ظهرت امس بوادر ازمة ديبلوماسية بين الاردنوقطر بعدما رفضت عمان عودة احد قادة حركة المقاومة الاسلامية حماس الذين كانت ابعدتهم الى الدوحة في ايلول سبتمبر من العام 1999. واكد مصدر اردني مسؤول ان سلطات امن مطار الملكة علياء الدولي رفضت امس السماح لإبراهيم غوشة، الناطق الرسمي بإسم "حماس"، بالدخول الى الاردن بعد وصوله على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية. وكشف المصدر ان السلطات الاردنية طلبت اعادة غوشة الى الطائرة التي أقلته لكن قائد الطائرة "ابلغ سلطات المطار بأن لديه تعليمات صارمة من الحكومة القطرية بألا يعيد المهندس غوشة الى الدوحة". وفي الدوحة، وجه رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" السيد خالد مشعل انتقادات شديدة للحكومة الأردنية، وقال: "اعطينا فرصة كافية استمرت سنة وسبعة شهور للمسار القانوني وللمساعي والوساطات الكريمة لمعالجة الأمر بالتفاهم والتراضي والمدخل السياسي، ولكن للأسف أوصدت الحكومة الأردنية في وجهنا الباب القانوني من خلال الرد بشكل متعسف". واوضح المصدر الحكومي الاردني ان سلطات المطار فوجئت بعد ظهر امس بوصول غوشة على متن الطائرة في الرحلة الرقم 404. وقال انها "بادرت الى ابلاغ المهندس غوشة بعدم امكان دخوله البلاد، وذلك بناء على اتفاق مسبق مع الحكومة يقضي بعدم السماح لمن هو في تنظيم غير اردني بأن يمارس نشاطاً سياسياً على الاراضي الاردنية"، واضاف ان "سفر قادة حركة حماس الى الدوحة كان بوساطة قطرية وبإتفاق مسبق، اذ حضرت الى عمان في حينه طائرة خاصة وعلى متنها وزير الدولة القطري واقلت قادة حماس الى العاصمة القطرية". واعرب المصدر عن "استهجانه ان تكون لدى قائد الطائرة تعليمات مشددة من الحكومة القطرية بألا يعيد المهندس غوشة الى الدوحة". واشار الى انه "لم يحدث اي تنسيق مسبق بين الحكومتين الاردنيةوالقطرية في هذا الشأن". ورجحت مصادر مطلعة ان بتم ابعاد غوشة الى اي بلد يوافق على استقباله، ما لم يتغير الموقف القطري. وتزامن توقيت عودة غوشة ومنعه من الدخول مع قرب الاعلان عن فض الدورة الاستثنائية لمجلس النواب الاردني واحتمال اعلان موعد للإنتخابات الاردنية التي يتوقع ان تخوضها الحركة الاسلامية بعدما قاطعت انتخابات العام 1997. وكانت مصادر قطرية ابلغت "الحياة" استياءها من عدم تنفيذ وعود كانت السلطات الاردنية اعطتها لحل مشكلة إبعاد قادة حماس، بمن فيهم مدير مكتبها السياسي خالد مشعل، في غضون بضعة اشهر بعد ابعادهم. ومن المعروف ان رئيس الوزراء علي ابو الراغب كان التقى مشعل في قطر على هامش انعقاد القمة الاسلامية في قطر العام الماضي، وتم الاتفاق على التوصل الى تسوية للأزمة. إلا ان الحكومة الاردنية عادت وكشفت ان قادة حماس رفضوا شروط عودتهم الى عمان، وهي تحظرعليهم ممارسة النشاط السياسي انطلاقاً من اراضيها، ما ابقى الوضع على حاله. واستنتجت مصادر اردنية ان بقاء قادة حماس في الدوحة "ربما يشكل ضغوطاً داخلية على الحكومة القطرية" بعد فشل وساطتها لإعادتهم الى عمان. وروى مشعل ل"الحياة" خلفية سفر غوشه، فقال "ان المسار السياسي لحل القضية أوصد من جانب الأردن من خلال كل الوساطات سواء القطرية أو الشخصيات الأردنية العديدة داخل الأردن، وتعاملت الحكومة الأردنية مع الأمر بلا مبالاة وباصرار على تجاهل حقنا والتعامل معنا كأن لا علاقة لنا بالأردن، وكأننا لم نعد أردنيين، لذلك لم يعد أمامنا وليس الأخ ابراهيم غوشه وحده، إلا أن يمارس كل منا حقه في أن يعود الى بلده، ومن هنا سافر غوشه أمس الى بلده"، وذلك في اشارة الى عزمه وعزت الرشق وسامي خاطر العودة ايضاً الى الأردن. وأفاد مشعل بأنهم أبلغوا الحكومة القطرية بقرار سفر غوشه "فنحن ضيوف ومن أدب الضيافة أن نبلغهم بالخطوة، وهم لم يتدخلوا في أمرنا وتفهموا خطوتنا". وسألته "الحياة" عما تردد بأن القطريين وافقوا على سفر غوشه من أجل احراج الأردن، فقال مشعل: "هذا كلام لا يستحق الرد لأن الذي أوجد المشكلة قبل عامين هو الحكومة الأردنية حين ظلمتنا وأبعدتنا، ومن ناحية أخرى نحن مارسنا من خلال سفر غوشه حقنا الطبيعي في العودة الى الأردن لا أكثر ولا أقل، ولم يكن في نيتنا أو في نية الحكومة القطرية احراج أحد". وعن مكان غوشه بعد سفره قال مشعل "انه بحسب معلوماتنا في مطار عمان حاولت السلطات الأردنية الضغط على كابتن الطائرة القطرية لإعادته الى الدوحة لكن الكابتن لم يقبل، كما رفض غوشه مغادرة المطار". وقال: "المفاجئ والمستهجن ان السلطات الأمنية في مطار عمان قالت في سياق ضغطها على كابتن الطائرة ان ابراهيم غوشه ليس أردنياً ولا نقبل دخوله". وأضاف ان غوشه "الذي خدم الأردن أكثر من 60 عاماً يصبح في لحظة غير أردني، مع انه سافر بجواز سفره الأردني و"جنسيته الأردنية هي حق أصيل له وليس طارئاً أو مكتسباً وليس لأحد منّة فيه". واعتبر مشعل ان منع دخول غوشه "مخالف للدستور الأردني ولحق المواطنة"، كما رأى ان ذلك المنع "يهدد المركز القانوني لشريحة كبيرة من الشعب الأردني من ذوي الأصول الفلسطينية"، كما شدد رداً على سؤال عما إذا كان المبعدون الثلاثة الآخرون سيتوجهون بدورهم الى الأردن، على "ان من حق الأخ غوشه والآخرين التمسك بمواطنتهم وان يزوروا بلدهم وهذا حق لا يستطيع أحد أن ينازعنا فيه". ودعا مشعل الحكومة الأردنية الى أن تحتكم الى "صوت العقل والمصلحة في سلوكها وتعاملها مع خطوة غوشه"، وقال: "يكفي ما مورس في حقنا من ظلم منذ عامين وآن الأوان لتصحيح الوضع الخاطئ السابق خصوصاً اننا لم نسيء لأحد ولم نزعزع استقرار أحد وانما مارسنا حقنا الطبيعي". وكان متوقعاً صدور بيان قطري لتوضيح ملابسات سفر المهندس غوشة وموقف الحكومة القطرية منه.