اسمحوا لي يا عشاق لبنان الغيارى أن أتكلم بلسان حالكم، لا لشيء سوى لعلمي المسبق بغيرتكم عليه. وليأذن لي كل عربي، أكان من المشرق أو من المغرب، من الشمال أو من الجنوب، كل عربي تتلمذ على أيادي الأستاذ"لبنان"، أن أكتب باسمه. باسم من تعلموا، من تخرجوا من مدارسه وجامعاته، فرواهم لبنان من مناهل الحرية والديموقراطية والكرامة وألهم أدباءهم وشعراءهم ومفكريهم. وبسم الله أبدأ رسالتي، رسالة التسامح والتعايش بين كل المذاهب والأحزاب والطوائف، مثلما علمني أستاذي"لبنان". باسم لبنان الذي استضافنا وعلمنا، باسم كل عشاقه العرب، باسم خريجيه العرب، أتقدم منكم، يا أهالي لبنان، وبأيدينا معول وقلم وحمامة سلام، على رغم الأحزان، على رغم الآلام، فقد عللني فوق المحزونة بيروت سرب حمام اليها آت بالسلام والآمان، بالبنيان والعمران. فنحن لسنا بموالين أو معارضين، نحن محبوكم فقط. ونتقدم منكم يا أهالي لبنان، وبنا خوف، كل الخوف لئلا تمس لوحة لبنان المعلقة على جدار الروعة والسحر، المحفورة في القلوب والعقول. باسم الذين أموا لبنان سعياً الى الجمال، وتنعماً بالحضارة والرقي والحب والعطاء، وطمعاً بالابتسامة المرتسمة على شواطئه، وسلاسل جباله، وأوجه أهاليه، أقول: جل ما نخشاه هي تلك الأيادي الخفية التي تحاول أن تخطفها وتمحوها بنار الحرائق والفتن، فأطفئوها بالمحبة. لأنني واثق انها بنياتكم لن تُخطف، أو تمحى أبداً. ونحن معكم سنرسمها جديدة باكراً مثلما علمونا أن نحب الحياة، ونبتسم لها ونحياها. باسم الخريجين الذين كان لهم شرف الدراسة في دور علم لبنان، والذين أمضوا ردحاً من أعمارهم في رحابه، فكان ذلك أجمل العمر وأرقاه وأرقه. باسمهم جميعاً أناديكم بأعلى صوت وبأقوى نبضات الشوق والمحبة الخالصة، أناديكم موالين ومعارضين من كل الأطياف، ومن كل الأطراف: ليس سوى المحبة سياج يحميكم. وليس سوى التعاون والتكاتف والتلاحم درع يقيكم، ويُفوت على أعدائكم وأعدائنا كَرَّة التخريب والقتل والتنكيل وهدم الصروح التي بنيتموها بعرقكم وكفاحكم. أناشدكم مستغيثاً بدماء الشهداء الزكية التي روت تراب الأرز الغالي، دماء المئتي ألف شهيد أن تجنبوا لبنان المخاطر والمحن، ولنعده جميعاً على المسار الصحيح الذي ابتدأه أول شهيد لبناني وقع في سبيل استقلال لبنان، وانتهى، ان شاء الله، بخاتم شهدائكم وشهيدنا، الرئيس رفيق الحريري الذي أعاد بكم ومعكم ولكم إعمار لبنان، وسعى بسعيكم الى توحيده واستقلاله من جديد. أناشدكم، مستغيثاً بدمائهم جميعاً، التروي والحكمة والتعالي عن الانفعالات والعصبيات والاستفزازات كلها، وتحكيم الضمير، وتغليب العقل، وطي صفحات الماضي دفعة واحدة، ليبقى لبنان فجراً لا يكف عن البزوغ، ليبقى درة الشرق ومهبط الثقافة والحرية وملتقى المبدعين والمفكرين من كل أرجاء المعمورة. ليبقى أستاذي أستاذاً لنا ولكم، لأولادنا وأولادكم. أستاذ الحرية والكرامة والمقاومة. مقاومة أيادي الغدر والاغتيال والطائفية. مقاومة العنصرية والفتن. مقاومة الجهل والحقد والبغضاء. باسم جميع المحبين، أعدكم أننا عائدون، عائدون صيف شتاء، فعودوا أنتم. محمد بن سعود الدغيثر