ربما يعود المنقب في مسلسل"عديل الروح"للكاتبة الكويتية فجر السعيد بوفاضٍ خالٍ، خصوصاً إذا كان يبحث عن"جرأة"وپ"ضجة"تعودهما في مسلسلاتها الفائتة، وتحديداً"دنيا القوي"- وهو الأخير. فمسلسلات السعيد كانت مثل منبعاً ل"المحظور"على الصعيد الاجتماعي أي الظواهر التي يرفض أفراد المجتمع ظهورها في التلفزيون، بداية من"جرح الزمن"وپ"ثمن عمري"وانتهاء ب"دنيا القوي". فتجد جلسات"الليالي الحمراء"وعلاقات الجنسين غير الشرعية، تحضر في تلك المسلسلات بكثافة، لتغطي عيوباً على مستويات الحوار والحبكة والسيناريو أيضاً، فيكثر اللغط في شأن مشهد أو اثنين فقط في كل حلقة من ثلاثين. تختفي تلك المشاهد والموضوعات المؤججة والمثيرة في"عديل الروح"، لتنحصر ربما في شخصية"تلعبها"الشابة شجون الهاجري، تشير إلى ظاهرة مسكوت عنها في المجتمع الخليجي هي"المثلية". وعلى رغم الجرأة في طرح هذه الظاهرة، فإن الأمر ليس جديداً على السعيد التي ترتكز مسلسلاتها في شكل رئيس على مثل هذه الظواهر. ولعلّ المشكلة تبدو في أن السعيد تنبهر في جرأتها وطرحها لتنسى العمل على حساب التفاصيل وپ"بَرْوَزة"ظواهرها تلك، بما يتناسب مع الواقع الذي تعده"ذخيرتها"كأبسط رد على من يرفض ما تطرح. فنجد مثلاً أنها لا تختلف في مثاليتها"الأفلاطونية"عن أفراد المجتمع المعارضين لظواهرها، حين يظهر أخو الفتاة"المثلية"يعقوب عبدالله - الشاب، كدخيل على المجتمع الخليجي، غير مدرك ل"المثلية"، مع أن شخصيته لا تنبئ بذلك، فهو الشاب"العارف"وحلال مشاكل أبيه الوزير. ويتساءل بغضب في إحدى المشاهد عن هوية جنس الطرف الآخر الذي يحادث أخته من طريق الإنترنت -"الماسنجر"، كون هذا المجهول يرسل قبلات ويكتب كلمات مثل:"حبيبتي"، وپ"عيوني"، وپ"وحشتيني"... وما إن يتأكد عبر"الدردشة"الصوتية، أن هذا الطرف أنثى، حتى ينسيه جمال صوت هذه الأنثى وفكرة التعرف إليها، التفكير في أن أخته"مثلية"، ليكتفي بالاستغراب"الأبله"عن سبب أن تُرسل فتاة قبلة الى أخرى، وتصديق أخته بأن هذا ما يحدث بين فتيات جيلها! في الوقت الذي يتنافى هذا المشهد مع واقع يؤكد خبرة الشبان بعالمپ"المثليين"، أكثر من خبرة الفتيات به، لرقابة اجتماعية مفروضة. ويلحظ بعيداً من تطرق المسلسل إلى تلك الظاهرة، أن السعيد حاولت في"عديل الروح"أن تبحر خارج دائرة الظواهر"المحظورة"، نحو مشكلات اجتماعية من نوع مختلف، ربما في محاولة لمجاراة منافستها اللدود القطرية وداد الكواري التي كتبت"عندما تغني الزهور"هذه السنة. ومع القبول بفرضية هذا الهدف المنشود ? محاكاة السعيد لما تقدم الكواري، يمكن القول باستحالته. إذ أن الكواري تركز على قضايا الطبقة الكادحة كما ظهر في"عندما تغني الزهور"مع حياة الفهد، وفي مسلسلات سابقة أهمها"حكم البشر"الذي لعبت بطولته سعاد العبدالله. في وقت تركز السعيد على قضايا الطبقة المخملية، ويبرز ذلك في"دنيا القوي"وپ"عديل الروح"والأخير يرتكز في شكل رئيس على حكاية عائلة الوزير. ولا ينحصر انفراد كتاب الدراما الخليجيين بقضايا معينة أو طبقات محددة لتتكرر معهم كل عام، بالسعيد والكواري، فهذا طالب الدوس الذي قدم السنة الفائتة معاناة فتاة تعرضت للاغتصاب وهي طفلة في مسلسل"الدنيا لحظة"، قدم في رمضان الحالي قصة هبة"اللقيطة"ومعاناتها في المجتمع الخليجي، في مسلسل يحمل اسم"اللقيطة"أيضاً. وربما يكون السؤال المشروع هنا: كيف يمكن اعتبار هؤلاء الكتاب أصحاب مشاريع"واقع"اجتماعي، في وقت يدور معظمهم في دائرة واحدة تقصي الدوائر الأخرى من مسلسلاتهم، وكأنهم قرروا توزيع ما يكتبون بينهم، قبل أن يفكروا حتى بالكتابة؟ هل تنقلب المعادلة في السنة المقبلة، لنجد الفقر عند السعيد، والقضايا الجريئة مع الكواري، والطبقة المخملية في مسلسل لطالب الدوس؟ أم أن ذلك سيكون صعباً عليهم؟