دمشق، نيقوسيا، جوفيتشي (تركيا) -»الحياة»، أ ف ب، رويترز - بعد يوم من اعلان الجيش السوري سيطرته بالكامل على بلدة جسر الشغور بعد ان هاجمها بالدبابات والمدرعات وطائرات الهليكوبتر لتطهيرها من «عناصر مسلحة اجرامية»، بدأت قوى الامن عملية تمشيط واسعة في المدينة التي تحدث شهود عيان عن «اثار للقصف» واضحة فيها ومواجهات بين القوى الامن و»منشقين» عن الجيش السوري. ويأتي ذلك فيما افادت «الوكالة السورية للانباء» (سانا) ان وحدات الجيش «بدأت بإعادة الأمان والطمأنينة» إلى جسر الشغور ومحيطها بعد «تطهيرها». واشارت الى ان وحدات الجيش «تلاحق بعض أفراد التنظيمات الارهابية المسلحة التي تظهر من وقت لاخر بعد هروبها من المدينة باتجاه الجبال والمنطقة الحدودية مع تركيا ومعرة النعمان». ومع تمركز قوات الامن في المدينة، تواصل فرار المدنيين منها الى منطقة الحدود التركية. وذكرت وكالة انباء الاناضول التركية امس ان عدد اللاجئين ارتفع في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة ليصل الى ستة آلاف و817 لاجئاً. وعن العملية الامنية في جسر الشغور، روى شاب سوري من المدينة لجأ الى تركيا لوكالة «فرانس برس» انه شاهد دبابات سورية تتعارك فيما بينها اول من امس اثناء سيطرة القوات السورية على هذه المدينة الشمالية، في شهادة جديدة على حصول انشقاقات داخل القوات السورية. وقال عبدالله (35 سنة) الذي كان اول من امس في جسر الشغور وعبر خلسة الى تركيا بحثاً عن طعام ان «الجنود السوريين منقسمون. انشقت اربع دبابات وبدأت الدبابات تطلق النار على بعضها البعض». وقال عبدالله الذي شهد دخول الجيش السوري جسر الشغور الواقعة على مسافة اربعين كلم من الحدود التركية «حين بدأوا يطلقون النار على بعضهم البعض هربت. لست ادري ان كانوا دمروا جسوراً ام لا. لم يكن احد قبل ذلك اطلق النار على الجسور، لقد عبرت الدبابات منها». وروى الشاهد ان القوات السورية «طوقت المدينة بالدبابات في بادئ الامر». وتابع «بدأوا بإطلاق النار من الخارج، اطلقوا النار بغزارة بالرشاشات واستخدموا اسلحة ثقيلة. ثم دخلوا. قالوا ان هناك مسلحين في الداخل، لكن لم يكن هناك احد في الحقيقة. المدينة كانت خالية». من ناحيته قال رجل عرف نفسه بأنه منشق عن الجيش السوري، نشرت تصريحاته على الانترنت وترجمتها شبكة «سكاي نيوز» التلفزيونية البريطانية، ان سكان المدينة نصبوا فخاخاً لتعطيل تقدم القوات السورية لاتاحة فرصة امام الناس للهرب. وقال الرجل الذي اوضح انه المقدم حسين حرموش لقناة «اوغاريت نيوز» الاخبارية للشرائط المصورة على الانترنت «انتظرنا لاخراج نحو عشرة في المئة من السكان. والتسعون في المئة الباقية تمكنت بالفعل من المغادرة». وكان لاجئ سوري آخر في تركيا يدعى علي (27 سنة) افاد عن حصول مواجهات داخل الجيش السوري. وقال الشاب ل «فرانس برس»: «ثمة الآن انشقاق في صفوف الجيش وهناك مجموعة تحاول حماية الناس: لقد دمروا جسرين في جسر الشغور»، موضحاً انه حصل على هذه المعلومات من اشخاص فروا من المدينة في اليوم نفسه. وقال عبدالله ان قوات الامن السورية وصلت «الى مسافة ستة كيلومترات من الحدود التركية». وتابع ان «الجنود لم يخرجوا بعد من جسر الشغور، لكن قوات الامن وصلت الى زياني على مسافة ستة كلم من الحدود». وأوضح ان «شرطيين باللباس المدني وعناصر من الشبيحة هم الموجودون في زياني. الجنود والدبابات لم يصلوا الى هناك بعد ... من الممكن ان يتمركزوا على المرتفعات ويطلقوا النار بالأسلحة البعيدة المدى». وأكد «انهم احرقوا المحاصيل بذخائر حارقة وقتلوا الماعز والبقر. وفي المدينة نهبت محلات البقالة والسوبرماركات ولم يبق شيء. الابواب مخلوعة». وتابع «لقد قصفوا السجن ودمروه. واطلقوا النار على المساجد وعلى بعض المنازل. المباني العامة ايضاً دمرت: الاحوال الشخصية والبريد». وأضاف «كان الفرار صعباً، هربت سيراً على الاقدام في الجبال عبر الاحراش حتى