عندما دخل انغمار برغمان الى احدى قاعات مبنى التلفزيون السويدي مدعواً الى مؤتمر صحافي مفاجئ نظر الى الصحافيين مبتسماً ومعه زوجته السابقة الممثلة النروجية ليف أولمان والممثل السويدي الذي رافق برغمان في الكثير من أعماله السينمائية ارلاند جوسفسون. ثم صعد خشبة المسرح وقال بهدوء المبدعين: "أنا حامل. كما أقول لكم، أنا وجدت نفسي فجأة حاملاً وعلى وشك أن ألد تمثيلية جديدة". ثم شرح برغمان ان النص الجديد الذي انتهى من كتابته هو عمل تلفزيوني سيصنع خصيصاً للتلفزيون السويدي، وان ليف أولمان وأرلاند جوسفسون سيحصلان على الدورين الرئيسين في الفيلم الذي سيحمل عنوان "آنا". ونفى برغمان ان يكون العمل التلفزيوني الجديد تكملة لعمله الشهير "مشاهد من الحياة الزوجية" الذي بثه التلفزيون السويدي واكتسب شهرة عالمية. ولكن برغمان أشار الى أن "التلفزيون السويدي كان ايجابياً في قبوله تحويل النص الى فيلم كان ملحقاً ب"مشاهد من الحياة الزوجية" ولكن ليس تكملة له. وطبعاً "سررت كثيراً بالموافقة السريعة التي وصلت يومها من دون أية معارضة". فيلم برغمان الشهير "مشاهد من الحياة الزوجية" أدخله عالم الشهرة الواسعة لجمالية القصة وامتياز صناعته، فهو يحكي عن زوج وزوجة يشرحان مشكلاتهما الزوجية الى طبيب نفسي ويدخلان في تفاصيل زوجية يومية. ونجح برغمان في كتابة نص الفيلم بامتياز إذ لاقى اعجاباً واسعاً في الوسط الشعبي السويدي. ويتذكر برغمان "اجبرت في ذلك الوقت على أن أغير رقم هاتفي في فوراو بسبب كثرة الاتصالات من أشخاص اعتقدوا آنذاك انني أعطي نصائح زوجية". وشرح برغمان انه سيباشر قريباً تصوير هذا العمل الجديد قائلاً: ان كل مشاهد الفيلم التلفزيوني ستؤخذ في الاستديو وفي مقاطعة دالارنا جنوبالسويد. وتسابق الجمع الصحافي على طرح الأسئلة على برغمان. منذ بداية المؤتمر الصحافي شعر المرء انه يشاهد مسرحية "شي فاشل" لزياد الرحباني. فالتلفزيون السويدي بنى مسرحاً خصيصاً للمؤتمر الصحافي، ولكن فور صعود برغمان الى المسرح سمعت اصوات التقنيين داخل الكواليس يتشاجرون، ما دفع برغمان الى التوقف عن الاجابة عن الأسئلة وقال بصوت عال: "من الذي يتحدث بهذا الصوت العالي، افعلوا شيئاً لإسكاتهم فهم يتكلمون طوال الوقت وأنا أسمع كل ما يقولونه في الداخل". لم يشرح برغمان الكثير عن مضمون الفيلم الجديد وقاطع زوجته السابقة ليف أولمان وهي تتحدث الى الصحافيين وطلب منها ألا تبوح بأية تفاصيل عن الفيلم. ودخل على الكلام قائلاً :ان عنوان الفيلم آنا وأولمان وجوسفسون سيأخذان الدورين الرئيسين تماماً كما فعلا في فيلم "مشاهد من الحياة الزوجية". أضاف: "ان ماريان أولمان وجوان جوسفسون يبحثان عن بعضهما في العمل بعد افتراق دام 30 سنة. عندما يلتقيان من جديد تدور المشكلات بينها وبين ولده هنريك وحفيدته كارين". عنوان الفيلم هو اسم انثوي سويدي ولا يوجد له دور كبير في الفيلم سوى أن زوجة هنريك المتوفية التي لها صورة في الفيلم اسمها "آنا". ولكن برغمان يشرح ان آنا لها دور رئيس على رغم انها ليست موجودة شخصياً في الفيلم "فهي التي تحمل المشاعر الضائعة وهي التي جعلت الحياة أفضل وأسهل. هناك أشخاص مثل "آنا" في حياتنا اليومية"، بحسب ما يقول برغمان. ويضيف: هذه المرة لا يوجد أي شيء من حياته الشخصية في الفيلم "ولكني كنت شاهداً على الحادثة". برغمان الذي كان منشغلاً طوال فترة الصيف بترجمة مسرحية "الشبح" للكاتب النروجي ابسن، أعلن مراراً انه منشغل ولا يوجد عنده الوقت الكافي للأفلام. ويشرح "تماماً مثل سارا في الانجيل، تفاجأت انني مبارك وحامل في سن متقدمة. في البداية شعرت بالتعب ولكن بعد ذلك دخلت في مرحلة جميلة للغاية إذ شعرت بلذة العودة ووجدت نفسي منتهياً فجأة من كتابة فيلم تلفزيوني". ويضيف: "مجرد الدخول مجدداً الى الاستوديو يعطيني الشعور نفسه الذي كان ينتابني عندما كنت أفتح صندوق اللعب في سن الطفولة". ويقول: ان عمله التلفزيوني الجديد الذي سيحتاج الى فترة ثمانية اسابيع للتصوير، قابل لأن يصبح فيلماً سينمائياً، خصوصاً أن تصويره سيتم بكاميرات ديجيتال. لا يخفي برغمان مخاوفه من العمر، فهو وعندما يبدأ التصوير في العام المقبل سيكون أصبح في الرابعة والثمانين من العمر، وقد لا يتمكن من القيام بمهمته اللازمة لتكملة العمل حتى النهاية، لذا يشرح انه "في حال حصل لي أي سوء فنحن متفقون على أن تأخذ ليف أولمان مكاني. أنا وليف عملنا سوياً لسنوات طوال كما اننا صنعنا سوياً ابنة مشتركة". بالنسبة الى الممثلة ليف أولمان فالفليم حدث مميز لها، خصوصاً أنها انقطعت عن التمثيل منذ عشر سنوات للعمل في الاخراج السينمائي. ومع الفيلم الجديد تعود مجدداً الى عالم الأفلام حيث لم يتمكن أحد من استرجاعها الى عالم الأفلام الا انغمار برغمان.