في تطور جديد لقضية رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر في مصر، وجهت نيابة أمن الدولة العليا أمس تهمة "نشر مطبوعة تدعو الى العيب في الذات الإلهية والاساءة الى الاسلام والاخلاق العامة" الى اثنين من المسؤولين عن نشر الرواية هما رئيس تحرير سلسلة "آفاق الكتابة"، التي صدرت عنها الرواية، الأديب إبراهيم أصلان ومدير تحرير السلسلة القاص حمدي أبو جليل. وخضع الاثنان لتحقيقات استمرت نحو عشر ساعات انتهت في الصباح بإطلاقهما بضمان بطاقتي هويتهما، ولم توجه النيابة التهمة ذاتها الى رئيس هيئة قصور الثقافة الناقد علي أبو شادي والأمين العام للنشر الشاعر محمد كشيك اللذين خضعا للتحقيق ايضاً، بعدما رأت أن وظيفتهما لا تحملهما مسؤولية نشر الرواية. وجاء التطور الأخير وسط زخم الأزمة التي فجرتها صحيفة "الشعب" لسان حال حزب العمل ذي التوجه الاسلامي حول الرواية. وأوضحت مصادر قانونية أن توجيه الاتهام الى أصلان وأبو جليل "يعني أن القضية مفتوحة"، وأن التحقيقات فيها "ستتواصل الى أن تفصل النيابة بشكل نهائي في البلاغات التي قدمها عدد من المواطنين بينهم المحامي عبدالحليم رمضان". وعلمت "الحياة" ان التحقيقات شملت علاقة المواقع التي يحتلها الأربعة بإصدارات وزارة الثقافة وانهم قدموا الى النيابة تقريراً أعدته لجنة علمية تضم مثقفين وأدباء فحصوا الرواية وخلصوا إلى ان اعادة نشرها "لا يمكن ان تعد مساساً بالدين"، وان ما قيل عنها "فيه تجن كبير عليها وتحريف لمواضعها وتقليل من قيمتها الفنية المتميزة". وكان رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد رفع التقرير المذكور الذي نشرته "الحياة" أمس الى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي ليفصل في القضية، وتركزت اجابات الاربعة على اسئلة النيابة في "أن الرواية مطبوعة منذ العام 1983 وتوزع في مصر منذ ذلك الوقت ولم تعترض أي جهة"، وان المطبوعات الأجنبية تدخل البلاد بعد إقرارها من جهاز "الرقابة على المطبوعات" ما يعني ان أي جهة رسمية لم تعترض على طرحها في الاسواق المصرية"، وان الحملة "اعتمدت على اقتناص عبارات وردت في الرواية من سياقها العام". وأعرب أصلان عن ثقته في القضاء المصري، ووصف الحملة على الرواية بأنها "مفتعلة". وقال ل"الحياة": "لست في حاجة لتأكيد عمق ايماني وتكفي الاشارة الى ان صاحب البلاغ لم يقرأ الرواية أصلاً، وإنما بنى موقفه على مواقف آخرين منها". في حين أعرب أبو شادي عن اقتناعه بأن ما يحدث "عبارة عن موقف سياسي تدفع الثقافة المصرية ثمنه"، وقال إن "عمليات التهييج والاثارة قبل الانتخابات البرلمانية سهلة جداً باستخدام الدين، وفي غياب الوعي لدى البعض قد يصور الباطل وكأنه حقيقة". واعتبر ان النيابة "تقوم بواجبها في التحقيق وفحص بلاغ قدم لها"، وأعرب أبو جليل عن أمله في أن تظهر التحقيقات حقيقة القضية، مشيراً الى أن الرواية "تضم شخصيتين ملحدتين و20 شخصية أخرى إسلامية".