أكد مراقبون أن تاريخ العلاقات السعودية - الروسية «طويل ويمتد على ما يزيد على ثمانية عقود؛ فروسيا، أو ما يعرف بالاتحاد السوفياتي في القرن الماضي، كانت الدولة الأولى غير العربية التي اعترفت بالسعودية بوصفها دولة لها سيادة على أراضيها، واستمرت العلاقات بين البلدين منذ ذلك التاريخ، ولم تتغير بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، إذ اعترفت السعودية بروسيا دولة ووريثاً شرعياً للاتحاد السوفياتي». وما يميز العلاقات السعودية - الروسية هو «تعدد المصالح المشتركة بين الدولتين، وخصوصاً في ما يتعلق بالمصالح الاقتصادية، ولا سيما القطاع النفطي، فكلا البلدين يعتبر من أكبر اللاعبين الرئيسين في سوق النفط العالمية، وهذا جعل التقارب بين هذين البلدين قضية مهمة للعالم كله من الناحية الاقتصادية». وأشار المراقبون إلى أن الزيارات التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لموسكو، وآخرها في شهر أيار (مايو) الماضي، كان لها أثر كبير في جدولة كثير من مسارات التعاون، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، والحقيقة أن هذه العلاقة بين البلدين تنامت خلال المرحلة الماضية، إيماناً من السعودية بالدور الفاعل لروسيا في المنطقة بأكملها، وبخاصة القضايا العربية، كما أن التوجه الروسي يدرك بوضوح الأهمية التي تلعبها السعودية في المنطقة العربية وتأثيرات السعودية الدولية، لذلك فإن العلاقة بين البلدين تشكل نموذجاً مهماً وحيوياً على جميع المستويات والأصعدة، نتيجة التأثير الكبير الذي تمتاز به كل من السعودية وروسيا في ظل الظروف العالمية، اقتصادياً وسياسياً. وقال المحلل السياسي الدكتور علي الخشبيان ل«الحياة» أمس: «تعتبر العلاقة بين البلدين ذات عمق تاريخي، ويعتبر الاتحاد السوفياتي سابقاً هو أول دولة غير عربية تعترف بالمملكة العربية السعودية عام 1926، وكان ذلك انطلاقة كبرى نحو علاقات سعودية عميقة استمرت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبقاء دولة روسيا الحالية، إذ تشكلت بين البلدين علاقات راسخة في مجالات سياسية واقتصادية، وشكلت هذه العلاقة، التي تمتد إلى أكثر من ثمانية عقود، عنواناً راسخاً لكثير من المواقف المشتركة بين البلدين، ونرى ذلك في التنسيق في المجالات السياسة والاقتصادية، التي تهم المنطقة والعالم، فروسيا والسعودية من البلدان الأكثر إنتاجاً للنفط في العالم، وهذا ما جعل التقارب بين هذين البلدين قضية مهمة للعالم كله من الناحية الاقتصادية». وأضاف: «انطلاقاً من هذا العمق التاريخي أسهم ذلك في رسوخ تلك العلاقة، وشهدت العلاقات الروسية السعودية في عهد الملك سلمان تطوراً بعيد المدى، وخصوصاً أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قام بعدد من الزيارات إلى روسيا خلال العامين الماضيين، مما أسهم في ترسيخ تلك العلاقة وتكثيف حجم التبادل التجاري، الذي يتوقع أن يتجاوز 10 بلايين خلال العقد المقبل». وتابع: «خلال العامين الماضيين شهدت العلاقات الروسية - السعودية تطوراً نوعياً على جميع الأصعدة، وكان للزيارة التي قام بها ولي العهد السعودي، خلال شهر مايو الماضي، أثر كبير في جدولة كثير من مسارات التعاون، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً». من جهته، قال الباحث في العلاقات الدولية الدكتور أحمد الأنصاري ل«الحياة»: «إن زيارة الملك سلمان لروسيا تاريخية، وتعد الأولى لملك سعودي، إذ سبق تلك الزيارات منذ عقود عدد من الزيارات، أولها كانت للملك فيصل بن عبدالعزيز عندما كان وزيراً للخارجية عام 1932 في عهد والده الملك المؤسس».