بدأ التداول رسمياً امس الاثنين بالعملة الاوروبية الموحدة، اليورو، في اسواق العالم. وسجل اليورو في يومه الاول في اوروبا بداية قوية، ليبلغ في احدى مراحل التداول 1.1913 ازاء الدولار، في الوقت الذي رحّبت الاسواق بالعملة الموحدة كبديل محتمل للدولار الاميركي الذي يهيمن على الاسواق منذ اكثر من نصف قرن. وواصل اليورو ارتفاعه منذ بدء التداول به في آسيا عند 1.1750 دولار وحتى انتقال التداول الى اوروبا، قبل ان يتراجع الى 1.1800 في الثاثة و40 بتوقيت غرينتش، علماً ان ادنى مستوى سجله في التداولات الاوروبية ا مس كان 1.1695 دولار. ومع هذه البداية القوية لليورو وسط ترحيب عارم به في اوروبا، اعرب متداولون عن خشيتهم من تدخل مبكر للبنك المركزي الاوروبي الذي يرأسه ويم دويزنبرغ، مخفضاً اسعار الفائدة على العملة الجديدة. وأبدى عدد من المسؤولين السياسيين والمصرفيين الاوروبيين ارتياحه للطريقة التي استقبل بها اليورو في اسواق القطع امس. وقال جان كلود تريشيه حاكم المصرف المركزي الفرنسي ان الاسواق استقبلت اليورو "استقبالاً جيداً"، مشيراً الى ان أنظمة التحول الى اليورو عملت بشكل جيد ايضاً. لكنه رفض التعليق على التكهنات باحتمال تدخل البنك المركزي الاوروبي للحد من الارتفاع الكبير في قيمة اليورو. ويذكر ان تريشيه هو مرشح سابق لمنصب رئيس البنك المركزي الاوروبي. من جهته، قال ارنست فلتكي عضو مجلس ادارة البنك المركزي الالماني بوندسبنك انه يستبعد حدوث ركود رويترز في منطقة اليورو وانه لا يتوقع تغييراً في اسعار الفائدة في البنك المركزي الاوروبي قبل بروز تغييرات في البيانات الاقتصادية مشيراً الى ان التصريحات الاخيرة لدويزنبرغ عن استقرار اسعار الفائدة في المستقبل القريب ستظل قائمة "لفترة" على الاقل. اما المستشار الالماني غيرهارد شردور، فقال ان اليورو سيعزز مركز اوروبا في الاسواق المالية الدولية، فيما ركز وزير المال الفرنسي دومينيك شتروس - كان على مقدرة اليورو في المساعدة على تعزيز النمو وخفض نسبة البطالة في اوروبا. لكن في بريطانيا، التي لم تنضم الى المرحلة الاولى من الوحدة النقدية ولم يشملها اطلاق اليورو الخميس الماضي، فقد اعلن محافظ بنك انكلترا المركزي إدي جورج ان سياسة بلاده بالنسبة لاسعار الفائدة رويترز ستتأثر حتماً بالاحداث التي تجري في فرانكفورت مقر البنك المركزي الاوروبي. فيما اكد رئيس الوزراء توني بلير مجدداً ان الوقت لم يحن بعد لانضمام بلاده الى منطقة اليورو. وكتب بلير في النسخة الأسبوعية من صحيفة "وول ستريت جورنال" انه "ليس من مصلحة بريطانيا ان تفعل ذلك في هذه المرحلة… ما زالت دائرتا الاقتصاد البريطاني والاوروبي متباعدتين". وفي زوريخ قال برنو غيريغ، عضو مجلس ادارة البنك المركزي السويسري ان استقرار اليورو قد يساعد على زيادة فرص انضمام سويسرا المحايدة الى الاتحاد الاوروبي يوما ما. من جهته، قال جيف ستريت، احد المتداولين بالعملات في "بنك ناسيونال دو باري" في لندن ل "الحياة" ان بداية اليورو كانت "هادئة" وان حجم التداول لم يكن كبيراً. لكنه اكد قوة اليورو والتي تواصلت منذ بدء التداول في سيدني. وتوقع ستريت اغلاقاً لليورو عند 1.1850/ 1.1800 دولار. ووصف اليوم الاول للتداول باليورو بأنه "بداية واثقة" للعملة الجديدة. وتوقع ان يتم خفض الفائدة على اليورو في نهاية الربع الاول من السنة الجارية ب 0.25 في المئة من 3 في المئة حالياً. وقد رحبت بورصات منطقة اليورو أ ف ب، المانيا والنمسا وبلجيكا واسبانيا وفنلندا وفرنسا وايرلندا وايطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والبرتغال، بالبداية القوية للعملة الجديدة، ورحبت خصوصاً بدخولها الاسواق من دون عقبات تقنية. وسجلت بورصة باريس ارتفاعاً زاد على 5 في المئة، واقتفت اثرها بورصتا مدريد وميلانو، وزاد حجم التداول عما هو متوقع. لكن لا بد من التريث بضعة ايام للتأكد تماماً من ان جميع الانظمة المعقدة قد استوعبت جيداً العملة الجديدة. فاليورو يعتبر منذ 1 كانون الثاني يناير العملة الشرعية لپ291 مليون اوروبي. وباتت العملات الوطنية ل 11 دولة من اصل 15 دولة في الاتحاد الاوروبي تدور في فلكه. اما بالنسبة للتسلسل الزمني للتداول باليورو امس، فان العملة الجديدة خطت اولى خطواتها في الاسواق الدولية، في سيدني، حيث بلغ سعرها 1.1747 دولار. وقال خبير الاقتصاد روبرت هايارد من "بنك اوف اميركا" في لندن ان "التحول جرى بهدوء. وبدأ المتداولون شيئاً فشيئاً يتعودون على ذلك". وهو يتوقع ان يرتفع اليورو ازاء الدولار في الايام القليلة المقبلة الى 1.20 دولار. كذلك اعلن البنك المركزي الاوروبي امس انه اطلق بنجاح نظام "تارغيت" الذي يسمح بالتداول باليورو بالنسبة للمدفوعات بمبالغ مرتفعة عبر الحدود على الصعيد الاوروبي. وبدأ هذا النظام بالعمل كما هو مقرر في السادسة صباحاً بتوقيت غرينتش. ويعتبر هذا النظام ضرورياً ليس لحسن سير عمليات التبادل بين المصارف فحسب بل وخصوصاً كي يتمكن البنك المركزي الاوروبي، الذي بات يملك زمام الامور بالنسبة للسياسة النقدية في منطقة اليورو من تأدية عمله بشكل صحيح. ويشار الى ان اطلاق اليورو كان تم الخميس الماضي في بروكسيل حيث جرى تحديد اسعار الصرف لعملات الدول ال 11 ازاء اليورو. وستدخل العملة الجديدة الاستخدام الفعلي سنة 2002 عندما تطرح اوراق نقد اليورو في الاسواق وتسحب منها عملات الدول الپ11 المنضمة الى المرحلة الاولى من الوحدة النقدية. غير انه يمكن استخدام اليورو الآن للمشتريات غير النقدية بالشيكات وبطاقات الائتمان والشيكات السياحية.