استبق وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان زيارته طهران أمس، معلناً أنه سيجري «حواراً صريحاً ومتشدداً» في شأن دورها الإقليمي وبرنامجها الصاروخي، ملوّحاً بعقوبات على إيران إذا لم تعالج مخاوف حول هذا البرنامج. لكن طهران اعتبرت أن قلق باريس في هذا الصدد «خاطئ». ويلتقي لودريان اليوم، الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره محمد جواد ظريف وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي شمخاني. وتأتي الزيارة بعدما أمهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأوروبيين والكونغرس حتى 12 أيار (مايو) المقبل، لمعالجة «عيوب جسيمة» في الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست عام 2015، مهدداً بانسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق وفرض عقوبات على إيران مجدداً. ووَرَدَ في بيان أصدرته الخارجية الفرنسية: «في إطار روحية الاتفاق النووي، تعتزم فرنسا المضيّ في حوار صريح ومتشدد مع إيران. تحرّكها في المنطقة يؤدي إلى عدم استقرار. نأمل بأن يساهم هذا البلد إيجاباً، في تسوية الأزمات في الشرق الأوسط، عبر احترام سيادة الدول. وفي هذا الصدد، ستُناقش الأزمة في سورية والوضع الإنساني هناك خصوصاً، إلى جانب ملفات إقليمية أخرى تؤدي إيران دوراً فيها»، بينها اليمن ولبنان والعراق. وأضافت الوزارة أن لودريان سيذكّر ب «تمسّك» فرنسا بالاتفاق النووي الذي «يؤمّن ضمانات صلبة في مواجهة أي احتمال لاستخدام البرنامج النووي الإيراني لأهداف عسكرية». وتابعت: «في موازاة ذلك، من المهم بالنسبة إلينا، كما بالنسبة إلى إيران، مواصلة الاستثمارات الأوروبية في هذا البلد». وتطرّق لودريان إلى البرنامج الصاروخي الإيراني، متحدثاً عن «طموحات مقلقة جداً ومخالفة للقرار 2231» الذي أصدره مجلس الأمن، ويصادق على الاتفاق النووي. ونبّه إلى أن طهران «ستكون دائماً، وعن حق، مُتهمة بالسعي إلى تطوير سلاح نووي»، إن لم تبدّد المخاوف في هذا الصدد. وقال الوزير لأسبوعية «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية: «هناك برامج للصواريخ الباليستية يمكن أن تصل إلى آلاف الكيلومترات وتخالف قرارات مجلس الأمن وتتجاوز الحاجة للدفاع عن حدود إيران. إذا لم تتصدَ (لهذا الملف) فوراً، فستكون هذه الدولة معرّضة لعقوبات جديدة». وتفيد أوساط لودريان بأن باريس «تشعر أيضاً بقلق خاص إزاء نقل خبرات وقدرات باليستية إلى أفرقاء إقليميين»، بينهم «حزب الله» اللبناني والمتمردون الحوثيون في اليمن. لكن الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي شدد على أن بلاده «دولة مستقلة ونشاطها الصاروخي الدفاعي سيستمر»، وزاد: «قلق فرنسا في شأن برنامجنا الصاروخي خاطئ». وأقرّ بأن الوفد الإيراني الذي شارك في جلسات مؤتمر ميونيخ للأمن قبل أسابيع، أجرى محادثات مع وفود دول أوروبية، بينها إيطالياوفرنسا وبريطانيا وألمانيا، مشيراً إلى أنها «تمحورت حول قضية اليمن، نظراً إلى ظروفه المأسوية». واستدرك: «عكس ما زعمته وسائل إعلام غربية، يمكن إيران وأوروبا إجراء حوار ومشاورات وتبادل لوجهات النظر، وذلك ليس بالضرورة تفاوضاً بمعناه السياسي والقانوني، في سياق السياسة المبدئية والحكيمة لإيران، في كل الملفات الثنائية والإقليمية والدولية». وكانت وكالة «رويترز» أفادت بأن الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بدأت خلال مؤتمر ميونيخ، بالتعاون مع إيطاليا والاتحاد الأوروبي، مناقشات مع إيران للبحث في ملفات إقليمية، مضيفة أن الجانبين سيلتقيان مجدداً في إيطاليا هذا الشهر، لطمأنة ترامب في شأن مخاوفه المتصلة بالاتفاق النووي. إلى ذلك، اعتبر ظريف أن «دخول إيران في محادثات مع أطراف أوروبية حول قضايا المنطقة، بما فيها الأزمة اليمنية، لا يعني أننا دخلنا معهم في مفاوضات في مجال آخر». وأضاف أمس: «أميركا لا تلتزم تعهداتها، بل أنها منعت الدول الأوروبية من تنفيذ تعهداتها في ما يتعلّق بالاتفاق النووي». أما علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الإيراني علي خامنئي، فقال: «إذا كانت زيارة لودريان تستهدف تعزيز علاقاتنا، فمن الأفضل عدم اتخاذ مواقف سلبية». وأضاف: «قضايا الدفاع الوطني لا ترتبط بأي دولة أجنبية، بما في ذلك فرنسا».