توجت موسكو جهودها لتقريب المواقف بين أرمينيا وأذربيجان بعقد قمة ثلاثية أسفرت عن توقيع وثيقة تمهد لإعداد اتفاق سلام شامل ينهي 17 عاماً من النزاع على إقليم قره باخ. وعقد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أمس، في العاصمة التتارية كازان جلسة مناقشات مطولة مع نظيريه الأرمني سيرج سركيسيان والأذري إلهام علييف، كرست لبحث وتوقيع وثيقة وضعها وزراء خارجية البلدان الثلاثة في ختام محادثات أُجريت في موسكو خلال اليومين الماضيين، ووصفت بأنها كانت «صعبة ولكن مثمرة». ولفتت الخارجية الروسية إلى أن «وزراء الخارجية تمكنوا من تجاوز عدد من العقبات وتحقيق تقارب كبير في وجهات النظر». وتضع الوثيقة التي تضمنت نصاً صريحاً يلزم يريفان وباكو بعدم اللجوء إلى القوة لتسوية النزاع، أساساً ل «الشروع في مناقشات تفصيلية تهدف إلى التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهي النزاع». وأعربت الخارجية الروسية في بيان أصدرته قبل انعقاد القمة عن أمل موسكو في ان يوقع الرئيسان الأذري والأرميني الوثيقة التي «تشكل نقطة تحول جدية نحو التوصل إلى تسوية نهائية». واعتبر ديبلوماسيون روس أن «اختراقاً جدياً طرأ» على العلاقة بين البلدين المتنازعين بفضل الحوارات المكوكية التي دخلت فيها موسكو كوسيط. ولفت مصدر مقرب من الكرملين إلى أن لقاء القمة الذي عقد أمس، هو التاسع الذي ترعاه موسكو، منذ عام 2008، والثاني هذا العام، ما يعد مؤشراً إلى الأهمية الخاصة التي أولتها روسيا لطي صفحة الخلاف بين «حليفين قريبين إليها». ووفق المصدر، فإن الوثيقة اعتمدت على «مبادئ مدريد» وهي التسمية التي أطلقت على مبادرة روسية - فرنسية - أميركية، قدمت للطرفين المتنازعين في عام 2007، وعادت الأطراف الثلاثة في العام الماضي لعرض نسخة معدلة من المبادرة على أرمينيا وأذربيجان. ومعلوم أن النزاع اندلع بين البلدين الجارين في عام 1991 عندما كان الاتحاد السوفياتي يلفظ أنفاسه الأخيره، وأعلن الإقليم الذي كان جزءاً من أذربيجان السوفياتية وتقطنه غالبية أرمينية انفصاله، من طرف واحد، لكن باكو تدخلت عسكرياً لفرض سيطرتها عليه، ما أسفر عن وقوع حرب دامية اسفرت عن مقتل حوالى 30 ألف شخص ونزوح مليون أذري من الإقليم، ووقّع البلدان اتفاقاً لوقف اطلاق النار ونشر قوات فصل من دول الرابطة المستقلة.