اصطدم مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي «أف بي آي» بالبيت الأبيض أمس، معرباً عن «قلق بالغ» في شأن دقة تقرير نيابي سري تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى نشره، ويتهم المكتب بالتحيّز في التحقيق حول «تدخل» روسياً في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016. وفي ضربة أخرى للإدارة، تنحى ثالث أبرز ديبلوماسي في الخارجية الأميركية. ووَرَدَ في تقرير أصدره «أف بي آي» انه «يتعامل بجدية مع التزاماته (الحصول على تصريح بإجراء تحقيق)، ويحترم التدابير التي يشرف عليها مسؤولون بارزون في وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيديرالي». وأضاف: «كما قلنا في المراجعة الأولى، لدينا قلق بالغ إزاء إغفالات للوقائع تؤثّر جوهرياً في دقة محتوى المذكرة». ولفت إلى أنه لم يُمنح سوى فرصة محدودة للاطلاع عليها. وكأن ترامب أبلغ نائباً أن التقرير «سيُنشر 100 في المئة»، فيما قال كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي أن التقرير «سيُنشر قريباً جداً وسيتسنّى للعالم بأسره الاطلاع عليه». أتى ذلك بعدما صادقت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، برئاسة الجمهوري ديفن نونيس، على نشر التقرير الواقع في 4 صفحات، على رغم معارضة «أف بي آي» ووزارة الدفاع، إذ يتضمّن معلومات حساسة في شأن عمليات مكافحة التجسس الأميركية. ونقلت وسائل إعلام عن أعضاء في الكونغرس اطلعوا على التقرير، أنه يلمّح إلى أن وزارة العدل و «أف بي آي» تجاوزا سلطتهما لنيل ترخيص بدواعي الأمن القومي، لمراقبة اتصالات كارتر بيج، المستشار الديبلوماسي في الفريق الانتخابي لترامب، على خلفية اشتباه بتجسسه، نتيجة اتصالاته المنتظمة مع مسؤولين روس. وتركّز اللجنة على نائب وزير العدل رود روزنشتاين، الذي نال تمديداً للترخيص بعد تسلّم ترامب الخكم، وكأن عيّن روبرت مولر محققاً خاصاً في «ملف روسيا»، وهو الوحيد المخوّل سلطة عزله. ويضيف التقرير أن المراقبة استندت إلى تحقيق مثير للجدل أعدّه الجاسوس البريطاني السابق كريستوفر ستيل، في شأن روابط بين ترامب وروسيا. ويعتبر الجمهوريون أن التقرير متحيّز، لأنه بتمويل من الديموقراطيين عندما كانوا لا يزالون في الحكم. وندّد نونيس باستخدام «معلومات لم يتم التحقق منها، في وثيقة قضائية لدعم تحقيق حول التجسس خلال حملة انتخابية أميركية». ويتضمّن التقرير أدلة تثبت أن الوزارة حاولت زعزعة صدقية ترامب الذي ندد ب «تدهور» سمعة «أف بي آي»، نتيجة تأييد مفترض للديموقراطيين من عملاء للمكتب. وكأن ترامب أقال رئيس الجهاز جيمس كومي في أيار (مايو) 2017، عندما كأن يقود التحقيق في شأن «ملف روسياً»، فيما استقال المسؤول الثاني في المكتب اندرو مكابي الثلثاء، قبل أشهر من موعد تقاعده. وندد النائب الديموقراطي آدم شيف، وهو عضو في لجنة الاستخبارات، بتعديلات «ملحوظة» و «مادية» أُدخِلت على التقرير بعد التصويت عليه، وقبل إحالتها على البيت الأبيض، من دون إبلاغ أعضاء اللجنة أو موافقتهم. وطالب بسحب الصيغة المُرسلة للتقرير، وإجراء تصويت جديد الأسبوع المقبل. ويأتي ذلك في وقت يقترب التحقيق في «ملف روسيا» من ترامب، إذ أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مولر يركّز على الرد الأول لنجل الرئيس الأميركي، في شأن لقاء مثير للجدل عقده مع المحامية الروسية ناتاليا فاسلنيتسكايا في «ترامب تاور» في نيويورك في تموز (يوليو) 2016. وكأن دونالد ترامب جونيور اصدر بياناً في تموز، ورد فيه أن الاجتماع كأن لمناقشة سياسة تبنّي أطفال. وأُعِد البيأن كما يبدو بتدخل مباشر من الرئيس. لكن نجله البكر نشر لاحقاً رسائل الكترونية سبقت الاجتماع، كأن أعرب فيها عن اهتمامه بلقاء فاسلنيتسكايا، للحصول على ما قيل له بأنها معلومات تمسّ المرشحة الديموقراطية آنذاك هيلاري كلينتون. وكتب ترامب الابن في رسالة: «إذا كان هذا ما تشيرون إليه، فهو يروق لي، خصوصاً في وقت متأخر من الصيف». وأشارت الصحيفة إلى أن المحققين مع مولر «استجوبوا كثيرين من مسؤولي البيت الأبيض، في شأن طريقة إعداد البيان ومدى إشراف الرئيس عليه في شكل مباشر». وأضافت أن مارك كورالو، الناطق السابق باسم فريق ترامب، سيشهد بأن مسؤولة الاتصالات في البيت الأبيض هوب هيكس يمكن أن تكون خططت لعرقلة القضاء. في غضون ذلك أبلغ توم شانون، المسؤول الثالث في الخارجية الأميركية، موظفي الوزارة أنه سيتقاعد حين يتم اختيار خلف له في المنصب. وأمضى شانون 35 سنة في السلك الديبلوماسي، وكأن الأبرز في الوزارة الذي بقي في منصبه، بعد تولي ترامب الحكم. وأعلن شانون أنه يتقاعد لأسباب شخصية، لا سياسية، لكن رحيله يشكّل صدمة للوزارة. إلى ذلك، تسعى منظمة «النزاهة أولاً لأميركا»، بطاقم لا يتجاوز 5 موظفين، إلى محاسبة إدارة ترامب ومحاربة ما تعتبره تلاشي الأعراف الديموقراطية في الولاياتالمتحدة. وندد الناطق باسمها بريت ايدكنز بتقويض القادة المنتخبين للحقوق الأساسية، مشيراً إلى أن المنظمة «تدقق في المسؤولين الرسميين، بدءاً من ترامب وارتباطاتهم المالية الخاصة بقضية تشارلوتسفيل».