يتوقع مصرفيون استمرار اتساع الفارق بين سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة يورو والدولار الأميركي خلال الأسابيع القليلة المقبلة وتزايد اقبال المستثمرين على الدولار لأسباب عدة من بينها استمرار النمو في الولاياتالمتحدة وتباطؤه في منطقة اليورو. وعلى رغم ان اليورو تحسن نسبياً يوم الخميس الماضي عقب استقالة وزير المال الالماني اوسكار لافونتين، الا انه فقد معظم الزيادة في اليوم التالي نتيجة اقتناع الاسواق ان المعطيات الاقتصادية في الدول الاوروبية الداخلة في منطقة اليورو لم تتغير باستقالة وزير المال الالماني. وسجل اليورو في نهاية التعامل يوم أول من أمس 1.09 دولار مقابل 1.1 يورو في نهاية التعامل يوم الخميس. وفقد اليورو منذ منتصف شهر كانون الثاني يناير الماضي حتى نهاية الاسبوع الماضي، 10 في المئة من قيمته مقابل الدولار. وجرى تداوله في الأسواق بقيمة 1.18 دولار مطلع السنة الجارية وتراجع بشكل منتظم خلال شهر شباط فبراير وبداية آذار مارس وتم صرفه بقيمة 1.08 في نهاية تداولات الاسبوع الماضي. وكانت العملة الأوروبية كسبت ثقة أوساط المال منذ بدء تداولها في الرابع من كانون الثاني الماضي. واستقطبت 50 في المئة من اصدارات السندات الدولية مقابل 40 في المئة بالنسبة للسندات بالدولار الأميركي. وتعتبر الاصدارات مؤشر ثقة في العملة الأوروبية اذا ما قورنت بالمستويات التي سجلتها الاصدارات بالعملات الأوروبية في الشهر نفسه عام 1998. وكانت العملات الأوروبية استقطبت في بداية العام الماضي 35 في المئة من الاصدارات الدولية مقابل 35 في المئة بالدولار. ولا يشكو المصدرون من تراجع سعر اليورو لأنه يعزز منافسة منتجاتهم مع الصادرات الأميركية واليابانية. وقال كبير الاقتصاديين في مصرف "جينرال دي بنك" في بروكسيل بيتر برات ان استمرار النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة عزز جاذبية الدولار للمستثمرين الذين يراهنون على رفع مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الأميركي أسعار الفائدة الأميركية الى أكثر من خمسة في المئة لتفادي ارتفاع التضخم. وفي المقابل فإن معدلات النمو في السوق الأوروبية تميل نسبياً نحو الأسفل خصوصاً في النصف الأول من السنة الجارية. وتنتظر الأوساط الاقتصادية تقرير فصل الربيع الذي ستصدره المفوضية الأوروبية في نهاية شهر آذار مارس الجاري في شأن توقعات النمو في السنة الجارية. وتذكر تقديرات أولية ان المعدلات ستنخفض من ثلاثة في المئة في العام الماضي الى 2.6 في المئة السنة الجارية. ويتباطأ النمو بشكل خاص في كل من المانيا وايطاليا اللتين تمثلان نصف اجمالي الناتج المحلي في منطقة اليورو. وتستبق أسواق المال في مثل هذه الحالات قرارات البنوك المركزية والسلطات السياسية. وأقبلت في الاسابيع الأخيرة على شراء العملة الأميركية على حساب العملة الأوروبية. وتضغط الأوساط السياسية الأوروبية، خصوصاً في صفوف أحزاب اليسار، على البنك المركزي الأوروبي من أجل خفض أسعارالفائدة الرئيسية دون مستواها الحالي البالغ ثلاثة في المئة. وكان الجدل القائم بين وزير المال الألماني المستقيل أوسكار لافونتين ورئيس البنك المركزي الأوروبي فيم دوزنبرغ أثار شكوك المستثمرين في تماسك العملة الأوروبية، لكن استقالة لافونتين يوم الخميس الماضي خففت بعض الضغوط السياسية على رئيس البنك المركزي. وتميل الحكومات التي تواجه مصاعب اجتماعية الى المطالبة بخفض أسعار الفائدة ورفع المعدلات الضريبية على المؤسسات. ويعترف مصدر رسمي في المفوضية بأن انسجام الأنظمة الضريبية على صعيد الاتحاد ككل من شأنه تعزيز مصداقية العملة الموحدة في أسواق المال. وقال جان كلود كويين كبير المحللين في بنك "بروكسيل لمبير" ان انعدام الانسجام بين البلدان الأعضاء يطال أيضاً القضايا السياسية مثلما يؤكده الضعف الأوروبي في تسيير أزمة البلقان، أو المفاوضات الشاقة التي تخوضها البلدان الأعضاء حول خفض المعونات للمزارعين والمنح وتقليص حجم المساعدات الانمائية التي تقدمها الصناديق الأوروبية لتنمية المناطق الفقيرة داخل الاتحاد، مشيراً الى أن المناخ السائد يبدو غير ملائم لتعزيز قيمة اليورو ويرجح احتمالات استقراره عند مستواه الحالي. لكن الوضع الاقتصادي في السوق الأوروبية لا يثير التشاؤم على المدى المتوسط، ويتوقع ان يستعيد اليورو بعض ما فقده لأن المعطيات الأساسية للاقتصاد الأوروبي تظل ايجابية. وتواصل البلدان الأعضاء الضغط على مستويات العجز لخفضه ما دون ثلاثة في المئة، كما تواصل الضغط على معدلات التضخم. ويتوقع الخبراء تزايد الاقبال على اليورو عندما ستشتد أزمة ميزان المدفوعات الأميركي، إذ بلغ عجزه 300 بليون دولار في الوقت الحاضر في حين يسجل الميزان الأوروبي رصيداً ايجابياً، وهو عنصر اضافي يرجح فرص استعادة العملة الموحدة قيمتها الحقيقية بالمقارنة مع الدولار الأميركي.