في غمرة الإتصالات التي يجريها المسؤولون العرب في واشنطن، أعلنت الإدارة الأميركية بصراحة أن حربها ضد "القاعدة" في أفغانستان لا تتأثر بأزمة الشرق الاوسط، في إشارة واضحة الى أن إطلاق مبادرة لحل الأزمة لا يشكل أولوية للولايات المتحدة اثناء خوضها الحرب ضد الارهاب. وأعلن الرئيس جورج بوش عشية إلقائه خطاباً في الأممالمتحدة التي كان من المتوقع ان تكون اجتماعاتها مناسبة لإطلاق مبادرة تتعلق بالازمة الفلسطينية - الاسرائيلية: "سنجلب القاعدة الى العدالة سواء بسلام في الشرق الاوسط او من دون سلام القاعدة". في غضون ذلك، تبددت إحتمالات لقاء بين الرئيس ياسر عرفات وبوش على هامش اجتماعات الجمعية العامة الاسبوع المقبل، اذ اكد مسؤول أميركي عدم وجود نية لعقد مثل هذا اللقاء. وقالت مصادر فلسطينية في نيويورك ل"الحياة" ان الادارة الاميركية ابلغت رسمياً الى وفد فلسطيني موجود في واشنطن يضم الدكتور نبيل شعث، ان بوش لن يلتقي عرفات. وكشفت ان عرفات ارجأ موعد وصوله الى نيويورك من الجمعة الى السبت تفادياً لوجوده في الأممالمتحدة اثناء خطاب الرئيس الأميركي صباح السبت وخلال مأدبة الغذاء التي يقيمها الامين العام كوفي انان ظهر اليوم نفسه. واعتبرت ان التأجيل هو بمثابة "الحل الوسط" بين الغاء الزيارة كلياً وبين وجود بوش وعرفات تحت سقف واحد دون عقد اللقاء. ومن المقرر ان يخاطب عرفات الجمعية العامة الاحد ويغادر نيويورك مساء اليوم نفسه. وتوقع مصدر في وزارة الخارجية الاميركية ان يلتقي عرفات مع كل من وزير الخارجية كولن باول ووزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز، ولم يستبعد احتمال حصول لقاء ثلاثي بينهم. وتقول مصادر ديبلوماسية أن إسرائيل نجحت في منع الولاياتالمتحدة من إعلان مبادرة او موقف سياسي في هذه المرحلة التي تسعى فيها واشنطن الى المحافظة على التحالف الدولي ضد الارهاب، عندما نفذت انسحابات من المناطق الفلسطينية واوقفت سياسة الاغتيالات. ويأتي تراجع الولاياتالمتحدة عن انتهاج سياسة أكثر فاعلية في أزمة الشرق الاوسط في وقت التقى فيه مسؤولون أميركيون عددا من وزراء الخارجية العرب، اذ التقى بوش وباول رئيس الوزراء الكويتي بالوكالة، وزير الخارجية الشيخ احمد الصباح الذي أعلن أمس أنه لمس جدية لدى بوش بضرورة حل قضية الشرق الاوسط، مشيرا الى ان الرئيس الاميركي منزعج من تدهور الاوضاع كلما تحقق تقدم في سبيل تطبيق "خطة تينيت" و"توصيات ميتشل". وقال الوزير الكويتي انه طالب الإدارة الاميركية بأن تدعم الرئيس ياسر عرفات لانه غير قادر على ضبط الاوضاع من دون مساعدة الولاياتالمتحدة. واشار الى انه شعر بأن باول اقرب الى العرب، لكنه يتعرض لمعارضة من عناصر في البيت الابيض. ومن المتوقع ان يلتقي بوش اليوم وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الذي ينقل رسالة من ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحرس الوطني الامير عبدالله بن عبد العزيز. كذلك التقى باول شعث والمفوضة الاعلامية في الجامعة العربية الدكتورة حنان عشرواي. وقال مصدر في وزارة الخارجية ل"الحياة" ان باول شدد على ضرورة تخفيف التوتر والحد من اعمال العنف واعتقال المسؤولين عن الهجمات ومحاكمتهم من اجل فتح المجال لاطلاق العملية التفاوضية. وكان شعث صرح للاذاعة الفلسطينية بأنه سيبحث مع الجانب الاميركي في تبني مبادرة اوروبية جرى صوغها في بروكسيل وتتألف من شقين: سياسي يتعلق باقامة دولة قادرة على الحياة وذات سيادة وعاصمتها القدس وحل عادل لبقية القضايا، وشق امني يقضي بتنفيذ توصيات "ميتشل" و"خطة تينيت" بوجود مراقبين دوليين. من جهتها، رحبت اسرائيل بتصريح بوش عن عدم الربط بين محاربة الارهاب وتسوية ازمة الشرق الاوسط، لكن وزير الخارجية المصري احمد ماهر رفض هذا الفصل اثر لقائه السفير الاميركي في القاهرة ديفيد ولش، وقال ان "الرئيس حسني مبارك اوضح بجلاء هذه النقطة عندما اكد ان ابقاء بؤرة التوتر في فلسطين يخلق احباطا ويأسا وغضبا" وان "كل الاعمال مرتبطة". كذلك قال وزير الحكم المحلي الفلسطيني الدكتور صائب عريقات تعقيبا على تصريحات بوش ان "الحديث عن مكافحة الارهاب في ظل استمرار الاحتلال الاسرائيلي هو أعلى أنواع الارهاب وتنقصه الصدقية"، مطالباً بطرح مبادرة دولية لتنفيذ قرارات الاممالمتحدة.