إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تحت رعاية سمو ولي العهد.. مؤتمر«القدرات البشرية» يبحث دور الأفراد في ابتكار حلول مستدامة    استعرض المنجزات في مؤتمر المرصد الوطني.. نائب وزير الموارد: تمكين المرأة السعودية من صميم مستهدفات رؤية 2030    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يبحثان فرص التعاون    لتهجير الفلسطينيين وضغطًا على حماس لإطلاق الأسرى.. الاحتلال يضم رفح للمنطقة العازلة ويستخدم المياه سلاحا للإبادة    السعودية ترحب باستضافة عمان المحادثات الإيرانية- الأمريكية    إيران وأمريكا تختتمان جولة محادثات على طاولة النووي    ترتيب هدافي دوري روشن بعد ثنائية رونالدو أمام الرياض    حقق لقبه الدولي السادس خلال 2025.. آل نصفان يتوج بلقب البطولة العربية للاسكواش    ممتاز الطائرة : الهلال يكسب ضمك .. والخليج يتغلب على الاتحاد    بعد التجديد لصلاح.. ليفربول للاقتراب أكثر من لقب تاريخي    مهلة تصحيحية 90 يوماً لمخالفات توزيع الغاز للمساكن    إيقاف البرامج وإلغاء الترخيص عند المخالفة.."التعليم الإلكتروني": الشهادات الإلكترونية تعادل شهادات التعليم الحضوري    896 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    المملكة تحقق الجائزة الكبرى في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025    موسم الدرعية يودع زواره بعد تجارب في الفنون والتراث    الصحة تعزز الوعي المجتمعي بأكبر فعالية للمشي    "الصحة" تدعو للمشاركة في أكبر فعالية مشي تُقام بمختلف مناطق المملكة    تنافس نصراوي - اتحادي على مدافع الأرسنال    أخضر السيدات يختتم معسكر الدمام    المملكة وتحديات المنطقة العربية    تأييد دولي لجهود المملكة في التحضير لمؤتمر لتسوية القضية الفلسطينية    وزير الخارجية: المملكة ترفض كل أشكال تهجير الشعب الفلسطيني    الفرق بين التاجر الوطني ونقيضه    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تراثية المذنب    "دور العيسى".. منارات تراثية تُضاء من جديد    ديوانية القلم الذهبي تناقش مكانة الأدب وتأثيره    الاقتصاد الصيني بين انفجار فقاعة سوق العقارات.. ورسوم الواردات الأميركية    أسعار الأراضي في الرياض.. قراءة في الأسباب    دحول الصمان ورسائل الزمن    موسم الهلال مع جيسوس في خطر    فريق النهضة للكاراتيه تحت 12 عامًا يتأهل للدوري الممتاز    أدوية القلق تغير سلوكيات السلمون    Meta متهمة باستغلال المراهقين    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    فيضان البيانات وفقر الخيال    في ظلال مطاع صفدي والفلسفة الأخيرة    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    أمير تبوك يستقبل مستشار السلامة المرورية    3 حيل لغسل الأموال في سوق العقار    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    الزواج الآمن    الشاهد الكاذب    ضبط إثيوبي في جازان لترويجه (8) كجم "حشيش"    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    طريف الأدنى في درجات الحرارة    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    "المنافذ الجمركية" تسجّل أكثر من 890 حالة ضبط خلال أسبوع    فريق صُنّاع التميز التطوعي ينفذ مبادرة "عساكم من عوّادة" بالتعاون مع جمعية الإعاقة السمعية في جازان    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوعي القديم
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 2011

يصعب القول إنّ الانتفاضات العربيّة قد نجحت في إحلال المنازعة حولها محلّ التناقض القديم: «ممانعة» و «اعتدال».
لقد نجحت في قضم أطراف الجبهتين «الممانعة» و «المعتدلة»، فباتت تُسمع، هنا وهناك، أصوات تقول إنّ المسألة اليوم هي أن تكون مع الانتفاضات أو ضدّها. غير أنّ خريطة الانقسام القديم صمدت في النهاية. وعلى رغم تعديلات ضخمة أحدثتها الانتفاضات، كمثل إطاحة السلطة «المعتدلة» في مصر وخلخلة السلطة «الممانعة» في سوريّة وتصديعها، ثبت أنّ الطاقة على التكيّف ضخمة أيضاً.
