صعدت واشنطن، أمس، لهجتها ضد سورية داعية إلى وقف حملة القمع على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية والمستمرة منذ قرابة ثلاثة أشهر، غداة مقتل 25 متظاهرا برصاص قوات الأمن التي ساندتها مروحيات هجومية. جاء ذلك إثر تقارير عن «حملة قمع وحشية» في بلدة جسر الشغور شمال غربي البلاد روى بعض فصولها اللاجئون الذين فروا إلى تركيا هربا من العنف. وقال المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية جاي كارني في بيان إن «أمريكا تدين بشدة الاستخدام المشين للعنف من جانب الحكومة في جميع أنحاء سورية، خصوصا في المنطقة الشمالية الغربية». وطالب كارني بوقف «فوري لأعمال العنف الوحشية» مشددا على أن الحكومة «تقود البلاد على طريق خطر»، ومعتبرا أن «قوات الأمن تواصل إطلاق النار على المتظاهرين ومهاجمتهم، وما زال هناك معتقلون سياسيون في السجون». وتضمن البيان إشارة واضحة من واشنطن إلى أن صبرها بدأ ينفد بشأن سورية بعدما دعا كبار مسؤوليها مرارا الرئيس بشار الأسد إلى البدء بإصلاحات، دون أن تصل حد مطالبته بشكل مباشر بالتنحي عن السلطة. وتخرج مظاهرات أسبوعية عقب صلاة الجمعة، مطالبة بسقوط نظام الأسد حيث أدت حملته على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، إلى مقتل أكثر من 1.200 مدني. من جهته، رفض الأسد الرد على اتصالات هاتفية من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بينما يفترض أن يواصل مجلس الأمن الدولي مناقشاته حول قرار لإدانة القمع الدموي للتظاهرات المناهضة للنظام في سورية. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نيسيركي إن مون حاول الاتصال هاتفيا بالأسد، إلا أن الرد كان «الرئيس غير موجود». وانتقد مون الأسد مرات عدة منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية، وأجرى معه ثلاث محادثات هاتفية عاصفة. وصرح بأن الأسد قال له: «لماذا تستمر في الاتصال بي؟». وألقت وحدات من الجيش السوري، أمس، القبض على مجموعتين قياديتين للتنظيمات المسلحة في مدينة جسر الشغور التابعة لمحافظة إدلب شمال غربي سورية. وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن ذلك يأتي في وقت بدأت فيه وحدات من الجيش، أمس الأول، تنفيذ مهامها بملاحقة التنظيمات المسلحة وإلقاء القبض على عناصرها في القرى المحيطة بالمنطقة استجابة لنداء الأهالي في المنطقة. وكان تقرير إخباري ذكر نقلا عن شهود عيان في مدينة معرة النعمان شمالي سورية أن مروحيات عسكرية أطلقت نيران رشاشاتها على حشود تجمعت في المدينة، للمشاركة بمظاهرات «جمعة العشائر» التي انطلقت في عدة مدن. وأكد أحد السكان أن القوات المتقدمة باتجاه بلدة جسر الشغور قصفت القرى المحيطة وأشعلت النار في حقول القمح في قرية الزيارة التي تبعد 15 كيلومترا جنوب شرقي البلدة. وأوضح نشطاء حقوقيون أن جسر الشغور باتت خالية تقريبا من السكان بعد نزوح غالبية قاطنيها وعددهم 50 ألف نسمة وفرارهم إلى تركيا المجاورة مع تدفق الدبابات والجنود باتجاه البلدة منتصف الأسبوع. وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن العنف في سورية أدى إلى لجوء 4.300 سوري إلى تركيا. وتجمع آلاف الفارين من القمع على طول الحدود التركية في المدن المجاورة مترددين في عبور الحدود والتحول إلى لاجئين. وقبالة قرية جوفيتشي التركية في أنطاكيا نصبت في كل بستان وأجمة من الجانب السوري خيام وأكواخ، وبدت مجموعات من الأطفال تلهو على التراب. وتنشط حركة الدراجات والسيارات والشاحنات الخفيفة التي تجلب المزيد من النازحين. وأصبح لدى الأطفال والفتيان خبرة في عبور الأسلاك الشائكة للذهاب إلى قرية جوفيشي لشراء الخبز وحفاظات الأطفال والمواد الأساسية الأخرى، مخاطرين بتعرضهم لدوريات الدرك التركي. وأدلى أربعة جنود فارين من الجيش السوري لجؤوا إلى الحدود التركية، بشهادات عن الممارسات التي ارتكبتها وحدتهم في قمع حركة الاحتجاج وخوف الجنود الذين يواجهون تهديدات بالقتل إذا رفضوا تنفيذ الأوامر .