زار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس البصرة حيث أشاد ب"عمل تاريخي" انجزته القوات البريطانية، من خلال مشاركتها في اطاحة نظام صدام حسين. وإذ طالبه عراقيون بجهود لوقف النهب واستعادة الأمن، أبلغه المبعوث البريطاني الى العراق جون ساورز "أدلة" تثبت محاولة ايران بسط نفوذها في جنوب هذا البلد. التقى رئيس الوزراء البريطاني مسؤولين مدنيين اميركيين وبريطانيين، اطلعوه على الوضع في المنطقة، فور وصوله الى البصرةجنوبالعراق صباح امس، في زيارة هي الأولى من نوعها لزعيم دولة في "التحالف" الذي أطاح الرئيس صدام حسين. وكان في استقبال بلير الذي وصل من الكويت على متن طائرة نقل من طراز "هيركوليس سي - 130"، قائد الفرقة الأولى للجيش البريطاني الجنرال بيتر وول، قبل ان يجري محادثات مع الحاكم المدني الاميركي الأعلى في العراق بول بريمر والمبعوث البريطاني جون ساورز. وقال ساورز انه ابلغ بلير وجود "أدلة" تثبت ان ايران تحاول بسط نفوذها الى جنوبالعراق، مشيراً الى "أدلة واضحة على ان الايرانيين يحاولون وضع آلية تسمح لهم بممارسة نفوذهم هنا". وذكر الموفد البريطاني ان رجال دين شيعة يحاولون فرض قيود على المواطنين في البصرة، بينها منع بيع الكحول أو إجبار النساء على ارتداء الحجاب. وزاد ان "رجال الدين حازمون جداً في شأن بيع الكحول والحجاب". لكنه ذكّر بأن الشيعة في العراق "عانوا القمع عشرات السنين ويريدون التمتع بالحرية الدينية"، واستدرك: "ليسوا جميعاً متشددين، ومن الخطأ القول ان ايران تسيطر عليهم". وجاء كلام ساورز مخالفاً لما أبلغه بريمر الى بلير عن "تزايد المخاوف من التيار الشيعي الذي تدعمه عناصر ايرانية". والتقى بلير تلامذة في مدرسة في البصرة، وزار أحد القصور التي كانت لصدام في ضواحي المدينة، حيث ألقى كلمة أمام القوات البريطانية، ثم توجه بمروحية الى أم قصر لتفقد طاقم احدى كاسحات الألغام في المرفأ. وقال بلير الأربعاء في الكويت: "أريد ان التقي القوات البريطانية واعبر لها عن شكري لأدائها الرائع خلال النزاع في الخليج. ومن المهم التعبير للقوات عن الشكر باسم البلاد لأن النزاع كان شديد القسوة". وبريطانيا أقوى حلفاء واشنطن في حرب اطاحة صدام، اذ شاركت ب45 ألف جندي قتل منهم 34 جندياً في أرض المعركة أو في حوادث. وعاد بلير الى الكويت مساء أمس، وهو أشاد أمام قصر صدام في ضواحي البصرة ب"شجاعة واحتراف" القوات التي قاتلت في العراق، وقال ل400 جندي: "الناس في بلادنا فخورون بما فعلتم". ورأى ان القوات البريطانية شاركت في "عمل تاريخي" بطردها نظام صدام. ولدى وصول رئيس الوزراء البريطاني الى البصرة، كانت الرسالة التي أبلغه إياها العراقيون انهم ما زالوا يعيشون حال خوف، على رغم اطاحة صدام، ويطلبون أفعالاً من بلير. ولم يتمكن كثيرون من رؤية الأخير، كما ان كثيرين شككوا في نتائج لزيارته. وقال محمد علي 76 سنة الذي يعمل خياطاً: "انه هنا للقاء جنوده، ولكن ماذا عنا؟ نحن في حاجة الى أمن والى ان تعود الحياة الى طبيعتها". ونالت القوات البريطانية في البصرة اشادة كبيرة لتمكنها من استمالة العراقيين، وعدم مبالغتها في التدخل في شؤونهم في ادارتها المدينة. ولم تسجل أي اشتباكات بينها وبين العراقيين، خلافاً لمناطق اخرى في العراق تسيطر عليها القوات الاميركية. لكن البصرة، لا يمكن وصفها الآن بأنها مدينة آمنة، اذ ينتشر فيها النهب والسطو، كما ان الذخيرة التي لم تنفجر تمثل خطورة كبيرة، ويطالب السكان والهيئات الانسانية بتحسين الوضع الأمني في اسرع وقت. وتتردد أصداء طلقات نارية في المدينة ليلاً في صورة متقطعة. كريم عبدالله محام متقاعد، رأى ان زيارة بلير كانت قصيرة جداً، وتساءل: "ما الذي يمكن ان يلمسه في يوم واحد؟ لدينا مشكلات يستغرق مجرد الاستماع اليها اسابيع".