الحدود التركية». وأوضح ان «سكان جسر الشغور ومحيطها لا يحق لهم الخروج من المنطقة الى مدينة اخرى. هناك مراكز تفتيش على طرق اللاذقية وحلب. يحظر الخروج والدخول ويوقفون كل من يريد العبور ولا نعرف ما يحل بهم. كل ذلك لاننا نريد الحرية». وعن الوضع على الحدود، ذكرت وكالة «انباء الاناضول» ان عدد اللاجئين السوريين ارتفع في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة ليصل الى ستة آلاف و817 لاجئاً. وكانت الوكالة شبه الرسمية قد حددت عدد اللاجئين الى تركيا الاحد بخمسة آلاف و51 لاجئاً. ومنذ مطلع الاسبوع الماضي يتدفق مئات السوريين يومياً على اقليم هاتاي التركي الحدودي هرباً من القمع. وفي مؤشر على تصاعد التوتر بين أنقرةودمشق نظم أنصار النظام السوري احتجاجاً امام السفارة التركية في دمشق امس. وقالت وكالة الاناضول ان بعض الاشخاص تسلقوا أسوار السفارة وعلقوا العلم السوري وان قوات الامن السورية منعت بعض المحتجين من محاولة انزال العلم التركي. وقال مقيم ان الحشد مر في وقت سابق من امام السفارتين الفرنسية والبريطانية ثم مزق صوراً لمواقع سياحية على السور المحيط بالسفارة التركية. إلى ذلك، أفادت «الوكالة السورية للانباء» (سانا) ان وحدات الجيش «بدأت بإعادة الأمان والطمأنينة» إلى مدينة جسر الشغور ومحيطها بعد «تطهيرها من التنظيمات الإرهابية المسلحة التي روعت الأهالي واعتدت على الأملاك العامة والخاصة وعاثت تخريباً وفساداً في المدينة». وأشارت الى ان وحدات الجيش «تلاحق بعض أفراد التنظيمات الارهابية المسلحة التي تظهر من وقت لاخر بعد هروبها من المدينة باتجاه الجبال والمنطقة الحدودية مع تركيا ومعرة النعمان». واستشهد جندي وأصيب أربعة آخرون من وحدات الجيش أثناء اشتباكات مع عناصر التنظيمات المسلحة في مدينة جسر الشغور. وأشار مندوب التلفزيون السوري إلى اكتشاف «مستشفى ميداني جهزته التنظيمات المسلحة في الجبال لمعالجة الجرحى منهم»، مؤكداً أن وحدات الجيش «حافظت على الممتلكات الخاصة والعامة والمنازل وحرصت على سلامتها». وبعد الاعلان عن اكتشاف «مقبرة جماعية تضم جثث 12 شهيداً من قوى الأمن قتلهم عناصر التنظيمات المسلحة بوحشية» نقلت «سانا» عن أحد عناصر «التنظيمات الارهابية الذي شارك في ارتكاب المجزرة بحق عناصر الأمن بالقيام مع آخرين بالتمثيل بالجثث وتقطيعها بالسواطير»، مشيراً إلى قيامهم أيضاً ب «الاعتداء على عدد من السيدات واغتصابهن ومن ثم قتلهن والإلقاء بهن في نهر العاصي». وبث التلفزيون السوري صوراً للمقبرة الجماعية و «اعترافات الإرهابي» أنور نافع الدوش، قائلاً ان «رئيس المنظمة التي يتبع لها اسمه حسين نواف وهو الذي قام بالمجزرة بحق عناصر الأمن وهو من قطع رؤوس العناصر العشرة في المقبرة في حين كان أنس قطرون من جسر الشغور هو من طلب إعداد مقابر جماعية من أجل اتهام الجيش بارتكابها». وزاد: «السلاح كان يأتي إليهم من خربة الجوز من طريق أحد الأشخاص الذي يقوم بجلبه وتوزيعه من أجل استخدامه عند مهاجمة مقرات الأمن والشرطة والمباني العامة»، لافتاً الى «تلقي مبلغ 50 ألف ليرة سورية (نحو الف دولار اميركي) ووعد بمبلغ 50 ألف ليرة أخرى، وكان يحصل على الأموال من زعتر وهو الآن هارب إلى تركيا بعد إصابته وكان يجلب الأموال من لبنان وهو تعرف اليه قبل 25 يوماً». ونقلت «سانا» عنه قوله انه «قام بالاشتراك مع حسين ورشيد وثروت وعبدالفتاح باغتصاب أربع فتيات من مدينة حلب ثم قاموا بعد ذلك بتقطيعهن ورميهن في نهر العاصي». الى ذلك، قال محمد سعيد حمادي (40 سنة) انه اجرى حوارات مع اشخاص في منطقة جبل الزاوية ومعرة النعمان ل «تخرج الاحتجاجات من العنف ومن استخدام السلاح ... غير الناس الذين كانوا يديرون هذا الأمر استاؤوا من التفاف أبناء المنطقة حول مسألة الحوار. وبعد جلسة في قرية «فركيا» تم اختطافي أنا وزميلي عماد اصطيف من أبناء المنطقة وجرى تعذيبنا بطرق وحشية جداً بجميع وسائل التعذيب».