في تطور يهدد جهود استئناف المحادثات لتسوية النزاع على إقليم ناغورنو قره باخ جنوب القوقاز، اندلع اشتباك بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في الإقليم، أسفر عن مقتل 3 جنود أرمينيين واثنين من القوات الأذرية. وتبادلت باكو ويريفان أمس، الاتهامات بالمسؤولية عن الاشتباك، الأعنف منذ شهور في المنطقة الحدودية بين أذربيجان والإقليم. وأعلنت وزارة الدفاع الأذرية في بيان أن الاشتباك اندلع مساء الثلثاء عندما صدت وحدات أمنية أذرية هجوماً أرمينياً قرب قرية تشايلي في الجزء الشمالي الشرقي من الإقليم الذي أعلن انفصاله عن أذربيجان بدعم أرميني. في المقابل، نقلت وسائل إعلام أرمينية عن سلطات قره باخ اتهامها «مجموعة تابعة للقوات الخاصة» الأذربيجانية بالمسؤولية عن الهجوم. وأعلنت قوات الدفاع الذاتي في قره باخ إن جندياً من قره باخ أصيب، فيما سجلت «إصابات في صفوف القوة الأذرية المهاجمة». ويعد الحادث الأسوأ منذ حزيران (يونيو) الماضي، عندما وقع اشتباك مماثل، أسفر عن مقتل أربعة جنود أرمينيين وجندي أذري. وتشهد المنطقة توتراً في فترات متباينة منذ العام 1994، عندما توصل الجانبان الى وقف للنار برعاية دولية، بعد حرب استمرت ست سنوات وحصدت 30 ألف قتيل وشردت حوالى مليون شخص. ونجحت قوات أرمينية خلال تلك الحرب في دحر الأذريين من الإقليم الذي أعلن استقلاله من جانب واحد، وفرضت سيطرتها على سبع مناطق أذرية مجاورة، ففتحت بذلك ممراً يصل قره باخ بأرمينيا. ورأت مصادر في موسكو أن اشتباك الثلثاء هدف الى تعطيل جهود روسية وغربية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين في شأن استئناف التفاوض للتوصل الى تسوية شاملة، مستبعدين احتمال تدهور الوضع نحو مواجهة واسعة «لا يرغب فيها الطرفان» كما ابلغ «الحياة» أمس، الخبير العسكري الروسي البارز فيكتور مياسنيكوف. وأوضح ان الفترة الأخيرة شهدت تزايداً في «التراشق الاعلامي بين طرفي النزاع»، خصوصاً بعد ما تردد عن صفقة محتملة لبيع أذربيجان صواريخ روسية من طراز «اس 300»، الأمر الذي نفته وزارة الدفاع الروسية. وفرّ أخيراً الى أرمينيا ضابط أذري بارز، ما زاد حدة الاتهامات المتبادلة، خصوصاً أن باكو اكدت انه «خطِف على أيدي عسكريين أرمينيين»، فيما أكدت يريفان ان الضابط فرّ من ثكنته وطلب اللجوء السياسي في أرمينيا. وأشار مياسنيكوف الى تسريبات مصادر عسكرية أرمينية حول معطيات تشير الى اقتراب كتيبتين تابعتين لوزارة الدفاع الأذرية من المنطقة الحدودية، ولاحظ أن هذه المعطيات «لم تلفت أنظار أحد» لكنها عكست تصاعد الاحتقان، خصوصاً أن باكو أعلنت مرات أخيراً إصرارها على «استعادة قره باخ ولو بالقوة». وعلى رغم تزايد المؤشرات الى تصعيد محتمل، استبعد الخبير الروسي احتمال ان يكون اشتباك الثلثاء، مقدمة لاندلاع مواجهات واسعة، باعتبار أن «لا أرضية مهيأة للحرب عند الطرفين». ورأى أن هدف التصعيد الإعلامي والمناوشات المحدودة تعطيل الحل السياسي «لأن الطرفين ليس لديهما استعداد للجلوس الى طاولة المفاوضات وتقريب وجهات النظر».