وفي حدود الوعي وما ينجرّ عنه، يجوز القول إنّ وعياً قديماً يقود هذا التكيّف، مانعاً الانتقال إلى سويّة أعلى في الاصطفاف السياسيّ والإيديولوجيّ. بل يجوز القول، استطراداً، إنّ هذا الوعي القديم بشطريه «الممانع» و «المعتدل» يقوم على تغليب الخارجيّ والإقليميّ قيامه على خفض أهميّة الداخليّ أو إعدامها.
ف «الانتفاضة» لا تكون كذلك، في أنظار «الممانعين»، إن لم تكن لدعم «المقاومة»، مزيلةً الحواجز التي تحول دون الالتحام بالسياسات الإيرانيّة. من هنا ينبع العداء لانتفاضة في سوريّة ضدّ نظام «ممانع»، ولانتفاضة في ليبيا «تستعين بالأجنبيّ»، وكذلك الحذر من انتفاضة مصر لأنّها، رغم إطاحتها مبارك، لم تصدّر العنوان الخارجيّ – الإقليميّ ولم تمنحه أولويّتها.
وهي، أيضاً، لا تكون انتفاضة في أنظار «المعتدلين» ما دام أنّها «تُضعف» الجبهة الداخليّة العربيّة في مواجهة إيران، إن لم نقل إنّها تفتح فجوات في الحائط العربيّ قد «يتسلّل» منها الإيرانيّون. ومن هنا مبلغ الكراهية التي استحقّتها انتفاضة البحرين قبل هزيمتها، ومبلغ الهلع من أن تسلك مصر ما بعد مبارك مسلكاً مختلفاً في تحالفاتها الخارجيّة.
وما لا شكّ فيه أنّ هذه المحاكمة استناداً إلى الخارجيّ والإقليميّ هي بالضبط أحد أسباب الانتفاضات. ذاك أنّ الرسالة الضمنيّة التي بثّتها الأخيرة، وتبثّها، وإن بقدر من التفاوت بين بلد وآخر، هي أنّ الشعوب والجماعات تريد أن تستعيد دواخلها من الخارج، فلا تبقى مجرّد وظائف إقليميّة تجيز سحقها وقمعها وإفقارها باسم «القضيّة». وغنيّ عن الذكر، وفي معزل عن وعّاظ التوفيق في الجانبين، أنّ ما من مَثَل واحد في تاريخنا الحديث يبرهن القدرة على الجمع بين الاثنين: القضيّة والتقدّم.
بيد أنّ التوصيف هذا يُكسب الانتفاضات لوناً اعتراضيّاً، لا على سياسات الخارج وأولويّته فحسب، بل أيضاً على ذاك التقليد برمّته. والمقصود تحديداً نصاب الحرب الباردة الذي شرع يرتسم بُعيد قيام الدول العربيّة المستقلّة وبُعيد نشأة إسرائيل كذلك. فأن تكون «مع» أميركا أو «مع» السوفيات، وهو ما يحدّد أيضاً درجة العداء اللفظيّ للدولة العبريّة، صار ينوب عن الحياة السياسيّة والاقتصاد والرفاه والتعليم والصحّة العامّة. بعد ذاك تغيّر الأبطال من دون أن تتغيّر الأدوار، خصوصاً وقد استحال العثور على حلّ للمشكلة الفلسطينيّة – الإسرائيليّة، بينما صارت الأنظمة المستبدّة أشدّ احتياجاً ل «القضيّة»، كما عمل تديين السياسة المتعاظم على تأبيد النزاعات وإسباغ الإطلاق والجوهريّة عليها.
لكنّ ما لا يفوتنا، لا سيّما في منطقة المشرق، أنّ «الوعي» ليس دائماً وعياً. فهناك أنماط من الولاءات السابقة على الحداثة التي جعلتها الحداثة تخجل بذاتها وتميل إلى صياغة نفسها وعياً خالصاً. ومثلما كانت «القوميّة العربيّة» و»الجمهوريّة الإسلاميّة» و»تحرير فلسطين» صياغات إيديولوجيّة تموّه ولاءات موضعيّة بالغة النسبيّة، تتقدّم اليوم «العلمنة» والتحرير الكامل للإنسانيّة لتكون آخر الصياغات الإيديولوجيّة التي تموّه البقاء في العالم القديم وفي تناقضاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.