قال مراقبون في أسمرا أمس إن اعلان الولاياتالمتحدة قبول اثيوبيا واريتريا وقف الغارات الجوية المتبادلة يُعتبر نجاحاً ديبلوماسياً لاريتريا بعدما أشارت التقارير إلى كسبها الجولة عسكرياً في جبهات القتال المتعددة. ويستند المراقبون في ذلك إلى أن اريتريا نجحت في فك عزلتها في الحصار غير المعلن الذي فرضته اثيوبيا عليها في المجالين الجوي والبحري. وأشاروا إلى أن القيادة الاريترية ركزت في محادثاتها مع الوفد الأميركي الذي زار أسمرا أخيراً برئاسة ديفيد دان، مسؤول شرق افريقيا في وزارة الخارجية، على موضوع الحصار في شكل أساسي ولم تتطرق إلا بصورة هامشية إلى مسألة المبادرة الأميركية - الرواندية المطروحة أصلاً لحل النزاع. وأعلنت اريتريا غير مرة تحفظها عن هذه المبادرة. وكشفت مصادر اريترية مطلعة ل "الحياة" أسباب تحفظ أسمرا عن المبادرة. وقالت إن القيادة الاريترية لم تكن تتحفظ عن المبادرة نفسها باعتبار أنها تحمل الأفكار نفسها التي طرحتها في بداية الأزمة في مطلع أيار مايو الماضي، وإنما كانت التحفظات عن الآلية والظروف التي صاحبت طرح المبادرة الأميركية - الرواندية. ولخصتها هذه المصادر في ثلاث نقاط أساسية هي: أولاً، تعتقد السلطات الاريترية أن الوفد الذي باشر هذه الوساطة برئاسة سوزان رايتس مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية لم تكن على دراية كافية بأصل النزاع مع قلة خبرتها في اسلوب تعاطيها مع أزمة بهذا الحجم. وكان الوفد يبحث عن حل "مبسط وسريع"، على حد تعبير الرئيس الاريتري أساياس أفورقي. ثانياً، شعرت الدوائر الرسمية الاريترية بالريبة بعد معلومات توافرت لديها تشير إلى أن السلطات الاثيوبية أبلغت مسبقاً بعض الدوائر الأميركية بعزمها على قصف مطار أسمرا. ولم يتطرق وفد الوساطة الأميركية - ولو تلميحاً - إلى ذلك، مع أن اريتريا تُعد أيضاً صديقاً للإدارة الأميركية. وكان الوفد غادر اثيوبيا عشية القصف الذي تعرض له المطار. ثالثاً، زادت مخاوف اريتريا بعد قيام الولاياتالمتحدة باجلاء بعض رعاياها قبل ساعات معدودة من القصف، وكذلك جلاء رعايا دول أخرى لاحقاً. وفُسر هذا الأمر كأنه ضوء أخضر للحكومة الاثيوبية لقصف أسمرا. ولا تزال التحفظات الاريترية عن المبادرة الأميركية قائمة حتى الساعة، على رغم ان الخطوة الجديدة التي قبلتها اثيوبيا بوقف الغارات الجوية يمكن أن تساهم إلى حد ما في إزالة بعض هذه التحفظات. ويميل كثير من المسؤولين الاريتريين إلى الاستناد إلى وساطة اقليمية، لا سيما إذا ما كانت في الإطار الافريقي لتصبح مخرجاً للتحلحل من المبادرة الأميركية، غير ان الحلول الاقليمية إلى الآن ما زالت تساند المبادرة الأميركية نفسها. وعسكرياً، إلى أن تأخذ أي من المبادرات وضعها الطبيعي الذي يرتضيه كلا الطرفين، من المتوقع ان يسفر التوتر في الجبهات الحدودية بعد الحشود الكبيرة التي دفع بها الطرفان إلى اندلاع معارك ضارية، تساعد أي طرف على تعزيز موقفه التفاوضي في حال أخذت الحلول السياسية مجراها الصحيح. فهل يكون وقف الغارات الجوية المتبادلة خطوة أولى نحو صمت المدافع بين أسمرا وأديس ابابا؟