مع اقتراب عيد الأضحى وانهماك المواطنين في التحضير لاستقباله ارتفعت مؤشرات اسعار غالبية المواد الغذائية في الأسواق السورية على رغم توفرها بكميات كبيرة. وعزا بعض التجار سبب ارتفاع اسعار بعض المواد التموينية والأساسية بنسبة تصل إلى 30 في المئة إلى ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار الأميركي على اعتبار ان مدخلات الإنتاج تأتي من دول الاتحاد الأوروبي والى تصدير كميات كبيرة من المنتجات السورية إلى الأسواق العراقية خصوصاً البيض والخضراوات والفواكه. تبددت توقعات المواطنين بإمكانية زيادة رواتبهم وتحسين وضعهم المعيشي بعد التصريحات التي أدلى بها وزير المال محمد الحسين للصحف المحلية التي أكد فيها "ان إصلاح الرواتب والأجور يحتاج إلى فترة زمنية قد تستغرق خمس سنوات وان الزيادة على الأجور تعتمد على الإمكانات والموارد المالية المتوافرة حالياً". وكانت أسعار المواد الغذائية المستوردة من بعض الدول العربية، خصوصا الإمارات العربية المتحدة، مثل الزيوت والسمنة والمنظفات وبعض المنتجات المحلية كبيض الدجاج واللحم البلدي ارتفعت في السوق السورية بشكل مفاجئ. وارتفع سعر عبوة السمنة التي تزن 2 كلغ اكثر من 40 ليرة سورية ووصل الى 390 ليرة بعدما كانت تُباع بنحو340 ليرة كما زاد سعر عبوة الزيت النباتي ثلاثة لترات نحو 20 ليرة سورية واصبح سعرها الآن 345 ليرة بعدما كانت تُباع بنحو 225 ليرة. وارتفعت أسعار الحبوب من رز وعدس وبرغل وحمص بين ليرتين وخمس ليرات للكلغ و"حلق" سعر صحن البيض 30 بيضة ليصل سعره إلى 110 ليرات بعدما كان يُباع بنحو 60 ليرة وزاد سعر كلغ اللحمة اكثر من 100 ليرة ووصل سعره إلى 350 ليرة، إضافة إلى ارتفاع سعر كلغ القهوة من 80 إلى 110 ليرات سورية. ويرى خبراء اقتصاديون "ان الهوة لا تزال واسعة بين الرواتب والأجور وبين الأسعار" ولم تستطع الزيادات الأخيرة على رغم أهميتها ان تردمها لأن تلك الزيادات لم تأت من مصادر إنتاجية حقيقية انما من زيادة الأسعار خصوصاً المشتقات النفطية والكهرباء. ويشير برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعدته الحكومة السورية وطرحته للنقاش منذ اكثر من عام الى ان الرواتب والأجور تعاني في سورية من التدني بحيث لا تكفي مستوى الرواتب والأجور وتعويضاتها لمعيشة أسرة مكونة من خمسة أشخاص سواء في القطاعين العام أو الخاص اذ يبلغ متوسط الرواتب حوالي 66 في المئة من العاملين في الدولة اقل من 7500 ليرة 150 دولاراً أميركياً. جمود في حركة البيع والشراء وتحدث عدد كبير من التجار وباعة المفرق عن جمود في حركة البيع والشراء في ظل ارتفاع الأسعار "غير المبرر" و عزوا السبب إلى قلة السيولة المالية بين أيدي شرائح واسعة من المواطنين وضعف مداخيلهم التي لا تتناسب مع الأسعار الموجودة في الأسواق. وقال صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مخيم اليرموك ل"الحياة": "ارتفاع الأسعار ليس بيدنا إنما التجار هم المسؤولون وقد تضررت من رفع الأسعار لأن مبيعاتي انخفضت كثيراً حيث كنت أبيع يومياً بنحو 8 آلاف ليرة وهبط الرقم إلى دون 6 آلاف ليرة والأسعار الحالية دفعت المستهلكين إلى التقنيين في شراء ما يحتاجون إليه". وأضاف: "في حال استمرت الأسعار في الارتفاع دون ان تقابلها زيادة على الرواتب والأجور للعاملين في الدولة وفي القطاع الخاص ربما يؤدي ذلك إلى حدوث جمود في الأسواق". وأمر رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري بصرف رواتب الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم نهاية كل شهر في 25 من الشهر الجاري في محاولة من الحكومة لتمكين هؤلاء الموظفين من تأمين متطلبات أسرهم ايام العيد، علماً انهم يشكلون شريحة واسعة من المجتمع السوري ويلعبون دوراً كبيراً في تحريك الأسواق. ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على المواد التموينية بل شمل أيضاً ارتفاع بعض أنواع الخضار والفواكه ووصل سعر كلغ الباذنجان إلى 35 ليرة بعدما كان يُباع بنحو 25 ليرة وزاد سعر كلغ الخيار اكثر من 10 ليرات ليُباع بنحو 25 ليرة وارتفع سعر كلغ الكوسا من 15 إلى 25 ليرة. وقال المواطن عبدالمجيد شاهين الذي يعمل سائقاً "على رغم ان مدخولي يتجاوز عشرة آلاف ليرة في الشهر وزوجتي تعمل في الخياطة ومرتبي لا يتناسب مع الأسعار واحتاج يومياً إلى نحو 250 ليرة سورية لشراء الطعام فقط من دون المصاريف الأخرى من غاز ومازوت وأدوية وغيرها الكثير من متطلبات الحياة". لجم ارتفاع الاسعار وفي خطوة من الحكومة للجم ارتفاع الأسعار طلب وزير الاقتصاد والتجارة غسان الرفاعي من مديريات التموين في المحافظات مراقبة الأسواق الداخلية مراقبة دقيقة بعدما لوحظ ارتفاع في أسعار بعض المواد الغذائية وغير الغذائية المحلية والمستوردة. كما طلب الرفاعي من باعة المفرق وكل من يتعاطى بالمواد الغذائية وغيرها ضرورة الإعلان عن أسعار ما يعرضونه للبيع وفق أسعار المبيع الفعلية وعدم البيع بأسعار تزيد على أسعار البيع المعلنة، محذراً "كل من لم يلتزم بالأسعار الحقيقية بملاحقته وفقا لأحكام قانون الغش والتدليس". وفي محاولة لجذب اكبر عدد ممكن من المستهلكين لجأ أصحاب المحال التجارية الى الإعلان عن خفوضات مغرية في بعض القطاعات خصوصاً الألبسة التي يزداد الطلب عليها مع حلول العيد تحسباً من بقائها للسنة المقبلة ووصلت هذه الخفوضات الى اكثر من 50 في المئة غير ان هذه المحاولات لم تفلح في لفت انتباه المستهلكين وبقيت المحال التجارية تعاني من غياب الزبائن.