هددت اسرائيل سورية بردّ عنيف في لبنان، في حال استهدف اي هجوم جديد مزارع شبعا، فيما أُذيع في بيروتودمشق بيان مشترك يحمّل الدولة العبرية مسؤولية عواقب اي عدوان على البلدين، رداً على تهديداتها اثر عملية "حزب الله" في المزارع اول من امس، حيث جرح اثنان من جنودها. وبدا ان التصعيد انتقل الى جبهة لبنان في وقت التقى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز للمرة الاولى منذ شباط فبراير الماضي. ورفض الوزير وصف اللقاء الذي استمر نحو ثلاث ساعات في لشبونة بأنه مفاوضات، مشدداً على ان توسيع المستوطنات جمّد، ولن تُصادر اراضٍ جديدة لبناء اخرى. راجع ص4 في غضون ذلك علمت "الحياة" من مصادر غربية ان اسرائيل أجرت تجربة ناجحة على الصاروخ البالستي المتوسط المدى "اريحا 2 - ب" الاربعاء الماضي وقالت المصادر ان الصاروخ الذي يبلغ مداه 1500 كيلومتر يطاول معظم العواصم العربية والمناطق الجنوبية لدول الاتحاد السوفياتي السابق. واشارت الى انه أُطلق من قاعدة بالماشيم لتجارب الصواريخ، جنوب تل ابيب. وبثت الاذاعة الاسرائيلية امس ان الدولة العبرية سترد على اي هجوم يستهدف مزارع شبعا المحتلة بضرب اهداف سورية في لبنان، ونقلت عن قائد سلاح الجو في الجيش ايلي شكيل قوله ان "اي نشاط ضد الجيش الاسرائيلي في الحدود الشمالية سيلقى رداً قوياً ضد من له نفوذ في لبنان". وزاد ان "حزب الله تصدى اخيراً لطائراتنا في كل طلعاتها فوق لبنان، واسرائيل تعلم انه يملك وسائل دفاعية ضدها، ويحاول تطوير قدراته لخرق الاجواء الاسرائيلية". واشار الى ان "الفلسطينيين يسعون الى شراء اسلحة وصواريخ مضادة للطائرات، وأطلقوا النار اكثر من مرة على الطائرات الاسرائيلية في الشهور الاخيرة". الى ذلك خيّم الهدوء الحذر امس على الحدود اللبنانية الاسرائيلية اثر عملية "حزب الله" والقصف الاسرائىلي الكثيف براً وجواً الذي شهدته مناطق محيطة بمزارع شبعا اول من امس. ومع هذا الحذر من امكان رد اسرائىلي انتقامي ضد لبنان والقوات السورية فيه، رجحت مصادر رسمية لبنانية ان تنجح الاتصالات الخارجية في لجم اي تصعيد اسرائىلي، لئلا تزداد الجهود من اجل التهدئة بين الفلسطينيين والاسرائىليين، تعقيداً في ظل التباين في الموقف بين واشنطن ورئىس الحكومة الاسرائىلية آرييل شارون في شأن الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وأشارت مصادر وزارية لبنانية الى ان المسؤولين السوريين غير مرتاحين، ضمناً، الى العملية التي نفذها "حزب الله" في مزارع شبعا، نظراً الى انها جاءت بعد الزيارة الناجحة للرئىس بشار الاسد لفرنسا، وقالت ان حساباتهم في هذا الاطار غير مطابقة لحسابات الحزب. وكانت التهديدات الاسرائىلية ادت الى اتصالات هاتفية بين وزيري خارجية لبنان محمود حمود وسورية فاروق الشرع، وصدر في نتيجتها، بعد ظهر امس بيان مشترك عن الوزارتين. وافادت معلومات من دمشق ان وجهات النظر كانت متفقة على ان المقاومة "تعمل بدوافع وطنية تصل الى درجة الاستشهاد والتضحية بالنفس، بالتالي فإن اعمالها النضالية للتخلص من الاحتلال الاسرائيلي لا تصدر بقرارات او بتعليمات من سورية او من اي جهة اخرى، انما تنبع من ايمانها بعدالة قضيتها وبتحرير كل شبر من اراضيها". وجاء في نص البيان المشترك الذي اذيع في دمشقوبيروت: "تابعنا التصريحات