الأمير بندر بن سلمان: كلمة ولي العهد عكست إصرار الدولة على تنفيذ نهج الإصلاح ، محسن العواجي : نريد حواراً بين أطياف المجتمع من جهة والدولة من جهة اخرى ، سهيلة زين العابدين: الأمير عبدالله رسم الأسس التي ينبغي ان يقوم عليها الإصلاح ، هاشم السلمان: ولي العهد سيكون الصانع التاريخي لمسيرة الانفتاح والسلام الاجتماعي ، راشد الراجح: مضامين الكلمة دلّت على اهتمام القيادة السياسية بما خرج به الحوار الفكري ، عبدالله الصبيح: الكلمة ركّزت على قضية مقلقة وهي الى ماذا سيقودنا الحوار ، خالد الدخيل : الخطاب أوضح ان الحكومة طرف في ما يدور من حوار لكنها طرف غير متساو مع الآخرين اعتبرت شخصيات سعودية سياسية واجتماعية ودينية ان كلمة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ليل أول من أمس عبر التلفزيون السعودي إلى المواطنين جاءت في الوقت المناسب لرسم معالم واضحة لما تنشده القيادة من الشعب للاسهام في الاصلاح الوطني وحرية الرأي المسؤولة. واشاروا في تصريحات الى "الحياة" ان الكلمة اكدت عزم الحكومة على المضي في مسيرة الاصلاح لبناء مستقبل الوطن بدون مزايدات أو ضغوط من احد، ورسمت الأسس التي ينبغي ان يقوم عليها الاصلاح. واكد المستشار في ديوان ولي العهد الامير الدكتور بندر بن سلمان ان خطاب الامير عبدالله عكس اصرار الدولة على المضي قدماً في الاصلاح وفق رؤى وثوابت متفق عليها من قبل جميع التيارات السعودية على اختلاف مشاربها، لافتاً الى ضرورة التأني في اتخاذ اي قرار في هذا الشأن ليأتي متوافقاً وطبيعة المجتمع وخصوصيته، لكنه شدد على ان الاصلاح بدأ من الداخل وسيستمر كذلك، في إشارة الى عدم وجود ضغوط خارجية. ورأى الامير بندر ان لقاء ولي العهد مع المشاركين في الحوار الوطني لمدة ساعتين، عقب انتهاء اللقاء الثاني، نوع من انواع الحوار بين الدولة والتيارات المشاركة في الحوار، وقال: "لقد التقى المشاركون الامير عبدالله على مدى ساعتين وتحاوروا معه في كل الامور محل النقاش، ليس هذا فحسب، بل ان هناك تبايناً في الآراء التي طرحت، وعلق ولي العهد على بعض من تلك الآراء بكل انفتاح وأريحية". وقال عضو مجلس الشورى الدكتور راشد الراجح نائب رئيس اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري الذي انعقد في الآونة الاخيرة في مكةالمكرمة، ان اشارة الأمير عبدالله إلى ما توصل إليه المتحاورون في اللقاءين الأول والثاني للحوار الفكري الوطني دليل على اهتمام القيادة بما توصل إليه المشاركون اثناء الاجتماعات من توصيات واقتراحات والسعي إلى تفعيلها، مشدداً على انه لمس الاهتمام والحرص من القيادة السعودية على ان تتم هذه اللقاءات في شكل ايجابي يهدف إلى تحقيق مصلحة الوطن والمواطن ومعاملة الجميع سواسية. واعتبر كلمة الأمير عبدالله "توجيهية"، جاءت في الوقت "المناسب"، خصوصاً بعد الانتهاء من لقاءين، أحدهما في الرياض والآخر في مكةالمكرمة، مشيراً إلى انه ينتظر ان يقام اللقاء الثالث في المدينةالمنورة بعد ثلاثة أشهر. وقال: "ان التوقيت مناسب، نظراً إلى ان المملكة العربية السعودية تتعرض إلى هجمات إعلامية شرسة في الخارج، اضافة إلى وجود بعض المزايدين المحبين