الدراما الخليجية قد لا تعترف في الوقت الحالي بالموانع من حيث الطرح وبالتالي اتخذت الجرأة في غالبها لتفسخ جلدها المعتاد وتنطلق حول التنافس الدرامي العربي، إلا أن هذه الرؤيا الجديدة قد أوقعتها في الأخطاء العملية وجعلت المشاهد يبتعد إلى المسلسلات الأخرى أو البرامج المنوعة وبرامج المسابقات ورغم ذلك إلا أن بعضها تميز من خلال الطرح أو من خلال مشاركة النجوم فقط، وبالتالي البحث عن الجديد في الدراما أو ما يخدم مصلحة المشاهد من القضايا الاجتماعية أو السياسية ربما تلقفها عن طريق ما يعرض عبر الدراما العربية، ورغم كثافة الإنتاج في الدراما الخليجية إلا أن المشاهد مازال يبحث عن النجوم أو سيرتهم من خلال عطاءاتهم السابقة التي توقفت كثيراً أو ما يقدم لهم من فواصل فكاهية. فهناك مسلسل (عديل الروح) من تأليف فجر السعيد وهو الذي اخذ الجوانب المهمة في حياة المواطن الكويتي من خلال التركيز على الإصلاح السياسي ومدى تقبل الشعوب لنهج التغيير ومن هذا المنطلق وزعت أفكارها إلى البحث عن الشخصيات التي يخلفها المسؤول (خالد النفيسي) من تربية أولاده والاختلاف فيما بينهما من الطموح والرؤيا الواقعية لتلك البنات والنظرة الاجتماعية للكاتبة فجر السعيد، بينما يقبع مسلسل (عندما تغني الزهور) والمتواصل في الطرح الذي تقدمة الكاتبة وداد الكواري حول الأب ومدى تأثيره على الأولاد من خلال البعد عنهم والبحث عن الزوجة الأخرى وترك الأم هي التي تلهث وراء لقمة عيشها وعيش أولادها وهذه الخطوط الدرامية دائما ما تقدمها وداد في أعمالها خصوصا التعاون المستمر بينها وبين المخرج احمد المقلة والممثل عبدالعزيز الجاسم، هذا المسلسل القطري بحث عن الأسماء كالنجمة حياة الفهد والشخوص التمثيلية الأخرى إلا انه لم يحظ بالمتابعة الجماهيرية كمسلسل (يوم آخر)، ومن الأفكار الجريئة التي قدمت في شهر رمضان مسلسل (عذاري) الذي عرض على اكثر من قناة وهو الإنتاج الأول للممثلة زينب العسكري التي أخذت الجرأة والطرح حول حياة بعض الفتيات وتجار بعض الفنادق المتسلطين الذين يبحثون عن هذه التجارة، وهذه الجرأة لم تعرض في الدراما الخليجية بتاتا ومناقشة المشاكل الاجتماعية من هذا الجانب الغريب عن تصورات المشاهد البسيط والخروج عن ما يتمناه من مناقشة همومه والبحث عن الأفكار التي تصل للمشاهد بسرعة البصر ويتقبلها، كما قدمت رؤيتها حول عمل المرأة بنفس الأسلوب الذي قدمته في مسلسل (هدوء وعواصف) وهما نفس الكادر الذي شارك في صناعة العملين المتشابهين الا من حيث القدرة على اقتحام الجانب المهم في المسلسل وهو البحث عن متاجرة الفتيات في بعض الفنادق. أيضا مسلسل (اللقيطة) شارك في تقديم الرؤيا الجديدة والتي بحثت عن شد المشاهد وجذبه من خلال تقديم فكرة جريئة عن واقع الأبناء والذين وافاهم القدر بان يتركوا في الشوارع بغية أن يجدوا من يتلقفهم ويتبناهم من صغرهم، وهذا من جراء فعلة شنيعة قام بها والداه بطريقة غير شرعية انجبا من خلالها هذه الفتاة، التي تبنتها إحدى الأسر وعندما تعلم الفتاة بالواقع تنهار إلا أنها ما تلبث أن تعيش واقعها لتثبت للمجتمع أن الإنسان قادر على تحقيق الكثير دون النظر إلى أصله، وقد قدمت الفنانة هيفاء حسين دوراً ربما تجد صعوبات في تقبله لدى المجتمعات الخليجية. مسلسل (صحوة زمن) هو الذي انتج في منتصف الصيف بين الأردن والكويت