التي صدرت عن بعض المسؤولين في اسرائىل عن عملية مقاومة الاحتلال الاسرائىلي اول من امس في مزارع شبعا اللبنانيةالمحتلة، والادعاءات التي تضمنتها في شأن السلاح الذي تستخدمه المقاومة لمواجهة الاحتلال، والتهديدات الاسرائىلية لسورية ولبنان والتي جاءت على رغم ما ابلغه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الى لبنان من تعهد اسرائىل التوقف عن خرق اجوائه". وشدد البيان على اربع نقاط: 1- "ان اسلحة الدفاع عن النفس التي تمتلكها المقاومة لا يمكن مقارنتها بأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها اسرائىل وتهدد بها لبنان وسورية في استمرار. وأسلحة المقاومة لا تقارن بالطائرات الاسرائىلية التي تجوب يومياً سماء لبنان وتعتدي على اهلنا وأرضنا ومرافقنا وتخرق في استمرار حدود لبنان الدولية، وأسلحة المقاومة لا تقارن ايضاً بالمدفعية والدبابات الثقيلة التي تقتل الابرياء وتدمر البيوت وتحرق الاحراج والغابات. وكل هذه الاعتداءات انما هو استفزاز يجب ادانته، وعدوان على سيادة لبنان وحرمة اراضيه، على المجتمع الدولي المؤمن بالسلام العادل الشامل وضع حد له. 2- سبق للبنان قبل انسحاب اسرائيل من جنوبه في ايار مايو 2000 وبعد ذلك، ان اكد حقه الذي تقره شرعة الاممالمتحدة والمواثيق الدولية في تحرير ارضه بكل الوسائل المشروعة. 3- يرفض لبنان وسورية التهديدات ويحملان اسرائيل عواقب اي عدوان جديد، وما قد يترتب عليه من مضاعفات في المنطقة برمتها، ويلفتان انتباه المجتمع الدولي الى خطورة هذه التهديدات على الاوضاع المتدهورة في المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين. 4- يؤكد لبنان ومعه سورية التمسك بالشرعية الدولية وصيغة مدريد وضرورة تنفيذ القرارات 242 و338 و425، ومبدأ الارض في مقابل السلام" ولاحظت مصادر قريبة الى الأممالمتحدة ان الطيران الاسرائيلي لم ينفذ طلعات امس واكتفى بالتحرك اول من امس إثر عملية "حزب الله". ولفتت الى ان التعهد الذي ابلغه الممثل الشخصي للأمين العام ستافان دو ميستورا الى رئىس الجمهورية اميل لحود بعد ظهر امس، يشير الى التزام من وزير الدفاع الاسرائىلي ديفيد بن اليعيزر، قضى ب"تعليق الطلعات الجوية فوق بيروت وصور وصيدا وطرابلس وعمق الاراضي اللبنانية، بمفعول فوري". ولا يعني هذا الالتزام تعليقها في "الاجواء اللبنانية" قرب الحدود لأن الاسرائىليين يعتبرونها استطلاعية. عرفات - بيريز في لشبونة عقد ليل الجمعة السبت لقاء بين عرفات وبيريز استمر ثلاث ساعات. وشدد الوزير على انه لم يجر "مفاوضات" مع الرئيس الفلسطيني بل "محادثات قد تفيد في توضيح بعض النقاط" علماً ان الخارجية الاسرائيلية انتقدت علناً اللقاء، فيما اكدت مصادر اعلامية ان شارون اصر على الا يكون اللقاء منفرداً لئلا يفسر بوصفه رضوخاً" واستئنافاً للمفاوضات "على وقع النار". واكد بيريز ان توسيع المستوطنات الحالية "جمد" ولن تصادر بعد الآن اراضٍ جديدة للبناء عليها. ميدانياً سجلت امس انتهاكات اسرائيلية جديدة للاتفاق الذي توصل اليه وزير الخارجية الاميركي كولن باول مع عرفات وشارون في شأن "الاسبوع الهادئ". ولم تكتف اسرائيل بفرض اجراءات جديدة لتشديد الحصار على بعض المناطق الفلسطينية، بل توغل جيشها في اراض خاضعة للسلطة في قرية بيت ريما في الضفة الغربية.