قبل ساعات من عقد «الجمعية التأسيسية» أول جلسة لها في مبنى البرلمان أمس، والتي أعلنت واشنطن انها لن تعترف بها، أعادت السلطات معارضاً بارزاً الى منزله حيث يخضع لإقامة جبرية، بعد توقيفه الثلثاء الماضي. وكان متوقعاً تنصيب الأعضاء ال 545 في الجمعية، في غرفة تبعد أمتاراً من غرفة يجتمع فيها البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة. وأعلن الرئيس نيكولاس مادورو عزمه على حضور الجلسة الافتتاحية، علماً أن المعارضة تتهمه بتدبير «انقلاب دستوري»، من خلال الجمعية التي أُقرّت في اقتراع الأحد الماضي، وستحظى بصلاحيات واسعة، بينها صوغ دستور جديد وحلّ البرلمان. وتعهد مادورو أن تجرّد الجمعية النواب المعارضين من حصانتهم الدستورية من الملاحقة القضائية. وعلّق فريدي غيفارا، النائب الأول لرئيس البرلمان، قائلاً: «الوسيلة الوحيدة لإخراجنا من هنا هي قتلنا. لن يأخذوا أبداً مقعداً منحنا إياه الشعب الفنزويلي». وعشية تركيب الجمعية، تعرّضت السفارة الإسبانية في كراكاس لهجوم بقنابل حارقة. وقال مدعون إن شخصين على دراجة نارية رشقا هذه القنابل التي اشعلت حريقاً، لكنها لم تسفر عن إصابات. ووصف كارلوس روميرو، وهو استاذ ومحلل في العلاقات الخارجية في كراكاس، الحادث ب «خطر جداً»، منبهاً الى انه قد يفاقم تعقيد العلاقات بين فنزويلا وإسبانيا. وكان السفير الإسباني في كراكاس بين نواب زاروا البرلمان الثلثاء الماضي، دعماً له بعد انتخاب الجمعية التأسيسية. وأعلنت زوجة المعارض أنطونيو ليديزما أن جهاز الاستخبارات الفنزويلي أعاد زوجها الى منزله حيث يخضع لإقامة جبرية، بعدما اقتادوه إلى سجن الثلثاء. وكتبت على موقع «تويتر»: «أعادت الاستخبارات أنطونيو في شكل غير متوقع إلى منزلنا. نشكر شعب فنزويلا والمجتمع الدولي على اهتمامهم وتضامنهم». وكانت السلطات أوقفت ليديزما والزعيم المعارض الآخر ليوبولدو لوبيز، بعد اتهامهما بتقويض استقرار حكومة مادورو، اثر دعوتهما إلى احتجاجات ضد تشكيل الجمعية التأسيسية. واعتبرت الخارجية الأميركية الجمعية «نتاجاً غير مشروع لعملية معيبة خطّط لها النظام الديكتاتوري لمادورو، لتعميق اعتدائها على الديموقراطية»، مؤكدة ان «الولاياتالمتحدة لن تعترف بها». لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ندد بتوقيف لوبيز وليديزما، أعلن ان باريس «ستدعم أي وساطة تتيح استئناف حوار صادق ومخلص وجدي، وإنهاء دوّامة العنف» في فنزويلا. وكان وجّه رسالة إلى مادورو يقترح فيها وساطة، كما التقى السفير الفرنسي في كراكاس رومان نادال الحكومة وقياديين في المعارضة. الى ذلك، حضّ الفاتيكان الحكومة الفنزويلية على «تجنّب أو تجميد» الجمعية التأسيسية، منبّهاً الى ان خطوات مشابهة «تثير مناخاً من التوتر والمواجهة، بدل تفضيل المصالحة والسلام». وأعربت رسالة الفاتيكان عن «قلق عميق إزاء تطرف (الأزمة) وتفاقمها» في فنزويلا، وارتفاع عدد الضحايا والسجناء، بعد صدامات بين أجهزة الأمن ومناهضين للحكومة أوقعت حوالى 125 قتيلاً منذ نيسان (أبريل) الماضي. وناشدت قوات الأمن الفنزويلية تجنّب «الاستخدام المفرط وغير المتناسب للقوة»، مشيرة الى ان البابا فرانسيس يتابع عن كثب «التطورات الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والروحية» في البلاد.