ومن بطولة أبناء المنصور محاولين تعويض الفشل المتكرر بعد أن ابتعدوا عن الكاتبة فجر السعيد من (القدر المحتوم) مروراً (سهم الغدر) وانتهاءً ب (غصات الحنين) أبناء المنصور قدموا مسلسل (صحوة زمن) بالمشاركة مع النجمة سعاد العبد الله التي لم يشفع تواجدها برفع قيمة العمل الذي عرض عبر شاشة (mbc) والتميز في هذا العمل هو تواجد الفنانة الغنائية مرام ودخولها عالم التمثيل، أبناء المنصور مازالوا حبيسين حول أفكار الكاتبة فجر السعيد رغم جهودهما التمثيلية والقدرة على إقناع المشاهد بما يقدمانه من دراما جادة، مسلسل (فريج ابوصويلح) وهو المسلسل الآخر للممثل الكبير خالد النفيسي بالمشاركة مع إبراهيم الصلال ومجموعة من النجوم وهو مسلسل اجتماعي يسلط الضوء حول التمسك بالعادات والتقاليد وعدم التفريط بها حتى لو بأغلى الأثمان، وهذا ما يتخذه الصلال حول الإغراءات ببيع حارته (الفريج) من الشركات الكبرى الأجنبية أو المحلية، والمسلسل أيضا يناقش انفلات الأبناء مهما كرس الأب لهم من عيشة كريمة إلا أن الإغراء تتمكن منهم بمساعدة المحامي (علي المفيدي) والدخول حول صراع الأب مع أبنائه ومنها دخول الأب في المستشفى والحجر على أملاكه لمقتضيات الحاجة ولكي يتصرف بها الأولاد رغم انه قبل ذلك قام بدفع الملايين لفك أبنائه من السجن إلا أن المواعظ التي يقدمها العمل تكمن في تربية الأولاد والبحث عن الحقيقة بعد وفاة والدهم والكشف عن الشركات التي يمتلكها أبو صويلح، المسلسل كبير بالممثلين وبالصورة التي قدمها لنا المخرج كقراءة حول الاستفادة من تقاليدنا الاجتماعية وعدم التفريط بها إضافة إلى فتح قضية اجتماعية يعاني منها الكثير حول الوصل والبّر بالوالدين، ويعتبر هذا العمل من انجح الأعمال الكويتية التي أعادت بريق النجوم، مسلسل (جيران ولكن) والذي عرض على قناة (lbc) من إنتاج الفنان تركي اليوسف وبطولته مع إبراهيم الجبر ولميا طارق، وهذا العمل الدرامي الكوميدي الذي يحكي قصة حياة عائلتين متجاورتين تحصل بينهما مواقف فكاهية مع حارس العمارة وزوجته، ويعتبر هذا العمل رغم بساطته إلا انه قدم وجبة رمضانية جميلة، المسلسل (طاش ما طاش 13) يعتبر هو الأبرز على الساحة الخليجية رغم ابتعادهم عن تقديم الطرح السريع والخفيف الظل المصاحب للنكتة كما كان بالسابق إلا فيما ندر منها، ورغم ذلك يتمتع طاش بالجرأة التي اعتادها متابعوه وقبول أبطاله عبدالله السدحان وناصر القصبي بغض النظر عن مدى القيمة الفنية التي سيقدمانها، إلا أن التنافس الصريح بين القنوات قبل بدء رمضان ما هو إلا دليل دامغ على قوة ومكانة فريق طاش، حتى أن بعض القنوات لجأت إلى تقديم أعمال طاش السابقة كمجاراة للقنوات الأخرى التي كسبت عرض طاش الأخير، ويعتبر طاش ما طاش المتنفس الواضح لأبناء الخليج والناقد الاجتماعي بنسبة كبيرة عدا نقده السياسي وان كان اقل من ذلك إلا أن الأسلوب الكوميدي مازال قائماً على تقديمهما فلذلك برزت بعض الأعمال منها (وشهو من لحيه) و(دولارات أبو علي) و(دعوة للتسامح) وغيرها، وبالتالي تواجد (طاش) كوجبة رمضانية أثبتت فعاليتها على مدار ثلاثة عشر عاماً متواصلة ما يعني تعملقه على قامة الأعمال الخليجية بمجهود اقل، بلاشك البعض نجح بامتياز والآخر ربما فشل وربما تكون الأفكار والرؤيا التي قدمها لا تواكب ما يبحث عنه المشاهد من حلول لمشاكله الاجتماعية.