قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل "الحياة" ان انعقاد مؤتمر الدول المانحة للمساعدات يخضع الى عملية تجاذب بين لبنانوالأممالمتحدة والبنك الدولي، ومن ورائه الولاياتالمتحدة الأميركية، ان لجهة زمان انعقاده أو مكانه. وقالت هذه المصادر ان الاتصالات التي كانت باشرت فيها اليابان، قبل حصول الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان، لاستمزاج آراء الدول المانحة في انعقاد المؤتمر، كانت توصلت الى نتائج أولية قضت بموافقة بعض الدول على ان ينعقد في العاصمة اليابانيةطوكيو. ومع ان تولي الامانة العامة للأمم المتحدة هذه الاتصالات عند بدء الانسحاب الاسرائيلي، حجب نتائج الاتصالات اليابانية، فإن طوكيو سترسل هذا الاسبوع وفداً من وزارة الخارجية والهيئات المولجة مساعدة الدول النامية في اليابان، للقيام بجولة في جنوبلبنان من أجل دراسة حاجاته الاقتصادية والانمائية العاجلة والبعيدة المدى، تمهيداً لوضع دراسة في هذا الخصوص. الا ان الاتصالات التي اجراها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ومساعدوه في هذا الصدد، سواء مع لبنان أو الدول المانحة، أدت الى اقتناع انان بفكرة عقد المؤتمر في بيروت، التي اقترحها رئيس الحكومة وزير الخارجية الدكتور سليم الحص. وفي المشاورات التي اجرتها الأممالمتحدة في هذا الشأن برزت ملاحظات على الفكرة، واقتراحات بديلة كالآتي: 1- طلب لبنان ان ينعقد المؤتمر في بيروت، قبل أواخر تموز يوليو المقبل. لأن تأخيره الى ما بعد هذا التاريخ يعني انه سيؤجل الى الخريف نظراً الى ان شهر آب اغسطس يشهد في ز أوروبا ومعظم الدول فرصة سنوية تمتد حتى أواسط ايلول سبتمبر. 2- ابدى البنك الدولي رغبة في عقد المؤتمر في شهر ايلول، وفي أوروبا، لا في لبنان، بفعل حجج عدة، منها ان لبنان مقبل على انتخابات نيابية في شهر آب وانه لا بد من ان يكون المسؤولون منشغلين بها. وبقيت الامانة العامة للأمم المتحدة مؤيدة للرأي اللبناني وجوب انعقاد المؤتمر قبل نهاية تموز. 3- اقترح لبنان، كحل وسط، لاصرار البنك الدولي على عقد المؤتمر نهاية الصيف، وفي اوروبا وتحديداً في باريس لأن الرئيس الفرنسي جاك شيراك ساهم شخصياً في الاتصالات الدولية الهادفة الى تشجيع انعقاد المؤتمر، ان ينعقد على مرحلتين: الأولى في بيروت، وقبل نهاية تموز، على مستوى سفراء الدول المانحة اذا تعذر تمثيل بمستوى اعلى. وتدرس المرحلة الأولى الحاجات وتقر مبدئياً مبدأ المساعدات وتمهد لتحديد الارقام التي يمكن للدول المانحة ان تسهم عبرها في انماء الجنوب. والمرحلة الثانية، تقضي بأن ينعقد أواخر الصيف، في باريس، على مستوى الوزراء في الوزارات المعنية بتقديم المساعدة للبنان، أو على مستوى المدراء العامين لهذه الوزارات، اذا تعذر التمثيل الوزاري. ويتم في المرحلة الثانية اقرار المبالغ التي يمكن لهذه الدول ان تساهم فيها في خطط اعادة اعمار الجنوب. الا ان صدور معلومات من واشنطن، عن انها تربط بين تشجيعها على انعقاد المؤتمر، ونشر لبنان قواته في الجنوب، وضع شكوكاً حول اسباب هذا التجاذب وخلفياته، في شأن موعد انعقاد المؤتمر ومكانه. الا ان مصادر لبنانية رسمية قالت ل"الحياة" انها لن تعلق على ما نشر عن الموقف الاميركي، مشيرة الى أن الجانب الأميركي "لم يتحدث في لقاءات السفير في بيروت ديفيد ساترفيلد مع كبار المسؤولين عن نشر الجيش في الجنوب، بل يتحدث عن نشر القوات المسلحة وقوات الأمن. كما انه لم يربط انعقاد المؤتمر أم لا، بعملية نشر هذه القوات". أضافت المصادر: "ان الجانب الفرنسي هو الذي يطالبنا بنشر الجيش، لا الجانب الأميركي. وفي كل الأحوال نحن مستمرون في اتصالاتنا من أجل عقد المؤتمر في بيروت، وقبل نهاية تموز ولن نعلّق على ما نشر في صدد الموقف الأميركي لأن أي جهة اميركية لم تبلغنا به رسمياً". وأوضحت المصادر الرسمية: "في كل الأحوال فإن لبنان يسعى في اتصالاته من أجل عقد مؤتمر، الى حث الدول المانحة على عدم الاكتفاء من المؤتمر بانعقاده لمجرد الصورة، خصوصاً ان تجربة لبنان مع نتائج مؤتمر "اصدقاء لبنان" الذي انعقد في واشنطن قبل سنوات كانت غير مشجعة لأن الدول التي التزمت تقديم مبالغ محددة لم تسدد ما وعدت به من مساعدة".