للظهور الإعلامي، وهو ما يستدعي إيضاح الرؤية الحقيقية عن البلاد ونهجها المتزن من دون مزايدة من أحد". واضاف: "ان السعودية تستقبل هذه الأيام حجاج بيت الله الحرام القادمين لأداء فريضة الحج، وعندما يشاهدون انها مهتمة بمسألة الإصلاح الوطني من أجل الاستقرار لتبقى آمنة وفي رغد من العيش فإنهم سيأخذونها مثالاً على القدوة الحسنة". وأوضح انه عندما يشير الأمير عبدالله إلى ان الدولة لن تسمح لأحد بالوقوف في وجه الإصلاح فهو يعني ذلك جيداً لأن الاستمرار في الحوار والبحث عن الإصلاح من دون ضغوط أو مزايدات هو الإصلاح الحقيقي البناء والهادف. وافاد ان حرية التعبير والرأي المسؤول هما أحد الاهداف التي ينشد تحقيقها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، مشدداً على وجوب ان يرص السعوديون الصفوف ويتوحدوا في مواجهة من يهاجم البلاد أو يريد بها سوءاً وان لا يصغوا إلى الحاقدين المغرضين. واعتبرت الباحثة السعودية سهيلة زين العابدين، إحدى المشاركات في اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري، ان كلمة ولي العهد تضع الأسس التي ينبغي ان يقوم عليها الاصلاح. واعربت عن اعتقادها بأن لا احد يختلف مع ما ورد فيها لأن الدين الإسلامي هو دين "الوسطية والاعتدال"، مشددة على ان الإصلاح ينبغي ان يبنى على الوسطية ونبذ جميع اشكال الغلو والتطرف. ودعت زين العابدين الذين ذهبوا إلى تكفير الآخرين واساؤوا التعامل معهم إلى مراجعة انفسهم والعودة إلى جادة الحق والصواب والتعامل مع الآخرين بمبدأ التسامح والتعددية والاحترام وفق ما جاء في الإسلام. وحذرت من ان عملية الاصلاح لا بد ان تنبثق من اتاحة الفرص لأبناء الشعب كافة، ونبذ العصبية القبلية حتى يمكننا ان ننهج النهج السليم، اضافة إلى ضرورة القضاء على ظاهرة التمايز المناطقي والمذهبي. وأكدت ان موضوع المرأة في المملكة بحاجة إلى النقاش الجدي لإتاحة الفرصة لها في المشاركة وابداء الرأي وان يكون لها دور هام في الحياة العامة، مشيرة إلى ان أي مجتمع لا يصل إلى التوازن الا عندما تعطى المرأة وضعها ومكانتها الحقيقية ولا تهمش. ولفتت إلى ان ما جاء في الكلمة تعبير صادق وصريح عن رغبة القيادة السياسية في الإصلاح واعطاء الفرصة لذوي الرأي والفكر في المساهمة والمشاركة في العملية الإصلاحية في البلاد وتقديم الآلية التي تتم بها. ومن جهته، اتفق المفكر والأكاديمي السعودي عبدالله الصبيح مع من سبقوه في الحديث إلى ان توقيت الكلمة "مناسب جداً جداً" وان الكلمة جاءت لتطمين ابناء المجتمع السعودي، ولمح إلى ان محاولات البعض لاختطاف الحوار في مكةالمكرمة بطريقة خارجة عن أسس الحوار تعد عملاً "غير مقبول" على الإطلاق. وقال: "بلا شك ان حرية الرأي كانت معاناة في البلد لكن ما جاء في كلمة ولي العهد دليل على ان القيادة السياسية راغبة في ذلك، شريطة الحفاظ على المسلمات والأسس التي تقوم عليها البلاد". واضاف: "ان فيها اشارة إلى ان المجال مفتوح أمام الجميع لطرح آرائه وعلى من يمتلك الرأي التحلي بالشجاعة في الطرح والموضوعية في الطلب". واشار إلى ان الكلمة ركزت على قضية تقلق الكثير من ابناء المجتمع، وهو إلى ماذا سيقودنا