضه جبهة"بوليساريو". ولفتت المصادر الى ما وصفته ب"انشقاق"حصل في الجبهة في الأسابيع الأخيرة بعد اعلان معارضين تشكيل تنظيم"خط الشهيد"الذي ينتقد أداء قيادة"بوليساريو"، وقالت ان المنشقين يدفعون في اتجاه عزل التيار المتشدد في"بوليساريو"كونهم أعلنوا منذ اللحظة الأولى إمكان الدخول في مفاوضات لتجاوز مأزق اللاسلم واللاحرب. ومن المقرر ان يوجه العاهل المغربي السبت المقبل خطاباً الى الشعب المغربي من مدينة العيون، يُعتقد انه سيعرض الى الموقف من تطورات النزاع وخلاصات المشاورات بين القصر وفاعليات صحراوية ومغربية حول صيغة الحكم الذاتي. وقالت المصادر ان توقيت زيارة العاهل المغربي الى الصحراء، وهي الثالثة من نوعها، له دلالة خاصة لجهة إبراز الطابع الديموقراطي للمشاورات حول مستقبل الإقليم، خصوصاً ان زيارتيه السابقتين ارتبطتا بأحداث سياسية. فقد أعلن العاهل المغربي من مدينة العيون تحديداً رفض بلاده خطة تقسيم الإقليم عام 2002 عندما كانت الأممالمتحدة خلال عهد الوسيط الدولي السابق جيمس بيكر تبحث في اقتراحات تطاول العودة الى الاستفتاء أو الحكم الذاتي أو تقسيم الاقليم أو انسحاب الأممالمتحدة. وشدد في زيارة سابقة على"روابط البيعة"بين ملك البلاد والسكان، وهو أمر يعني من وجهة نظر مغربية تعاقداً لتقرير المصير، ما يعني ان زيارته الحالية توضع تحت شعار تفعيل الحكم الذاتي. وفي هذا الإطار، قال زعيم حزب"الاستقلال"وزير الدولة عباس الفاسي ان الأممالمتحدة اقتنعت منذ عام 2000 باستحالة تنفيذ خطة الاستفتاء التي كانت أقرتها مطلع 1991 ودعت الى البحث في حل سياسي للنزاع. لكنه رهن البدء في مفاوضات حول صيغة الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب بعودة الوضع السابق في تيفاريتي الى ما كان عليه قبل استقرار منتسبين الى جبهة"بوليساريو"في المنطقة العازلة التي تصفها الجبهة بأنها"أرض محررة". وقال الفاسي ان بلاده اختارت مفهوم المنطقة العازلة"لتجنب أي احتكاك مع الجزائر وتهدئة التوتر". وكشف المسؤول المغربي ان حزبه و"الاتحاد الاشتراكي"اتفقا على تقديم مشروع رؤية مشتركة حول صيغة الحكم الذاتي في الصحراء"يهدف الى تفويض اختصاصات السلطة المركزية الى سكان الاقليم"في إطار سيادة المغرب التي قال انها"غير قابلة للتفاوض أو المساومة"، ما يعني - بحسب مراقبين - ان التفاصيل ذات العلاقة بالتدبير المحلي للشؤون الاقتصادية والادارية والعلاقة بين المؤسسات المنتخبة والأجهزة التنفيذية المحلية قابلة للنقاش، في إطار احتفاظ السلطة المركزية بصلاحيات إبرام الاتفاقات المرتبطة بالسيادة والعلاقات الدولية. ويذكر ان الوسيط السابق بيكر كان اقترح ضمن الطبعة الأولى لخطته منح الاقليم الصحراوي حكماً ذاتياً موسعاً ترعاه كل من أميركا وفرنسا. لكنه عاود النظر في الخطة بعد رفض الجزائر و"بوليساريو"واقترح تصوراً يقضي بمنح الاقليم حكماً ذاتياً خلال فترة أربع أو خمس سنوات يليها استفتاء لتقرير المصير. لكن الرباط رفضته.