وافقت محكمة في إسطنبول على طلب النيابة بحبس مدير مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا طانر كيليش، تمهيداً لمحاكمته، بعدما أوقف في 6 الشهر الجاري لاتهامه بالانتماء إلى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن. واحتُجز كيليش في إزمير مع خمسة محامين مُتهمين باستخدام تطبيق «بايلوك» للرسائل النصية المشفرة، والذي تتهم السلطات أنصار غولن باستخدامه، علماً أنها تحمّل الداعية مسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. واعتبرت المنظمة اعتقال كيليش «ظلماً مدمراً»، داعية إلى إطلاقه، علماً انه نفى اتهامات السلطات بأنه حمّل التطبيق على هاتفه الخليوي، أو استخدمه. ورأت المنظمة أن لا دليل يؤكد زعم السلطات في هذا الصدد. ووصف الأمين العام لمنظمة العفو سليل شيتي كيليش ب «مدافع مبدئي ومتحمس لحقوق الإنسان»، مذكراً بانتقاده جماعة غولن. وأضاف أن الاتهامات الموجهة إلى كيليش «تُظهر مدى التعسف» في تركيا و «ملاحقة محمومة تشنّها الحكومة على أعدائها المتصورين ومنتقديها». يأتي ذلك في وقت تفاقم التذمر من سير الحملة على جماعة الداعية، بما في ذلك بين أعضاء في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. إذ عبّر أكثر من نائب في الحزب الحاكم عن انزعاج من إطلاق متهمين بالانتماء إلى جماعة غولن، ممّن لهم أقارب بارزين في الحزب يحمونهم، فيما يبقى عشرات الآلاف من المتهمين في السجن من دون دليل إدانة واضح، في انتظار محاكمتهم. وكتب النائب شامل طيار، وهو من أبرز منتقدي جماعة غولن، على موقع «تويتر» «كفى»، تعليقاً على خبر إطلاق صهر بولنت أرينش، وهو نائب سابق لرئيس الوزراء قيادي في «العدالة والتنمية». وأتى الخبر بعد أسبوعين على الإفراج عن صهر رئيس بلدية إسطنبول قادر طوباش في ظروف مشابهة، بعدما كان أوقف بالتهمة ذاتها. لكن إطلاق هؤلاء لا يعني تبرئتهم، بل استمرار محاكماتهم مع منعهم من السفر، وهذا حق يطالب به عشرات الآلاف من المحبوسين على ذمة قضايا الانتماء إلى جماعة غولن، من صحافيين وبيروقراطيين وأساتذة جامعيين وعمال وحرفيين ورجال أعمال. وعلّق زعيم المعارضة البرلمانية كمال كيليجدارأوغلو قائلاً: «بات لدينا الآن تيار جديد في جماعة غولن، هو تيار الأقارب والأصهار». وأضاف: «لا يمكن أن نصدّق أيّ جدية للحملة ضد جماعة غولن، طالما أن التحقيقات لم تطاول بعد مَن قال لهم: ألمْ نفعل لكم كل ما طلبتم»؟ ويشير بذلك إلى الرئيس رجب طيب أردوغان الذي أدلى بهذا التصريح على أغلفة صحفٍ عام 2013، لدى بدء خلافه مع جماعة غولن. وحاول أردوغان آنذاك مصالحة غولن عبر وسائل الإعلام. لكن أوساطاً في «العدالة والتنمية» تعتبر أن توقيف أقارب لقياديين وإطلاقهم، تشكّل عملية مدروسة هدفها «إسكات هؤلاء القياديين وتهديدهم، لئلا يشددون معارضتهم وتصريحاتهم داخل الحزب». وكان أرينش معروفاً بتصريحاته النارية المنتقدة سياسات أردوغان، كما أن توقيف مستشار لدى رئاسة الوزراء الأسبوع الماضي، اعتُبر رسالة مُوجهة إلى رئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو الذي كان عيّن المستشار في منصبه وسهّل ترقيته خلال ترؤسه الحكومة. وكان وزير العدل بكير بوزداغ أعلن أن عدد المسجونين على ذمة قضايا الانتماء إلى جماعة غولن وينتظرون محاكمتهم، بلغ أكثر من 50 ألفاً.