جوزيف عون يرسم خارطة سياسية جديدة للبنان    خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    "الزكاة والضريبة والجمارك" تُحبط محاولتي تهريب أكثر من 6 كيلوجرام من "الشبو"    ارتفاع أسعار النفط بدعم من زيادة الطلب على الوقود    الكرملين: بوتين جاهز للتحاور مع ترمب بدون شروط مسبقة    فن الكسل محاربة التقاليع وتذوق سائر الفنون    «عباقرة التوحد»..    أنشيلوتي معجب ب «جماهير الجوهرة» ويستعد لمواجهة برشلونة    أدباء ومثقفون يطالبون بعودة الأندية الأدبية    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الخروج مع الأصدقاء الطريق نحو عمر أطول وصحة أفضل    وزارة الثقافة تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    ريال مدريد يتأهل لنهائي السوبر الإسباني على حساب ريال مايوركا ويلاقي برشلونة    الحمار في السياسة والرياضة؟!    ماذا بعد دورة الخليج؟    عام مليء بالإنجازات الرياضية والاستضافات التاريخية    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    أسرار الجهاز الهضمي    إنجازات المملكة 2024م    «سلمان للإغاثة» يوزّع مواد إغاثية متنوعة في سوريا    الصدمة لدى الأطفال.. الأسباب والعلاج    كيف تكسبين زوجك؟!    «متطوعون» لحماية أحياء دمشق من السرقة    «الأوروبي» في 2025.. أمام تحديات وتوترات    سبب قيام مرتد عن الإسلام بعملية إرهابية    سالم ما سِلم    العقل والتاريخ في الفكر العربي المعاصر    الألعاب الشعبية.. تراث بنكهة الألفة والترفيه    المقدس البشري    الرياض تستضيف الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    جودة القرارات.. سر نجاح المنظمات!    لا تحرره عقداً فيؤذيك    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    مريم بن لادن تحقق انجازاً تاريخيا وتعبر سباحة من الخبر الى البحرين    نجاح المرأة في قطاع خدمة العملاء يدفع الشركات لتوسيع أقسامها النسائية    أفضل الوجبات الصحية في 2025    ثنائية رونالدو وماني تقود النصر للفوز على الأخدود    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من رئيس السنغال    حقيقة انتقال فينيسيوس جونيور إلى دوري روشن    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    «الجوازات»: اشتراط 30 يوماً كحد أدنى في صلاحية هوية مقيم لإصدار تأشيرة الخروج النهائي    المرور السعودي: استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في جازان    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية ال8 لمساعدة الشعب السوري    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    من أنا ؟ سؤال مجرد    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    «الثقافة» تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان (القذافي وأنا – 2)
نشر في الحياة يوم 14 - 09 - 2011


القذافي وأنا – 2
الشاعر قال سميت إنساناً لأنك ناسٍ، والناس تنسى، وقد نسيت الكثير إلا أنني لا أزال أذكر زيارة معمر القذافي بيروت سنة 1970، وهي لا بد سبقت أيلول (سبتمبر) لأن جمال عبدالناصر كان لا يزال حياً. كنت طالباً في الجامعة ورئيس نوبة في وكالة رويترز، وانتقلت من مبنى «الأونيون» في منطقة الصنائع الى كلية الحقوق المجاورة وسمعته يلقي محاضرة.
بعد المحاضرة جلست وبعض الزملاء الصحافيين معه وسأله أحدهم: الأخ العقيد أنت تزوجت مرة ثانية. لماذا؟ ورد العقيد: تعرف يا أخ أن الزواج نصف الدين فأحببت أن أكمل ديني. واعتقدنا أنه يمزح فضحكنا، إلا أنه كان يتحدث جاداً.
كان خفيف دم من دون قصد ولولا دم الليبيين الذي أهرقه عبر 42 سنة عجافاً لضحكنا معه، إلا أنه كان مجرماً بلا عقل، وبعكس صدام حسين الذي كان مجرماً ذكياً يعرف ما يريد حتى غلبت نزعات الجريمة فيه عقله.
