«الفرحة في كرة القدم تتبخر سريعاً»، هذا لسان حال أفراد المنتخب الإسباني وإن كابروا، بعد الإقصاء السريع من مونديال البرازيل، كان لاعب الوسط تشابي ألونسو اعتبر الخسارة أمام هولندا (1–5) قبل أسبوع الأقسى التي يتعرض لها «لاروخا» منذ 1963، واقترنت أول من أمس بالسقوط أمام تشيلي. والغريب أن ألونسو ورفاقه لم يجدوا سبباً لهذا التقهقر، كما تذرع بعضهم بأن «التشكيلة غير جاهزة معنوياً وبدنياً، فلم تساعدنا في أن نكون بأفضل حال ومستوى». من قمتي أوروبا والعالم إلى الحضيض، هذه مسيرة منتخب إسبانيا، دخل المنافسة حاملاً للقب ومرشحاً للاحتفاظ به، وترجل عن «المسرح» يجر أذيال الخيبة. ردد أنصاره: «إنه كابوس، عار وذل»، فيما دافع آخرون مذكرين بأن «هؤلاء اللاعبين جلبوا لنا الفرح، وأنسونا أعباء اقتصادنا وفساد قادتنا»، وفاخروا بأن ما من منتخب أحرز ثلاثة ألقاب رئيسة توالياً (بطولة أوروبا 2008 و2012 وبطولة العالم 2010). حتى ساعات قبل الخسارة أمام تشيلي، كان ألونسو وسيرجيو راموس يرفضان مقولة أن زمن «تيكي تاكا» ولّى، وتجنبا تبرير ما حصل أمام هولندا، خصوصاً توقف «ماكيناتهم» في الشوط الثاني، الذي شهد عجزها بالكامل وتسيد «الطواحين»، وقالا: «التبريرات والأعذار لغة المهزومين، نحن أبطال العالم، إنها مجرد كبوة والمهم تجاوزها»، لكن أول من أمس كان لسان حال الجميع: «ارتكبنا أخطاء كثيرة، انتهت حقبة وستبدأ أخرى». حضر المنتخب الإسباني إلى البرازيل ولائحته تضم 16 لاعباً متوجاً في جنوب أفريقيا قبل أربعة أعوام، ومجموع ما خاضوه 1376 مباراة دولية، ورد المدير الفني ديل بوسكي على المشككين في قدرة المخضرمين على العطاء المطلوب، بأنه يملك مجموعة ناضجة، وليست متقدمة في السن، لكنه عانى وأمضى دقائق ثقيلة في مواجهتي هولنداوتشيلي. عزا بعضهم حال «لاروخا» إلى الإرهاق جرّاء الموسم الأطول في أوروبا، معطوفاً على نهائي دوري الأبطال الذي جمع ريال مدريد وأتلتيكو مدريد، وأوردت صحيفة «بايس» إحصاء يفيد بأن كل لاعب منهم خاض ما مجموعه 3458 دقيقة (38.3 مباراة). واعتبر خبراء أن تراكمات عدة تسببت في هذا الوداع المثير للشفقة، لكن «حكم الإعدام لا يجوز بلا محاكمة، فهو بمثابة قتل متعمد»، غامزين أصحاب الذاكرة الضعيفة الذي ينسون سريعاً ما حققته التشكيلة الذهبية. ومع المطالبة بالتعاضد والتضامن والمؤازرة في هذه الظروف الصعبة، وعدم تبرؤ المعنيين من المسؤولية ورميها على أكتاف نفر قليل، يبدو أن تغييرات ستطرأ، لكنها لن تكون ثورية في المرحلة الأولى، وبدت حقبة ديل بوسكي البارع في تدوير الزوايا في سنتها الأخيرة كمن لا يحمل مبضعاً لاستئصال الورم، بل ليرمم الجروح، ما أفقد «لا روخا» ماء الوجه. وبدا أن مسحة التفاؤل المستقبلية لم تغب عن رد فعل ديل بوسكي، الذي ضمّنه الإشارة إلى توافر عناصر واعدة من خلال فريق رائع تحت 21 عاماً، توّج بلقب كأس أوروبا أمام إيطاليا (4-2). ومع لاعبين من طراز تياغو الكانتارا (بايرن ميونيخ)، كوكي (أتلتيكو مدريد)، إيسكو أو أسيير أيارامندي (ريال مدريد) يستطيعون تسلّم عصا البدل، ينتقل «لا روخيتا» إلى الموقع الأول ويخلف تشافي ورفاقه، على غرار ما قام به المدرب الراحل لويس أراغونيس عام 2006، حين دفع بجيل راؤول غونزاليس إلى التقاعد، وفتح الباب أمام جيل تشافي وإينيستا، الجيل الفريد من نوعه، فقوبل بالانتقادات قبل أن يستقبل بالإطراء والتقدير، وترفع له القبعات.