استردت العملة الاوروبية الموحدة اليورو بضع نقاط مقابل الدولار خلال الايام الاخيرة من الاسبوع الماضي، لكنها لم تنجح في عكس اتجاهها التراجعي على مدى الاشهر الستة الاولى من عمرها. ولم تفد من آفاق السلام التي لاحت في الايام الاخيرة في اجواء البلقان. وكان سعر صرف "اليورو" بلغ 1.182 دولار مطلع السنة انخفض في الايام الاخيرة من هذا الاسبوع حتى 1.030. وبينما اعتبر محافظ البنك المركزي الالماني هانز تيتماير تراجع العملة الاوروبية "نبأ سيئاً" فان محافظ البنك المركزي الاوروبي فيم دويزنبرغ يلازم الصمت حيال انخفاض العملة الموحدة وانزلاقها الى مستويات تقاربها من التساوي الكامل مع الدولار. وقال المحلل الاقتصادي في بنك "بروكسيل لامبيرت" الاستاذ في الجامعة الكاثوليكية جان كلود كويين ل"الحياة" ان التساوي بين الدولار واليورو لا يزعج المصدرين الاوروبيين بل يخدم مصالحهم، لكنه قد لا يجذب رؤوس الاموال الخارجية نحو السوق الاوروبية لأن اسعار الفائدة فيها منخفضة الى مستويات قياسية. وذكر بيان القمة الاوروبية التي عقدت في كولون الاسبوع الماضي ان القادة الاوروبيين "لا يقلقون من التطور الحالي لقيمة اليورو وان آفاقه في المدى المتوسط والبعيد تظل حسنة". وعلّق كويين قائلاً: إن البلدان الاوروبية لا تتردد في التذكير بتصميمها التقيّد بسياسات التقشف والضغط على الانفاق العام. الا ان موافقة وزراء المال في اجتماعهم في العاشر من شهر ايار مايو الماضي على ان تخفف ايطاليا من ضغطها على عجز الموازنة والسماح برفعه من نقطتين الى 4.2 في المئة في 1999 أدى الى تأويلات سلبية في اسواق المال. وفهم القرار بمثابة التراخي في تنفيذ مقتضيات ميثاق الاستقرار الاقتصادي والنقدي الذي يقيّد بلدان الاتحاد الاوروبي. وعكس تراجع اليورو طوال ايام الاسبوع الماضي قلق اسواق المال من احتمالات تراخي الحكومات الاوروبية في تنفيذ سياسات التقشف ومن انخفاض معدلات النمو الاقتصادي في السوق الاوروبية خلال النصف الاول من السنة الجارية. وتفسر مصادر المفوضية الاوروبية التراجع المستمر الذي سجلته قيمة العملة الاوروبية على الصعيد الداخلي بتراجع معدلات النمو الاقتصادي في الاشهر الاخيرة، لكنها تبدو مقتنعة باتجاهها نحو الارتفاع في النصف الاول من السنة. وشجع البنك المركزي الاوروبي، ومقره في فرانكفورت، المستثمرين وبادر في الفترة الاخيرة الى خفض معدلات اسعار الفائدة الى مستويات قياسية نحو 2.5 في المئة. وفي المقابل فإن النمو المطرد والمرتفع الذي سجلته السوق الاميركية فاق معظم التوقعات في نهاية العام الماضي ودفع قيمة الدولار واسعار الفائدة نحو الأعلى على حساب العملات الدولية الاخرى. وتلاحظ مصادر مصرفية ان اختلاف التصريحات بين وزراء المال الاوروبيين حول قيمة اليورو من شأنه اشاعة الغموض في صفوف المتعاملين والشكوك حول استقلالية البنك المركزي الاوروبي. وتمقت اسواق المال تضارب تصريحات المسؤولين السياسيين، ولذلك حاول وزراء المال على هامش اجتماعات القمة الاوروبية وضع اتفاق حول صيغ عملية تمكن تفادي تناقض التصريحات وتأثيراتها السلبية في قيمة "اليورو". وقال وزير الدولة للشؤون المالية الالماني كوش فايزر ان توزع المسؤوليات واضح في ما بين المؤسسات الاوروبية "ولم يغيّر الوزراء الاطار وانما أساليب العمل".