بعد 40 سنة من تلك المقابلة اليتيمة في بيروت رأيته مرة ثانية، فقد دخلت قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في مثل هذا الشهر السنة الماضية، وهو يصرخ ويهذي ويمزق أوراقاً، وبعض أعضاء الوفود يمل ويترك القاعة، وآخرون يعتبرون أنهم في مسرحية ويتابعون كلامه ساخرين، والأعضاء العرب محرجون أن رجلاً متخلفاً عقلياً يمثل أحد الشعوب العربية.
بين المقابلتين ارتكب معمر القذافي كل جريمة ممكنة وكان أسوأها بحق شعبه، إلا أن بعض جرائمه الأخرى لم أجد له تفسيراً، فهو جريمة من أجل الجريمة، مثل الفن للفن، فقد أيد الإرهابيين من جيش التحرير الإرلندي من دون أن يكون على نزاع كبير مع بريطانيا، وأيد إرهابيين في أفريقيا، وكان وراء حوادث إرهابية من تفجير مقهى لابل في برلين الى إسقاط الطائرة الأميركية فوق لوكربي.
كنت بعد رؤية القذافي ومتابعة عمله في بداية حكمه قررت أنني لا أستطيع التعامل معه، وقاطعت ليبيا مع أن لي أصدقاء كثيرين من الليبيين في الخارج، ولم أزر طرابلس حتى اليوم (وهو ما فعلت مع صدام حسين فأنتظر فرصة أن أزور بغداد للمرة الأولى وعندي دعوة من الرئيس جلال طالباني الذي يرفض أن أخاطبه بأكثر من مام جلال).
كيف استمر معمر القذافي في حكم الليبيين أو قتلهم واضطهادهم 42 سنة؟ الغرب باع الليبيين من أجل النفط، وبعض الدول العربية مسؤول لأنه تعامل مع القذافي واستفاد منه، وبعض الصحافة مسؤول بدوره، فأنتظر أن يفرج نظام الثورة عن أوراق النظام السابق لنقرأ أسماء المتعاملين والمتعاونين والمستفيدين من سياسيين وصحافيين ورجال أعمال كانوا يطبّلون للأخ العقيد ويزمرون، وطبعاً يقبضون.
أريد أن أعترف بالخطأ بدوري، ففي الثمانينات دافعت عن نظام القذافي ووقفت ضد الغارة الأميركية في 15/4/1986 على طرابلس عندما قيل إن ابنته بالتبني قُتلت، ثم تبيّن بعد سقوطه أنها لا تزال حية. كان دفاعي عن بلد عربي فلم أتصل بالنظام إطلاقاً، ولم أتعامل معه. وفي النهاية ثبتت عليه تهمة الإرهاب في داخل ليبيا وخارجها، وأصبحتُ أنتقد، ومرة أخرى من دون أي اتصال، مباشر أو غير مباشر، بالنظام.
معمر القذافي انتهى كما يستحق، جرذاً مذعوراً في مجرور، بعد أن اتهم الثوار بأنهم جرذان، فأثبتوا أنهم أبطال وأنه الجرذ الذي ابتليت به ليبيا والأمة كلها معها.
اليوم لا أملك إلا بعض الذكريات التي لم أنسها، ومنها أنه عرض الوحدة على مصر، وزحف عليها برجاله، إلا أن النظام في مصر رفضه. أعتقد أن الوحدة كانت أفادت مصر وليبيا، فالشعبان يكمل أحدهما الآخر، وكذلك موارد البلدين ولو أن الليبيين أُنقذوا من الأخ العقيد في السبعينات أو الثمانينات لما كنا وصلنا الى المواجهة الدامية الأخيرة.
ثم أتذكر الصديق عبدالحميد البكوش، وأمامي أرقام هواتفه في الإمارات العربية المتحدة، التي صعب عليّ أن أتلفها بعد وفاته. كم كان سيسعد لو أنه عاش ليرى نهاية القذافي.
أنتظر أن أقول في القذافي: اللهم لا شماتة، ولكن نحمده إن أماته.
[email protected]
- عيون وآذان (القذافي وأنا – 1)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.