هل يختفي موقع «فايسبوك» خلال 10 أو 15 سنة، ويصبح ذكرى لتجارب الوجود الاجتماعي الافتراضي، على غرار ما كانته مواقع «جيوسيتيز» GeoCities و «ماي سبايس» My Space في سنوات ماضية؟ ربما بدا السؤال نافراً بالنسبة لجمهور «فايسبوك» في الدول العربية، إذ بات اسماً يومياً فيها، بل ورمزاً للحرية في العالمين الواقعي والافتراضي معاً. لكن المسألة قد تظهر في شكل مختلف في الغرب. في التفاصيل أن شركة «ميدياستو» Media Stoe، المختصة في بحوث الإعلام، توقّعت تضاؤل عدد مستخدمي موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي في السنوات المقبلة، ما قد يفقد الموقع المكانة التي يحتلها حاضراً. وصرّح المدير العام للشركة محمد الزبير بأن وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، «تُشكّل طفرة مرحلية قابلة للزوال خلال فترة زمنية محدودة». وضرب الزبير مثلاً تجربة موقع للتواصل الاجتماعي هو «ماي سبايس»، الذي تلاشى خلال زمن قصير، على غرار ما حدث أيضاً مع تجربة «جيو سيتيز» الذي انهار بسرعة قياسية بعد رواج ضخم في سنواته الأولى. والمعلوم أن «جيو سيتيز» تأسّس في أواخر عام 1994 من طريق شبكة «بيفرلي هيلز». وتمثلت فكرته في إمكان أن يختار الشخص مدينة افتراضية لإنشاء صفحته الخاصة، أو منزله الافتراضي، فيها. وسرعان ما اشترت شركة «ياهو» العالمية هذا الموقع. وعقدت عليه أمالاً عريضة. وبعد عشر سنوات، أعلنت «ياهو» أن الموقع سيوقف خدماته في الولاياتالمتحدة في 26 تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2009. واختفى «جيو سيتيز» عن خريطة الشبكة العنكبوتية الدولية، على رغم أن عدد قاطني مُدنه الافتراضية وصل إلى 38 مليوناً! وأضاف الزبير: «تدور بعض الأسئلة حاضراً حول انتقال جمهور أميركا الشمالية، وهي موطن إطلاق «فايسبوك»، إلى استخدام مواقع أخرى. ويرى البعض أن سبب هذه الظاهرة يعود الى التشبع الزائد في استخدام موقع فايسبوك، ما ولّد انطباعاً عند البعض بأن فايسبوك ليس إلّا ظاهرة عرضية قد تزول قريباً». ووفقاً لتقرير ل «ستو ميديا»، خسر موقع «فايسبوك» قرابة 6 ملايين مستخدم في الولاياتالمتحدة في شهر حزيران (يونيو) الفائت. وتناقص جمهوره أميركياً من 155.2 مليون شخص الى 149.4 مليون. وهي المرة الأولى التي يحدث فيها تناقص في عدد مستخدمي «فايسبوك» منذ أكثر من سنة. كما خسر الموقع قرابة 1.52 مليون مستخدم في كندا، ما يمثّل 8 في المئة من جمهوره الكندي، فيما خسر مئة ألف مستخدم في كل من المملكة المتحدة والنروج وروسيا. ولا يزال عدد مستخدمي «فايسبوك» يتزايد بنسبة 1.7 في المئة سنوياً، لأسباب عدّة تتضمن رفع الحظر عن الوصول إليه في دول عدة مثل المكسيك والبرازيل. ولا يتردد المراقبون في القول إن الخسارة في بلد المنشأ، على رغم النمو عالمياً، تشير إلى وجود نواة ضعيفه كامنة في دواخل «فايسبوك». ويشير هؤلاء إلى نمو متصاعد في الدول الغربية لمواقع مثل «تمبلر» و «تويتر» و «انستاغرام» وغيرها، التي توفر خدمات جزئية (ولكنها متطوّرة نوعياً) بالممقارنة مع الخدمات العامة لموقع ال «فايسبوك». ويشير نجاح «تويتر» المختصّ في النصوص القصيرة، إلى إقبال واضح من الجمهور على هذا النوع من الخدمة النوعية الجزئية. وفي السياق عينه، يشدّد بعض الخبراء، بينهم الزبير، على مشاكل متتالية في عمل «فايسبوك» بات الجمهور يضيق بها، خصوصاً ما يتصل بمسألة خصوصية المعلومات الشخصية ومدى حمايتها في هذا الموقع. ويُعتقد أن هذا النوع من المشاكل، إضافة إلى الإشكاليات المتصلة بموضوع الملكية الفكرية، ساهمت في تقويض تجربة «جيو سيتيز». هل يتنبّه «فايسبوك» إلى دروس التاريخ القريب للإنترنت، أم يستمر في خدر النوم على وسادة نجاحاته الراهنة؟ سؤال ربما تأتي الإجابة عنه قريباً.