على رغم مرور أكثر من ستة أشهر على فتح ملف قضية «التنصت والتجسس على الحكومة» التي تستهدف تصفية أنصار الداعية فتح الله غولن في أجهزة الأمن والاستخبارات، تابعت الحكومة التركية حملات الاعتقال في حقهم. وأوقفت السلطات 17 رجل أمن، بينهم أعضاء في جهاز الاستخبارات بوزارة الداخلية، في سبع محافظات بينها إسطنبول، للتحقيق معهم في إطار القضية، على رغم أن القضاء كان أفرج عن 11 رجل أمن أوقفوا قبل أسبوعين، لعدم كفاية الأدلة. وحدث هذا الأمر مع كثيرين ممّن أوقفوا، إذ ما زالت القضية تفتقد إلى أدلة دامغة على وجود تنظيم يجمع المتهمين. وما زالت الاتهامات محصورة في تجاوز الصلاحيات والتنصت على هواتف المسؤولين من دون إذن، وهي ليست كافية لاتهام المحتجزين بتأسيس تنظيم إرهابي، كما يريد الرئيس رجب طيب أردوغان. وكتب أكرم دومانلي، رئيس تحرير صحيفة «زمان» التي تُعتبر الذراع الإعلامية لجماعة غولن: «في حل اتهام رجال الأمن بتشكيل تنظيم، تجب محاكمة أردوغان في هذه القضية، إذ اعترف، بلسانه ولسان كثيرين من وزرائه، بأنه بعث وزراء للقاء غولن في الولاياتالمتحدة، معرباً عن استعداده لتنفيذ أي طلب له». وأضاف: «يذكر الجميع تصريح أردوغان بعد اندلاع الأزمة بين الطرفين، إنه لا يفهم ماذا يريد غولن بعدما نفّذ له كل مطالبه». وتحدى دومانلي أن تعثر أجهزة الأمن على أي دليل على علاقة «تنظيمية» تجمع أتباع غولن، في أيّ من مؤسسات الدولة. وفي سياق متصل، أقرّ وزير العدل بكير بوزداغ أثناء مناقشة مسودة تعديل قانون القضاء وصلاحيات أجهزة الأمن، بأن ثقة المواطن بنزاهة القضاء وحياديته تراجعت كثيراً. واعتبر أن الشارع بات يثق بالشرطة والأمن أكثر من القضاء، ما دعا الحكومة إلى تعزيز صلاحيات رجال الأمن والشرطة، لتشمل الاعتقال من دون العودة إلى قاضي التحقيق. وكانت حكومة حزب «العدالة والتنمية» عزلت وأبدلت مواقع آلاف من الشرطيين والمحققين، بحجة انتمائهم إلى جماعة غولن، من دون إجراء تحقيق في الأمر. حدث ذلك بعدما وجّه محقّق اتهامات لحكومة أردوغان في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بالفساد والرشوة، لكن ملف القضية طوي بعد تغيير المحققين والمحكمة التي كانت تنظر فيها.