واجه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، خلال زيارته الخاطفة طهران أمس، مقاومة من المسؤولين في محاولته مناقشة ملف برنامج إيران الصاروخي وتدخلاتها في الشؤون الإقليمية. وعكست ذلك تصريحات أدلى بها الوزير في ختام زيارته، إذ قال: «لا يزال هناك كثير من العمل الذي يجب فعله» في هذا الصدد. وأضاف أن باريس ستواصل محادثاتها مع طهران، مشدداً على ضرورة إيجاد سبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة. أتى ذلك في ختام يوم صعب، تخلّلته اجتماعات شابها توتر مع مسؤولين إيرانيين بارزين، بينهم نظيره محمد جواد ظريف والرئيس حسن روحاني وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمهل الأوروبيين والكونغرس حتى 12 أيار (مايو) المقبل، لإصلاح «عيوب جسيمة» في الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الست عام 2015، مهدداً بانسحاب واشنطن منه وإعادتها فرض عقوبات على طهران. وبدأ لودريان مهمته بلقاء شمخاني الذي أبلغه بأن البرنامج الصاروخي الإيراني «يتسق مع سياستنا الدفاعية التي لا تشكل أي تهديد لأي دولة». واعتبر أن سياسة أوروبا بإعطاء تعهدات للولايات المتحدة من أجل إبقائها في الاتفاق النووي، تشكّل «خطأ مرادفاً للاستسلام» لترامب. وشدد على أن «تعزيز قدرات إيران الدفاعية، خصوصاً الباليستية، يشكّل ضرورة لا مفرّ منها في إطار سياسة الردع الإيرانية». وأوردت وسائل إعلام إيرانية أن شمخاني جاء إلى الاجتماع مع لودريان بزيه العسكري، ليوجّه رسالة إلى فرنسا. وأبلغ ظريف لودريان بأن على الدول الأوروبية الموقعة الاتفاق النووي «أداء دور أكثر فاعلية للحفاظ عليه»، وتابع: «تأييد الاتفاق بالكلام فقط ليس كافياً. إذا كان الاتحاد الأوروبي يحاول إنقاذ الاتفاق، فعليه أن يحاول إبقاء إيران فيه، لا الولاياتالمتحدة». وندد بدعم الغرب العراق في حربه مع إيران (1980- 1988). وكان ظريف انتقد، في مقابلة نشرتها صحيفة «اعتماد» ما اعتبره «تطرفاً» تبديه دول الاتحاد الأوروبي حيال إيران «من أجل إبقاء الولاياتالمتحدة في الاتفاق النووي». وحذر من أن هذا الموقف «سيؤذي في نهاية المطاف سياسة أوروبا»، منبهاً إلى أن «أي عمل يستهدف إرضاء الطرف الذي هو أكثر من ينتهك الاتفاق النووي (أي الولاياتالمتحدة)، لا يفضي إلى نتيجة». وافتتح الوزير الفرنسي مع روحاني، معرض «اللوفر في طهران»، في قاعة المتحف الوطني الإيراني. واعتبر الرئيس الإيراني بعد لقائه لودريان أن «السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية هو دعم الحكومة المركزية في دمشق». لكن توتراً رافق زيارة لودريان، إذ تجمّع أصوليون في مطار مهر آباد الدولي في طهران، احتجاجاً على زيارته. كما قال الناطق باسم القوات المسلحة الإيرانية الجنرال مسعود جزائري: «البرنامج الصاروخي الإيراني سيستمر من دون توقف، ولا يحق للقوى الأجنبية التدخل في هذا الأمر». ورأى أن ليس مسموحاً لأي مسؤول إيراني «مناقشة هذه القضية مع أجانب». وأعلن بهروز كمالوندي، الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، أن بلاده تستطيع إنتاج يورانيوم بنسبة تخصيب 20 في المئة، «في أقل من 48 ساعة، إذا انسحبت الولاياتالمتحدة من الاتفاق» النووي. كما انتقدت الصحافة الموالية للمتشددين قول لودريان إن إيران «ستتعرّض لعقوبات جديدة» إذا لم «تعالج جذرياً» ملف «برامج الصواريخ الباليستية التي يبلغ مداها آلاف الكيلومترات والتي لا تتوافق مع القرارات» الصادرة عن مجلس الأمن. وظهرت عناوين مثل «ضيف فظ» و «أسلحة الفتنة الجماعية». لكن مصدراً ديبلوماسياً فرنسياً أشار إلى أن الصواريخ الباليستية الإيرانية «لا تتوافق مع (قرار مجلس الأمن)»، مبدياً «قلقاً خاصاً إزاء نقل القدرة على صنع صواريخ باليستية إلى أطراف إقليميين، وبهذا نعني حزب الله» اللبناني. في فيينا، حذر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو من انهيار الاتفاق النووي، إذ قال في افتتاح اجتماع لمجلس محافظي الوكالة إن الاتفاق «يشكل مكسباً كبيراً للتحقق (من النشاطات النووية)، وانهياره سيشكّل خسارة فادحة لنظام التحقق وللنهج التعددي». وشدد على أن إيران «تنفذ التزاماتها المتعلقة بالملف النووي».