توصل الزعيم القبرصي التركي رؤوف دنكطاش ونظيره القبرصي اليوناني غلافكوس كليريدس أمس الى اتفاق على اطلاق مفاوضات مباشرة بين الطرفين في منتصف كانون الثاني يناير المقبل في قبرص. وأعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الفارو دي سوتو ان المفاوضات ستعقد "من دون شروط مسبقة"، مضيفاً "ان كل القضايا ستكون مطروحة على الطاولة". ولمح البيان الختامي الذي تلاه دي سوتو الى ان المفاوضات المقبلة يجب ان تسفر عن حل نهائي، إذ أكد ان الطرفين سيواصلان "التفاوض بنيّة حسنة حتى التوصل الى تسوية". وأن "لا اتفاق على قضية قبل الاتفاق على كل القضايا". كليريدس في الشمال وقال مساعد مقرب من كليريدس إنه سيكون أول رئيس قبرصي يسافر الى شمال قبرص اليوم في محاولة لانهاء التعثر في مساعٍ حل مشكلة تقسيم الجزيرة. وأضاف إن كليريدس قبل دعوة لتناول الطعام من دنكطاش. وستكون هذه المرة الاولى منذ عقود يقوم فيها رئيس قبرصي أثناء فترة ولايته بزيارة الشمال المنشق الذي أعلن دولة للقبارصة الاتراك منذ تقسيم الجزيرة عام 1974 عندما غزت تركيا شمال البلاد ردًا على انقلاب قصير الامد دبره الحكم العسكري القائم في ذلك الوقت في اليونان. وكان كليريدس ودنكطاش التقيا في حضور دي سوتو في لقاء قمة هو الأول بينهما منذ اربعة اعوام على الخط الأخضر الفاصل بين شطري قبرص الشمالي التركي والجنوبي اليوناني. واعتبر دنكطاش لقاءه مع كليريدس "مهماً وإيجابياً"، وأشار الى ان المفاوضات السابقة غير المباشرة التي لم تجمعه مع كليريدس وجهاً لوجه "قاصرة"، قائلاً انه يتوقع نتائج افضل وحواراً أوضح مع كليريدس مستقبلاً، معتبراً ان تاريخ 15 شباط فبراير المقبل انطلاقة جديدة. واعرب رئيس الوزراء التركي بولند أجاويد بدوره عن امتنانه لهذه التطورات، فيما عبّر كثير من المراقبين عن دهشتهم لتوصل الطرفين الى اتفاق خلال ساعة ونصف ساعة من لقائهما، بعد اربع سنوات من القطيعة وتبادل الاتهامات، وهو ما يشير الى وجود ضغوط اميركية وأوروبية جادة على الطرفين، خصوصاً الطرف التركي. وعلمت "الحياة" ان واشنطن ارسلت رسالة لأنقرة مفادها ان الولاياتالمتحدة لا تستطيع تقديم اكثر مما قدمته لتركيا في الشأن القبرصي. ودعت أنقرة الى تجنب السيناريو الأسوأ بضم الجزء الجنوبي الى الاتحاد الأوروبي والشمالي الى تركيا. وعبّرت واشنطن عن استيائها لحديث الجانب التركي المتكرر عن إلحاق شمال قبرص بها. وفي المقابل يضيق الوقت شيئاً فشيئاً قبل اعلان الاتحاد الأوروبي في قمة حزيران يونيو المقبلة نيّته ضم قبرص الى عضويته، ليكون ذلك الحد الفاصل والنهائي لتقديم أنقرة ما يمكنها لحل القضية القبرصية. وعبّر كليريدس عقب اللقاء عن تفاؤله بالمستقبل وأكد انه يرغب في ان يرى قبرص موحدة تنضم الى الاتحاد الأوروبي. تنازلات تركية من جهة اخرى اشارت مصادر ديبلوماسية تركية الى احتمال تنازل الجانب التركي عن صيغة الكونفيديرالية والعودة الى صيغة الفيديرالية ومقترحات الأمين العام للأمم المتحدة السابق بطرس غالي، في مقابل اعتراف القبارصة اليونانيين وبالمساواة بينهم وبين القبارصة الأتراك في الجزيرة والتخلي عن تصور الأقلية المقترح، اضافة الى قبول الجانب اليوناني باحتفاظ تركيا بوجود عسكري بسيط في الشطر الشمالي. ويرى احد المراقبين الأتراك بأن دنكطاش الذي يقضي مدة رئاسته الأخيرة وكليريدس الذي اعلن انه لن يرشح نفسه لولاية رئاسية مقبلة يرغبان في دخول التاريخ بصفتهما بطلي حل القضية القبرصية وليس من فجّر الخلاف فيها، خصوصاً بعد السنين الطوال التي جمعتهما طلاباً في كلية الحقوق، وفي النضال ضد الاحتلال الانكليزي، وخصمين على طاولة المفاوضات منذ عام 1978، ولعلهما بذلك يمهّدان لقضاء عطلة التقاعد سوياً لاستئناف صداقتهما التي نغصتها الخلافات السياسية بين قوميتيهما.