رفض رئيس محكمة أمن الدولة في تركيا طلب محامي عبدالله اوجلان احالة القضية الى محكمة مدنية بحجة عدم اختصاص المحكمة الحالية التي تضم عسكرياً. وطلب اوجلان الكلام قبل قراءة عريضة الاتهام فتقدم بالاعتذار من عائلات "شهداء الجنود الاتراك"، وقال إنه يشاركهم احزانهم، وأكد انه لم يتعرض لأي ضغط منذ "احضاره" الى تركيا، ولم يتعرض لأي نوع من المهانة او التعذيب، ويريد ان يساهم في احلال السلام بين الاتراك والاكراد، واضاف ان حياته مهمة لتحقيق هذا الهدف. وبعد الاعتذار حذر اوجلان من اصدار حكم باعدامه لأن ذلك سيزيد الامور سوءاً وسيسبب "قتل الآلاف من الابرياء". وتابع "اعطوني فرصة ثلاثة اشهر فقط لأنهي هذا الصراع". وسئل اوجلان عن علاقته بسورية فنفى ان تكون قدمت اليه اي مساعدة رسمية اساسية. وبدأت امس اولى جلسات محاكمة اوجلان امام محكمة أمن الدولة، وسط اجراءات امن مشددة واهتمام اعلامي كبير، اذ شهدت مدينة موضانيا الساحلية حركة غير عادية منذ الصباح الباكر، وتجمع المئات من اهالي المدينة عند الميناء ليشاهدوا 130 شخصاً "محظوظين" سمح لهم بحضور الجلسة، وهم يستقلون سفناً "عسكرية" خاصة اقلتهم الى جزيرة امرالي حيث قاعة المحكمة، وكان في انتظارهم جنود من القوات الخاصة فتشوهم بدقة واخذوا بصمات اصابعهم ولم يسمح لهم باصطحاب ساعاتهم او اقلامهم او اي شيء خاص بهم. وحرصت السلطات التركية على الفصل بين اقارب اوجلان ومحاميه وبين عائلات الجنود الاتراك الذين حضروا المحاكمة، سواء خلال ذهابهم الى الجزيرة او في قاعة المحكمة لتجنب اي صدام بين الطرفين، إذ يقيم افراد المجموعة الاولى في مدينة"جامليك" القريبة من موضانيا ويستقلون سفينة خاصة بهم ويدخلون المحكمة من باب خاص. وحضر اوجلان الجلسة متأخراً، بعدما اخذ الجميع مكانه، وأكد القاضي عليهم التزام الهدوء وعدم اثارة ضجة. وبدا اوجلان في قفصه الزجاجي مرتبكاً ومذهولاً، ولكن في صحة جيدة. وسارع محاموه قبل بداية الجلسة الى طلب الغاء القضية وتحويلها الى محكمة مدنية الا ان رئيس المحكمة رفض طلبهم. وافتتح الجلسة، واعلن اثنان من محامي اوجلان انسحابهم من القضية، وطلب اوجلان من رئيس المحكمة الكلام، فأبدى ندمه واعتذر من عائلات "شهداء الجنود الاتراك" واشار الى انه يريد تحقيق السلام في تركيا والحفاظ على وحدة اراضيها مؤكداً انه يستطيع ان يفعل ذلك في حال ابقت المحكمة على حياته، مكرراً ما قال بعد القاء القبض عليه. واستغل اوجلان وجود الاعلام ليتهم روسيا وايطاليا واليونان وكينيا بالتخلي عنه وبالاخلال بالقانون الدولي. ويرى المراقبون ان في ذلك رسالة الى اتباعه في تلك الدول يحضهم فيها على القيام بنشاطات ضد مصالحها. ويؤكد المراقبون ان اوجلان اعتاد على هذا الاسلوب في توجيه حزبه في السابق. الا انهم يشيرون الى ان قاعدة الحزب في شمال العراق اعادت ترتيب صفوفها من جديد ولم يبق لأوجلان أي تأثير عليها. ولم يوجه أوجلان أي لوم إلى اميركا أو اسرائيل لعلمه ان مجموعات حقوق الانسان قد تتدخل لمساعدته ولأنها الاقدر في التأثير على تركيا على عكس الدول الاوروبية التي اصبحت انقرة لا تعير لها اي اهتمام. وعلى رغم ان مذكرة الادعاء قد تم عرضها على وسائل الاعلام قبل تسليمها الى المحامين - وهو امر مخالف للقانون - الا ان المدعي العام اعاد قراءة ال139 صفحة من المذكرة كاملة على مسمع من اوجلان. وبانتهاء الادعاء رفع القاضي الجلسة على ان تستأنف اليوم، ومن المتوقع ان يبدأ اوجلان بالدفاع عن نفسه، ويذكر انه قد جهز 120 صفحة تحتوي على رسائل سياسية لا علاقة لها بمذكرة الادعاء والاتهامات التي جاءت فيها. وفيما تستمر الحملات الدعائية ضد اوجلان فإن بعضاً من الجمعيات الانسانية في تركيا بدأت تطالب بتعديل قانون محاكم امن الدولة وسحب القاضي العسكري من المحاكمة. وبدأت وسائل الاعلام تجري مقارنات بين محاكمة اوجلان والمحاكمات المشابهة لها في اوروبا مؤكدة ان بريطانيا - على سبيل المثال - اعدت محاكمة خاصة لمتمردي الجيش الجمهوري الايرلندي تشبه محاكمة اوجلان الحالية، وذلك للتأكيد على ان محاكمته تجري في ظروف قانونية على المستوى الاوروبي.