استأنف القطاع المصرفي في مصر نشاطه، بعد العطلة الإجبارية التي فرضها البنك المركزي في الفترة الماضية، بسبب الظروف التي تمر فيها البلاد، وبعدما انتقلت الهتافات من ميدان التحرير إلى قطاعات المصارف والمال في القاهرة. إذ طالب الموظفون بإطاحة رؤسائهم أيضاً، معبِّرين عن الفجوة بين أصحاب المداخيل المرتفعة والمتدنية، لتفادي أية مشاكل. وعقد عدد من رؤساء المصارف اجتماعات، أكدوا فيها أهمية التعاون لتوفير النقد الأجنبي اللازم لتلبية احتياجات فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع الأساسية من الخارج خصوصاً القمح والمواد الغذائية، من دون النظر إلى سداد العميل النسبة المقررة لفتح الاعتماد. ولبّت المصارف بالفعل الطلبات المقدمة في هذا الشأن على مدى الأسبوع الماضي. وناقشت هذه الاجتماعات ما توافر لفتح الاعتماد الخاص بالسلع الأساسية، إذ وصل على مدى الأيام العشرة الماضية إلى نحو بليون دولار، الذي تأمّن بالكامل بالتعاون بين المصارف. كما اتفق المجتمعون على توفير العملات الأجنبية خصوصاً الدولار لأي زبون، بهدف إقفال المنافذ أمام سوق سوداء للعملة خارج الجهاز المصرفي. واستبعد خبراء ومسؤولون في شركات الصرافة عودة السوق السوداء للعملات في مصر، على خلفية الأحداث السياسية والاقتصادية الساخنة التي تشهدها البلاد، والتي انخفض بعدها الاحتياط النقدي في مصر بعد دعم البنك المركزي بمبلغ يقارب بليوني دولار. وأشاد الخبراء بسياسات البنك المركزي، في حماية سعر صرف العملة. وأكدوا أن مصادر مصر من النقد متعددة خصوصاً من قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج. وأشارت المصادر، إلى الاتفاق أيضاً على ضرورة حل مشاكل العاملين في المصارف ووضع جدول زمني محدد لذلك. وأوضحت أن محافظ البنك المركزي، رفض الاستقالات التي تقدم بها بعض رؤساء مجالس الإدارات في عدد من المصارف، وطلب منهم الاستمرار في عملهم في ظل الظروف الدقيقة التي يمر فيها الاقتصاد المصري ومصر عموماً. وعلى صعيد استئناف عمل البورصة، أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية، أن «عودة التداول مجدداً في البورصة ينطبق على شروط وآليات محددة، تحد من اضطراب الأسواق لدى بدء التعامل وتسمح بعودتها التدريجية إلى العمل الطبيعي لحماية حقوق المستثمرين». وأشارت الهيئة إلى أن هذه الآليات والضوابط تتمثل في «الحد من التقلبات الحادة في الأسعار لدى بدء التداول، ومن الأثر السلبي على المتعاملين الصغار من أصحاب الأسهم المُشتراة بالهامش أو في مقابل تمويل مع تنشيط الطلب في السوق، وتنفيذ القرارات الصادرة عن النيابة العامة في شأن التحفظ على الأموال في شكل صارم، وأخيراً الحفاظ على الشركات العاملة في السوق وعلى العاملين لديها». وأوضحت الهيئة، أن ساعات التداول «ستتقلّص إلى ثلاث، من العاشرة والنصف صباحاً إلى الأولى والنصف بعد الظهر، كما ستُلغى الجلسة الاستكشافية السابقة على جلسة التداول الرئيسة مع وضع حد سعري على المؤشر العام للبورصة (EGX100)، بحيث يُعلّق التداول نصف ساعة، في حال تجاوز هامش التغيير 5 في المئة، كما يتوقف التداول للمدة التي يحددها رئيس البورصة إذا تجاوز 10 في المئة». ومن الضوابط أيضاً، «خفض الحد الأدنى لنسبة رأس المال السائل الصافي لشركات السمسرة في الأوراق المالية، في ما يتعلق بالملاءة المالية إلى 5 في المئة من التزاماتها بدلاً من 10 في المئة، ووضع حد على أسعار المزايدة في «بورصة النيل» نسبته 5 في المئة من سعر مزايدة اليوم السابق، والإفصاح عن الموقف التمويلي والتشغيلي للشركات خلال فترة تعليق البورصة، والحد من عمليات بيع أسهم العملاء المحجوزة تطبيقاً لقواعد الشراء بالهامش أو تنفيذاً لاتفاق الشراء مقابل مديونية، وفق الشروط والضوابط والحدود التي تستهدف حماية المستثمرين الصغار». ولفتت الهيئة، إلى أن البورصة «حصرت كل الصناديق المصرية والأجنبية «الأوف شور»، وتمت مخاطبة شركات السمسرة وأمناء الحفظ ومديري الصناديق بمعرفة البورصة والهيئة». من ناحية أخرى، نظم نحو 100 مستثمر احتجاجاً أمام المقر الرئيس للبورصة المصرية أمس، مطالبين باستمرار وقف التداول إلى حين استقرار الأوضاع في البلاد، وبإلغاء العمليات المنفذة في اليومين اللذين أعقبا اندلاع ثورة «25 يناير» أي الأربعاء والخميس في 26 و27 كانون الثاني (يناير)، إذ تراجع المؤشر الرئيس للبورصة نحو 16 في المئة، وبلغت خسائر البورصة نحو 70 بليون جنيه مصري (نحو 12 بليون دولار). وسأل أحد قدامى المستثمرين في البورصة واستشاري دراسات الجدوى الاقتصادية وتقويم الشركات، «لماذا هذا الاستعجال لفتح البورصة الآن؟»، معتبراً أن «الوقت غير مناسب، إذ لا يوجد رئيس ولا دستور ولا مجالس نيابية». وأكد رئيس البورصة المصرية خالد سري صيام، أنه سلّم تفاصيل عمليات التداول يومي 26 و27 كانون الثاني، إلى النائب العام للتحقيق في شأنها». ورفض مطالب المستثمرين ب «إلغائها»، مشيراً إلى «تسوية عمليات الأربعاء بالفعل ولا يمكن إلغاءها مرة أخرى، فيما لم تُسوّ جلسة الخميس». ولفت إلى «صعوبة في إلغائها وهو خطأ، لأن ذلك سيضرّ المشتري ولو كان سيفيد البائع». وربط استئناف نشاط البورصة ب «ضمان استقرار عمل المصارف في مصر»، موضحاً أن «عمل البورصة مرتبط في شكل وثيق بأداء المصارف». ولفتت وكالة «رويترز»، إلى تراجع سعر الجنيه المصري وسط معاملات ضعيفة أمس، وأعلن متعامل تداول الجنيه على مستوى 5.883 جنيه للدولار انخفاضاً من 5.877 جنيه الأحد الماضي.