قدم الإنتاج التلفزيوني الخليجي خلال رمضان هذا العام، أكثر من 25 عملاً تلفزيونياً، معظمها من المسلسلات، مع عدد بسيط من برامج الكوميديا، إضافة إلى برامج دينية محصورة في أوقات معينة. ومن بين ذلك الإنتاج تبقى للدراما الخليجية التي عززت حضورها في السنوات الأخيرة جاذبية بالنسبة إلى المشاهدين الخليجيين، فلا يفوت البعض متابعة ولو مسلسلاً واحداً على الأقل، في رمضان. بعض الأعمال، مر مرور الكرام، من دون أن يلتفت إليه أحد، إما بسبب توقيت عرضه غير المناسب أو لأنه يُقدم في قناة تعد جديدة نسبة إلى قنوات أخرى مثل mbc وپ"دبي"وقد تعود الخليجيون فيهما على المسلسلات الخليجية القوية. ليست القناة وحدها التي تخدم الأعمال كما تفعل القناتان المذكورتان آنفاً. فاسم المؤلفة الكويتية فجر السعيد التي قدمت"ثمن عمري"وپ"جرح الزمن"وپ"الحيالة"وپ"دنيا القوي"كفيل بأن يخدم أي عمل يوقع باسمها. كذلك المؤلفة القطرية وداد الكواري التي قدمت مع المخرج الخليجي الأبرز البحريني أحمد المقلة"حكم البشر"وپ"يوم آخر"وهما حصلا على جائزة أفضل عمل درامي قبل سنتين. من هنا تأتي أهمية مسلسلي"عديل الروح"للسعيد وپ"عندما تغني الزهور"للكواري والمقلة اللذين يعرضان على شاشة"دبي". وإذا كان لقطبي كتّاب الدراما في الخليج، وللمخرجين، دور في كسب رهان النجاح، فلپ"سيدتي"الشاشة الخليجية حياة الفهد وسعاد العبدالله دور أيضاً في رفع أسهم المسلسلات الرمضانية، وفيما لعبت الفهد دور الفقيرة المعدمة في"عندما تغني الزهور"، اتكأ مسلسل"صحوة زمن"الذي عُرض على mbc في شكل رئيس على سعاد العبدالله. وطبعاً يأتي أخيراً بعد الكتّاب والمخرجين والمؤلفين ما يشبه الختم أو الغلاف الفاخر، وهو المطرب الذي يغني أغنية المقدمة، لنجد المصري خالد سليم في"عديل الروح"، والإماراتية أحلام تغني لمسلسل"صحوة زمن"- أشيع أنها تقاضت 40 ألفاً - وأخيراً السعودي راشد الماجد في أغنية"عندما تغني الزهور". لم تكن سعاد العبدالله هي"العمود"الوحيد في"صحوة زمن"العمل الذي ألّفته"وهج"، إذ ساندها آل المنصور في الإخراج والتمثيل. لكن العمل الذي كان آل المنصور يعوّلون عليه استرجاع ريادتهم في الدراما الخليجية، لم يأت بجديد. ولعل دور"المشوهة"في المسلسل أكد أن الخبرات والامكانات في فن الماكياج تقتصر على التجميل في الخليج، في حين ان خبراء فن"التشويه"، معدودون على الأصابع. ففي أكثر من مشهد تشعر للحظة أن القناع البلاستيكي السميك يكاد أن يسقط عن وجه الممثلة، وتحديداً عندما تصرخ! غياب الجديد، لا يقتصر على"صحوة زمن"في حلقاته الثلاثين، بل ويطاول أيضاً"عديل الروح"لفجر السعيد التي عودت المشاهدين كل سنة على طرح موضوعات جريئة ومثيرة للجدل، لتبتعد هذه السنة من موضوعاتها المثيرة وپ"المفرقعة". وبعيداً من جديد الإثارة حاولت السعيد ملامسة الجو السياسي الاجتماعي في الكويت، مع دخول المرأة الكويتية مجال السياسة، بقصة عائلة الوزير التي أثقلت كاهل مسلسلها لتقع في فخ التكرار والملل. في حين بدت حاجة العمل إلى عمق وتركيز، ليس فقط على صعيد الخط السياسي، بل وعلى صعيد شخصية المراهقة ذات الميول الشاذة، والتي أدتها الشابة شجون الهاجري. فضجة الشذوذ انتهت وهدأت فجأة، لتعيش الفتاة حياة وحباً طبيعيين، مع وصولنا الى الحلقة العشرين من المسلسل، ومن دون أي تمهيد. وربما يلفت في"عديل الروح"اعتماد الممثلات واهتمامهن في شكل صارخ وعجيب، على تصاميم الملابس والمكياج، المبالغ فيها، حتى بدا المسلسل متجراً للملابس، إذ أن نسوة عائلة الوزير بلا استثناء اعتدن تمثيل مشاهد استيقاظهن من النوم وجلوسهن في المنزل، في كل أناقتهن، مع مكياج مناسب لسهرة في فندق خمس نجوم. وبعيداً من الأموال والبذخ والماكياج والفساتين المكلفة، فطنت وداد الكواري وأحمد المقلة إلى أن سر نجاحهما في السنوات الماضية يكمن في التركيز على قضايا الفقراء، ليقدما في"عندما تغني الزهور"كفاح امرأة حياة الفهد تضطر إلى العمل وتحمل مسؤولية العائلة، بعد هروب زوجها، ومواجهة نظرة المجتمع الخليجي وهي تعمل كمنظفة -"فراشة"- في مدرسة. وإن بدا"عندما تغني الزهور"مميزاً بالنسبة إلى العملين السابقين فإنه لم يخلُ من سمة المبالغة في الأداء، وهو ما لا يغيب في معظم الأعمال الخليجية - وربما العربية. فمن نظرات الممثل المستهجنة والمفاجئة، إلى حركة اليدين وتعابير الجسد المبالغ فيها... كائنة ما كانت الحال، لا يمكن اعتبار هذه الأعمال الثلاثة الأفضل بعد مرور ثلاثين يوماً من رمضان، ولا حتى الأكثر جذباً للجمهور، خصوصاً أن حياة الفهد نفسها تشارك في مسلسل آخر على قناة"الرأي"ربما خفي على كثيرين. ولعل ما ميز هذه الأعمال اضافة إلى أوقات أو قنوات العرض، أسماء ينتظر منها الجمهور الخليجي كل عام الجديد، ليتفرغ بعدها - بعد رمضان - لمسلسلات أخرى تنتظر إثبات الوجود.