الحوار، موضحاً ان لا مساومة على هوية البلد وعقيدته. وافاد ان الأمير عبدالله طرح قضايا عدة نادراً ما طرحت في السابق وهو ما يعني ان الحكومة جادة في الإصلاح، والدليل الاعتراف بالحاجة والضرورة إلى الإصلاح وسعيها نحو تحقيقة في شكل متزن. من جهته اعرب الدكتور محسن العواجي عن ترحيبه بتبني ولي العهد مشروع الاصلاح في خطاب رسمي، وقال: "اشار الامير عبدالله في خطابه الى ان الدولة لن تسمح لاحد باستغلال الاصلاح وهذا امر نتفق عليه"، واضاف: "اما بشأن الحوار القائم بين اطياف المجتمع فهو امر مطلوب ومستحسن، لكننا نطالب بفتح حوار بين اطياف المجتمع السعودي من جهة والدولة من جهة اخرى". واشارالعواجي الى ان الخطاب وضع النقاط على الحروف لجهة اصرارالدولة على عدم السماح بعرقلة مسيرة الاصلاح ،لافتاً الى ضرورة الالتفات الى العوائق الفكرية التي من شأنها تعطيل الاصلاحات، وقال: "هناك مصطلحات، مثل الديموقراطية والعلاقات الدولية وحقوق الاقليات، تحتاج لتحرير وتمحيص" ذلك انها مصطلحات جديدة على التيار الديني المحافظ ما يجعلهم يتوجسون منها. ويرى استاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الدخيل ان خطاب ولي العهد تجسيد لما يعصف بالمجتمع السعودي من جدل وانه كان عاما وحازما في الوقت نفسه، وقال: "انا انظر الى خطاب الامير عبدالله على انه مداخلة تأتي من ثاني اعلى مسؤول في الدولة حول ما يموج به المجتمع السعودي من جدل وحوار، وهذا امر جيد"، واضاف: "ومن هذه الزاوية ارى ان قول ولي العهد بان هذا الوطن لن يرضى ان يمس كائنا من كان عقيدته باسم الحرية، يبعث على شيء من التساؤل" وزاد: "لا أظن احدا يرضى بان تمس العقيدة الاسلامية، وحرية الرأي والتعبير لا تعني بأي شكل من الاشكال المس بالعقيدة، انها ضمانة دستورية لحرية تداول الرأي وحرية الاختلاف ضمن الضوابط المتعارف عليها". واشار الدخيل الى ان الخطاب كان عاماً وحازماً في الوقت نفسه وهذا يشير الى ان الدولة بشكل او بآخر طرف في ما يدور من حوار في المجتمع السعودي، لكنها طرف غير متساو مع الاطراف الاخرى، مشيراً الى انها الدولة الطرف المشرف على الحوار وانها هي من يقر طبيعته وحدوده. وتساءل الدكتور خالد عن المنهج الذي ينبغي الالتزام به في الحوار الوطني السعودي؟ وقال: "ستتضح معالم هذا المنهج عندما يتحقق الشرط الاساسي لأي حوار منفتح وفاعل، وهو شرط: الحرية". ومن جانبه يرى السيد هاشم محمد السلمان احد المشاركين في الحوار الفكري ان ولي العهد قد حدد في كلمته معالم الحوار الوطني وخطه النظري والعملي بشكل دقيق وحكيم . وقال "كانت تأكيداته على مضي الدولة في مسيرة الاصلاح واستكمال حلقات الحواربمثابة البرنامج الدقيق لبناء مستقبل هذا الوطن". واضاف ان الامير عبدالله جدد تبنيه لهذا المشروع الحضاري الكبير واعطى زخماً هائلاً لكل المتحمسين للحوار والاصلاح حين قال بما لا يقبل الشك والتأويل ان الدولة ماضية بعون الله في نهجها الاصلاحي المدروس المتدرج ولن تسمح لاحد بان يقف في وجه الاصلاح. واعتبرالسلمان ان ذلك يعبر عن كلمة الموقف الذي يعبر عن اهتمامه واصراره على اقرار هذا النهج في الواقع السعودي. وذكر ان تأكيدات