اتخذت قضية حرية التعبير في مصر أبعاداً جديدة، إثر قرار نيابة أمن الدولة أمس محاكمة الأديب صلاح الدين محسن بتهمة "الإساءة إلى القرآن الكريم". وجاء القرار وسط زخم الأزمة التي فجرتها صحيفة "الشعب" لسان حال حزب العمل المعارض ذي التوجه الإسلامي ضد الطبعة المصرية من رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر، وبعد يومين على توجيه التهمة ذاتها إلى الأديبين إبراهيم أصلان وحمدي أبو جليل، لمسؤوليتهما عن نشر الرواية ضمن سلاسل تصدرها وزارة الثقافة المصرية راجع ص 5. ورد وزير الثقافة فاروق حسني بعنف على المطالبين باستقالته، وقال ل"الحياة": "لن استقيل ولن أخضع لابتزاز أصحاب هذه الحملة" الذين وصفهم بأنهم "يتخذون من الدين مطية لأغراض سياسية". وطالب ب"محاكمة" صحيفة "الشعب" والقائمين عليها لأنهم "اجتزأوا من الرواية ما يسيء الى الدين ونشروه" وهم بالتالي "أولى بالرحيل وبالمحاكمة". ودافع مجدداً عن الرواية التي "تبجل الدين إذا قرئت متكاملة" بينما اصحاب الحملة "هم وحدهم الذين نشروا الكفر، وهذه مسألة لا بد أن يحاسبوا عليها". واعتبر الوزير أن المسألة "سياسية بالدرجة الأولى"، وتوعد مثيري الحملة قائلاً: "لن أتركهم، أنا وراءهم مهما طال الزمن. وإذا كان رحيلي يريحهم عليهم أن يفكروا في شيء آخر"! وأعرب عن تقديره شجاعة المشرف على سلسلة "آفاق الكتابة" التي اصدرت الرواية، ابراهيم أصلان، مناشداً المثقفين المصريين "ممارسة دور أكبر لتنوير المجتمع وشرح أبعاد الأزمة للرأي العام، وتفسير معنى الرواية وتعدد الأصوات فيها". وأكد ثقته بالقضاء المصري، وقال: "طالما الرواية حوّلها رئيس الحكومة الدكتور عاطف عبيد الى شيخ الأزهر، فأنا مطمئن، لأنه رجل مستنير كان دائماً مع الحقيقة ولا يهاب أحداًَ". وستبدأ محكمة أمن الدولة في 17 حزيران يونيو المقبل، محاكمة صلاح الدين محسن بعدما وجهت إليه النيابة اتهامات ب"الإساءة إلى الأديان وتهديد الأمن والسلام الاجتماعي والعمل لنشر الفتنة في المجتمع"، وهي اتهامات يعاقب عليها القانون بالسجن 5 سنوات. وكانت السلطات المصرية اعتقلت الكاتب في آذار مارس وأحالته على النيابة التي قررت حبسه احتياطاً بعدما أخضعته للتحقيق في شأن عبارات وردت في كتب أعدها، تحمل عناوين: "الشيخ الشعراوي وأحمد عدوية"، و"ارتعاشات تنويرية" و"زمن البيب والزبيب" و"لا أحب البيعة" و"تحرير الرجل" و"الصعود الى السماء" و"دليل العشاق والمغرمين" و"مذكرات مسلم" إضافة إلى رواية "عبعاطي". واستدعت النيابة رئيس اتحاد الكتاب الشاعر فاروق شوشة وسألته عن كيفية انضمام محسن إلى اتحاد الكتاب، فذكر أنه لم يطلع على أعماله!