بعد إقرار النظام الرئاسي في استفتاء 16 نيسان (أبريل) الماضي وعودة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى زعامة الحزب الحاكم الأسبوع، تسارعت عمليات تطهير الإدارات الرسمية من متهمين بالانتماء إلى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، تمهيداً لاجتثاث من تبقى منهم في الحزب الحاكم، تنفيذاً لتعهدات أردوغان. وفي هذا الإطار، أصدرت السلطات أوامر باعتقال 33 شخصاً يعملون في هيئة الرقابة على الاتصالات و36 آخرين في هيئة مراقبة أسواق رأس المال. كما استمرت الاعتقالات في الجيش إذ ألقي القبض على 144 عاملاً في المؤسسة العسكرية للتحقيق معهم. تزامن ذلك مع اعتقال 124 شخصاً في أنقرة، بتهمة استخدامهم تطبيق «بايلوك» الذي تشتبه السلطات بأنه استخدم للتواصل السري بين أعضاء جماعة غولن. وفي ظل هذه العمليات، برز نجم وزير الداخلية سليمان صويلو الذي يتوقع أن يكون له دور قيادي كبير في حزب العدالة والتنمية الحاكم. وصعد حزب «الحركة القومية» الشريك في الحكومة ضغوطه لتصفية من بقي مستتراً من أنصار غولن. وقال زعيم الحزب دولت باهشلي: «لم يبق فران ولا مدرس أو موظف بسيط له علاقة بهذه الجماعة إلا ودخل السجن، وفي المقابل لم نسمع عن القبض على سياسي واحد ينتمي اليها، فهل يعقل ذلك؟». ودعا باهشلي الحكومة إلى وقف التستر على مسؤولين بارزين من الجماعة بداعي صلة النسب أو العلاقات التجارية، وذلك بعدما شاعت أخيراً أنباء عن إفلات تجار ومسؤولين من المساءلة أو التحقيق، علماً بأنهم لا ينكرون انتماءهم إلى جماعة غولن. ويبدو أن هؤلاء تحصنوا بارتباطهم بعلاقات تجارية أو نسب مع قيادات في الحزب الحاكم. وواصلت المحكمة الاستماع إلى دفاع عشرات الجنرالات والضباط المتهمين بالتورط في المحاولة الانقلابية التي تتهم الحكومة جماعة غولن بالوقوف وراءها. ونفى كثير من المتهمين ما نسب إليهم من «اعترافات» في الأيام الأولى من إلقاء القبض عليهم. وأصر الجنرال أكن أوزترك المتهم بأنه «العقل المدبّر» للانقلاب، على براءته، وطلب شهادة رئيس الأركان خلوصي أكار، قائلاً: «هو الذي استدعاني وطلب مني المساعدة من أجل إنهاء الانقلاب، ولم أذهب إلى القاعدة العسكرية إلا بأوامر من جنرالات الجيش وبدا موقفي محرجاً ومضحكاً أمام الانقلابيين». كلك نفى علي يازجي الضابط في الحرس الخاص للرئيس تهمة التورط في الانقلاب وإرشاد الانقلابيين إلى مكان أردوغان ليل الانقلاب. وقال: «أنا كنت في الطريق متجهاً إلى انطاليا للقاء الرئيس، وتفاجأت بالخبر وأنا في محافظة أفيون ومعي بعض الأشخاص، وهناك العديد من الشهود، فلا يمكن أن أكون قد شاركت في هذا العمل الإجرامي». لكن يازجي أضاف شهادة أثارت حيرة الجميع في قاعة المحكمة، إذ قال إن «إشاعات عن وجود من يخطط لانقلاب عسكري في الجيش كانت بدأت تنتشر قبل نحو شهر» من المحاولة. وأثار ذلك تساؤلات حول نفي الاستخبارات وأوساط الرئيس علمها بهذه الإشاعات، على رغم وصولها إلى أذن حارسه الشخصي.