الحمدانية الجزائر - أ ف ب - حركة الشاحنات المملوءة بالبضائع والحافلات التى تغص بالمسافرين لا تنقطع على طريق الحمدانية، هذه الطريق الرئيسية التى تصل بين الجزائر العاصمة وأقصى الجنوب، وسط الغابات الجبلية التى تعتبر أهم معاقل الجماعات الاسلامية المسلحة. الحمدانية، هذا المحور الاستراتيجي في المبادلات بين الشمال والجنوبالجزائري حيث آبار النفط والغاز، عادت الى سابق عهدها فى النشاط الاقتصادي منذ ان عزز الجيش الجزائري انتشاره فيها. وهجر المسافرون والعاملون في قطاع النقل البري الطريق الاخرى التي تعبر تابلاط بعد ان تعرض العديد من الاشخاص الى الهجمات و"الحواجز المزيفة" التي تنصبها الجماعات الاسلامية المسلحة. وأول ما يقابل المسافرين القادمين من البليدة الى المدية 50 و90 كلم جنوب العاصمة قبل الوصول الى هذا المحور اللافتة الي ترفعها الحمدانية للترحيب بالقادمين اليها بالعربية والفرنسية والانكليزية في مضيق الشفة ومنعرجاته الواقعة في قلب الجبال التي تكسوها الغابات حيث يصول ويجول عنتر زوابري زعيم "الجماعة الاسلامية المسلحة". وتحولت قرية الحمدانية الى مرفأ امان يلوذ به المسافرون ليتذوقوا فى مطاعمه القليلة المشويات التى تشتهر بها المنطقة الغنية بالمواشي. آلاف الشاحنات والسيارات بدأت تشق طرقات هذه القرية الصغيرة التي هاجر سكانها المئة في 1993 عندما كانت الجماعات الاسلامية المسلحة تزرع الرعب. وقربها او فيها لقي المئات حتفهم في حواجز مزيفة او في اعتداءات بالمتفجرات. وقال عمار الذي يعمل في احد المطاعم: "فررنا عندما كان الوضع لا يطاق ونحن نعلم ان المنطقة ما زالت تعج بالارهابيين ولكن بفضل الجيش استتب الأمن على الطريق بين البليدة والمدية وفي امكاننا ان نسير في امان يكاد يكون تاماً خلال النهار". ويتبين للمسافر فعلاً انتشار الجيش الجزائري بكثافة على طول العشرين كيلومترا التي تشكل الطريق الكثيرة المنعطفات في مضيق الشفة حيث وزعت المواقع المحصنة ومراكز المراقبة بمعدل موقع تقريباً واحد فى كل كيلومتر تقريباً. وزود بعض هذه المواقع بمدافع مسددة الى الجبال حيث تختفي الجماعات المسلحة. كما فتح الجيش مسالك في الجبال للوصول الى قممها والقيام بعمليات تمشيط. وتبدو بعض المناطق الجبلية وقد احرقت تماماً ليتمكن الجيش من رصد تحرك الجماعات المسلحة بوضوح. وعلى رغم هذه التعزيزات التي يمكنها ايضاً الاستعانة بقوات الجيش المرابطة في البليدة حيث توجد اكبر منطقة عسكرية في البلاد، فان حركة السير تتوقف عند الغروب. وقال عمار: "لا يبيت هنا الا المغامرون. لكن ذلك لا يقلل من انتعاش النشاط الاقتصادي". واصبح الموقع فعلاً معروفاً لدى سائقي الشاحنات الثقيلة في طريقهم الى الصحراء. وقال احد السائقين وهو يوقف شاحنته المحملة بحديد البناء في موقف المطعم المكتظ بالسيارات: "عندما أعلم انني سأمر بالحمدانية يحلو لي ان اتوقف لتناول شيء من اللحم المشوي او البيض ... انه لذيذ هنا وقد تغير المكان تماما عما كان عليه منذ بضعة اشهر وازدهرت مطاعم الرصيف".