الأرجح أن مارك زوكربرغ، وقد كان طالباً جامعياً في العام 2004 حين أسس موقع «فايسبوك»، لم يتوقع أن تنتشر حمى الشبكات الاجتماعية الرقمية لتصل إلى ما هي عليه حاضراً. وبالعودة إلى ذلك الزمن، اقتصر الموقع الذي أطلقه زوكربرغ على طلاب جامعة هارفارد الأميركية. مع تواتر أحداث القصة الذائعة الصيت عن رواج «فايسبوك»، التقطت شركات المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة، هذه الظاهرة منذ بدايتها وواكبتها بيقظة وعمدت إلى الاستفادة من الإقبال على استخدام الشبكات الاجتماعية، عبر ابتكار تطبيقات تتواءم مع هذه الشبكات، كما تستفيد من جمهورها المتوسّع باستمرار. فمثلاً، يصعب العثور على هاتف ذكي Smart Phone لا يحتوي على تطبيق للتعامل مع الشبكات الاجتماعية («فايسبوك»، «تويتر»،»ماي سبايس»...)، بل بات الجمهور ينظر إلى هذا المنحى كمقياس لمدى كفاءة الهواتف الذكيّة. في الهوس الشبكي للتلفزيون يمكن القول من دون الكثير من المجازفة، إن الشبكات الرقمية الاجتماعية بدأت فكرة في رأس طالب لامع الذكاء، ثم صارت هوساً مستديماً عند جمهور الإنترنت والخليوي. بموازاة هذا، عمدت شركات التكنولوجيا الرقمية إلى تطوير منتجاتها وتسويقها بما يضمن فرض سيطرتها على عالم الشبكات الاجتماعية الافتراضية. وبديهي أن يصل الأمر بهذه الشركات إلى ابتكار أساليب متنوّعة في إدخال الشبكات الاجتماعية إلى المنازل والمكاتب والمؤسسات، إضافة إلى أيدي الأفراد. يصعب عدم التفكير بهذا الملمح عند التأمل في الجيل الجديد من التلفزيونات الذكيّة Smart TVs كتلك التي أطلقتها شركتا «سوني» SONY اليابانية و»سامسونغ» Samsung الكورية الجنوبية أخيراً. ودخل هذا الجيل إلى المنطقة العربية من البوابة الخليجية. ويعمل هذا الجيل على تغيير مفهوم التلفزيون بصورة جذرية، بفضل احتوائه مجموعة من التقنيات الحديثة. لم يعد التلفزيون حكراً على مشاهدة الأفلام ونشرات الأخبار ومتابعة المسلسلات التركية المدبلجة ومباريات الرياضة وبرامج الحوارات وغيرها. باتت الشاشة الفضية منصّة تفاعلية مع الفضاء الافتراضي، خصوصاً من طريق إدماج شبكات التواصل الاجتماعي الرقمية فيها. إذن، الأرجح أن الأمر يتعلق بظهور «التلفزيون الاجتماعي» Social TV بمعنى تحوّل الشاشة الفضية منصة رقمية تتيح التفاعل مباشرة مع قدرات الإنترنت الهائلة. فإضافة إلى تصفّح الإنترنت، يضمّ التلفزيون الاجتماعي تطبيقات للتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي، وللدردشة المباشرة بين الأفراد، من دون الحاجة لاتصال بين التلفزيون والكومبيوتر أو خط التليفون، كما هي الحال حاضراً. ومن الممكن النظر إلى تكنولوجيا «التلفزيون الاجتماعي» باعتبارها تطوراً منطقياً لنمط الحياة المعاصرة الذي بات معتمداً على الإنترنت بشكل كبير، وكذلك الحال بالنسبة إلى إتكاء الحياة اليومية حاضراً على تطوّر الخليوي والهواتف الذكية وغيرها، بحيث يبدو ظهور «التلفزيون الاجتماعي» تتمة منطقية لها. لقد أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي هاجساً بارزاً لدى كبريات شركات صناعة التكنولوجيا الرقمية عالمياً، إذ تعمل هذه الشركات على الاستفادة من العامل البشري، بمعنى تصاعد الرغبة في التواصل والبحث والاستفادة من الإنترنت التي أصبحت جزءاً من خبز الناس يومياً. من هذا المنطلق، عمدت الشركات إلى إضفاء معايير جديدة للترفيه المنزلي، عبر توفير تجربة تعتمد على الاستفادة من هذا الشغف، فتفتح باباً جديداً لها. في هذا السياق، يجدر تذكر وجود ما يزيد على 175 مليون مشترك على موقع «فايسبوك». وشهدت الآونة الأخيرة بداية سطوع نجم موقع «لينكد إن» LinkedIn. وتجاوز جمهوره ال 100 مليون مشترك. وكذلك فاق عدد منتسبي موقع التدوين المصغر «تويتر» مئتي مليون مشترك، جذبتهم سهولة التدوين المُصغّر وبثّه من طريق أجهزة الكومبيوتر المحمولة والهواتف الذكية. كخلاصة، من المستطاع القول بوجود تنافسية بين أنواع الشبكات الاجتماعية، على اختلاف أشكالها ومميزاتها. فمثلاً احتفل الموقع الشبكي المشهور «يوتيوب»، وهو شبكة اجتماعية تعمل بأشرطة فيديو رقمية، بوصول عدد المسجلين في قنواته إلى بليون مشترك، ما يؤكد قوة الشبكات الاجتماعية واتساع قاعدتها عالمياً.