الامير عبدالله بهذا الحرص وبهذه القوة تضع الجميع امام مسؤولية تاريخية كبيرة، وهي ان ينهض كل مواطن بواجبه في هذا الاتجاه الذي حدد معالمه بكلمات حكيمة واضحة ودقيقة. واشار امين الحوزة العلمية بالاحساء الى ان ولي العهد سيكون الصانع التاريخي لمسيرة مشرقة من الانفتاح والسلام الاجتماعي التي سيعيشها الوطن. واكد انه "بخطاب ولي العهد الحضاري تصبح مسؤوليتنا اكبر اذ لم يعد هناك عذر للتردد والجمود والانكماش"، وقال "شخصياً سأواصل هذا النهج وقد زادتني كلمات ولي العهد قوة على تصعيد الجهود من اجل نشر ثقافة الحوار وتعميق الحس الوطني وصولا الى الحالة المطلوبة من الامن والسلام والمحبة في هذا الوطن"، مشيراً الى انه "منذ لقاء الحوار الوطني في مكةالمكرمة تم تكثيف الجهود من اجل دعوة جماهير الشيعة في السعودية لتحمل مسؤولياتهم الوطنية كاملة وبكل عزم وقوة، وازالة عوامل القطيعة والتشنج من الواقع السعودي". من جانبه قال عبدالمحسن الخنيزي وهو احد المشاركين في اللقاء الوطني للحوار في معرض تعليقه على الكلمة، ان الامير عبدالله يسعى لتثبيت مبادئ اتخذتها السعودية واختطتها بصورة واضحة من فترة. واضاف: "لا شك في ان تشديده على ضرورة انتهاج نهج بعيد عن التطرف في أي من الاتجاهين هو نهج سليم وخصوصاً ان البلاد الان تمر في فترة انتقالية، وهذه الفترة تحتاج للكثير من الموازنة في الخطوات. مشيراً الى ان تحذيره من التطرف في أي من الاتجاهين في محله لا سيما انه ربان السفينة ويفترض ان يكون على صلة مباشرة، كما ان تأكيده على الالتزام بمقررات المؤتمر دليل على ان الحوار واللقاءات ليست عابرة بل هناك اصرار عليها وعلى ضرورة ترشيد ما تصل اليه من توصيات، والى جانب ذلك اصراره على مواصلة هذه اللقاءات والاهتمام بموضوعيه المقبلين المرأة والتعليم، وقال: "نحن لا نبحث عن صراحة اكثر من هذه لتناول موضوعات كل مرحلة ونرجو ان تتكلل الجهود بالنجاح". وعن المقصود في الفقرة التي تدعو الى تجنب ركوب الموجة وشهوة الظهور، قال الخنيزي: "لا أود التعليق على هذه الفقرة التي لفتت انتباهي، ولكن كل تغير مرحلي مهم لا بد ان تصحبه مثل هذه الاحتمالات سواء ركوب موجة التغيير واستثمارها واحتمال جنوحها في الاتجاه والاتجاه المضاد"، الا انه عاد وقال انه من زاوية عامة فإن كل تغير مرحلي قد يصحبه مثل هذه المواقف المتطرفة التي تحاول ان تحرفه في اتجاهات معينة. اما عن ابرز التحديات التي تواجه الحوار في هذه المرحلة فقال ان التحدي الاول هو حسم استراتيجية واضحة للتغيير، فهناك حوار وهناك لقاءات تنتهي الى توصيات وتنتهي الى آراء وجميعها يجب ان توضع في خط استراتيجي واضح يفترض ان القيادة قد رسمته فعلا وتعمل على وضع مختلف نتائج الحوارات والقرارات ضمن اطاره. وزاد ان التحدي الثاني هو تنفيذ الرؤى والتوصيات والقرارات التي ينجم عنها أي مؤتمر او لقاء وطني، مشيراً الى انه بدون وجود هذا الخط وبدون تنفيذ هذه القرارات او التوصيات التي يتوصل لها أي حوار وطني سيظل الامر يراوح مكانه، ولكني اعتقد انه في ظل اصرار الامير عبدالله على إنجاح هذا العمل الوطني فإنه سيتم تنفيذ تلك القرارات للوصول الى الأهداف المرسومة.