حمّلت أرمينيا جارتها أذربيجان مسؤولية فشل قمة ثلاثية رعتها روسيا بهدف التوصل إلى اتفاق يمهّد لتسوية نهائية في النزاع المستمر بين البلدين على مرتفعات قره باخ، في المقابل عادت وزارة الدفاع الأذرية إلى التلويح بحل عسكري للنزاع. وأصيبت جهود موسكو بنكسة بعد الفشل في تحقيق «اختراق» كان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف يأمل في أن يتوّج به إنجازات ولايته الرئاسية التي تقترب من نهايتها في الربيع المقبل. وقالت مصادر ديبلوماسية روسية إن جهوداً كبيرة بذلها الجانب الروسي حتى ساعة متأخرة من ليل الجمعة – السبت بهدف تذليل عدد من الملفات الخلافية، وإقناع الطرفين الأرميني والأذري بتوقيع وثيقة كانت ستشكل نقلة نوعية في تاريخ النزاع بين البلدين وتمهّد لتسوية شاملة. وعلى رغم أن الرئيسين الأرميني سيرج سيركيسيان والأذري إلهام علييف أكدا في اختتام جولات المحادثات أنهما «حققا تقدّماً في تقريب وجهات النظر حيال نقاط عدة»، لكنهما تحدثا عن نقاط «لا تزال عالقة» أعاقت توقيع الوثيقة التي تشتمل على «مبادئ أساسية» للاتفاق بهدف الوصول إلى خريطة طريق تنهي صراعاً مستمراً منذ نحو عقدين، وأنذر أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة بنشوب حرب جديدة بين البلدين. وقال وزير الخارجية الأرميني إدوارد نالبنديان في بيان: «لم تشهد قمة كازان تحولاً يستبعد استعداد أذربيجان لقبول أحدث صيغة من المبادئ الأساسية». واتهم الوزير الأرميني باكو بتقويض المحادثات بدعوتها لإجراء «نحو عشرة» تعديلات على الوثيقة التي طال بحثها. وكان تفاؤل سبق اللقاء، وأعلنت الخارجية الروسية أن موسكو «تنتظر توقيع الوثيقة التي ستشكل اختراقاً مهماً». وزاد الوضع الميداني الساخن في المنطقة الحدودية بين البلدين، من خيبة الأمل بعد فشل القمة. ويتبادل الجانبان القصف الدامي في محيط منطقة قره باخ. وفي مقابل الموقف الأرميني، أعلنت وزارة الدفاع الأذرية أن «لا مفر من نشوب حرب جديدة في المنطقة» في تلويح هو الأقوى من نوعه خلال الفترة الأخيرة باحتمال اللجوء إلى حل عسكري للنزاع. وعلى رغم أن الجانبين تكتما بقوة على مضمون الوثيقة التي كانت موضع نقاش، أبلغ ديبلوماسي غربي صحيفة «كوميرسانت» الروسية أنها تشتمل على بنود تلزم الطرفين بتدابير محددة خلال الفترة المقبلة بينها الإعلان بعبارات واضحة التزام كل جانب تطبيقَ «مبادئ مدريد»، وهي مبادرة وضعتها موسكو وباريس وواشنطن في عام 2007، تلزم يريفان الانسحابَ من بعض المناطق و13 بلدة أذرية احتلتها أثناء الحرب في محيط قره باخ، كما تمهّد لعودة النازحين الأذريين الذين فروا من الإقليم وتقدّر باكو عددهم بمليون نسمة، تحضيراً لإجراء استفتاء يحسم مصير الإقليم خلال السنوات المقبلة. وأسفر النزاع الذي اندلع في بداية تسعينات القرن الماضي عن مقتل 30 ألف شخص. وبسبب زيادة التوتر الميداني وفشل الجهود الديبلوماسية، يخشى أن تندلع حرب جديدة في منطقة حيوية بالنسبة إلى روسيا وأوروبا كونها تربط بين حقول نفط بحر قزوين في أذربيجان وأوروبا.