يبدو أن ناراً تستعر هذه الأيام بين الرفض والقبول، ينتظم على إشعالها مؤيدو الممارسات الرياضية النسائية داخل المدارس من جهة، والرافضون لها داخل قطاع التربية والتعليم من جهة ثانية، بمجرد أن التقطوا شرارتها التي أطلقها تعرض ست مدارس أهلية للبنات في جدة للتحقيق، بسبب تنظيم مسابقات رياضية لطالباتها. ولعل المتتبع ل«نار الرياضة النسائية» يلاحظ بجلاء جملة من المفارقات، لا تبدأ باحتواء نزر لا يستهان به من مدارس البنات الأهلية بملاعب عدة وحمامات سباحة وصالات مجهزة لرفع الأثقال، ولن تنتهي بجملة من قرارات إدارات التربية والتعليم الرامية إلى حظر تنظيم أو المشاركة في أي أنشطة رياضية، أو حتى مزاولة الأنشطة المسائية داخل الحرم المدرسي سواء للطلاب أو الطالبات، باستثناء ما تعتمده من أنشطة!. وفي سياق ذي صلة، سارت إدارة التربية والتعليم في جدة على ذات النهج، إذ حظرت على مدارس البنين التنظيم أو المشاركة في أي أنشطة طلابية (سواء كانت رياضية أم لا)، كما منعت دعوة الطلاب إلى الأنشطة اللاصفية المسائية، «إلا بعد الحصول على موافقتها»!. وبعد أيام قليلة فقط من تحذير وزارة التربية والتعليم الصريح لمختلف المدارس الأهلية من تنظيم مثل هذه المسابقات، ملوحة بالعقاب لكل مخالف للوائح والأنظمة، رفضت منسوبات من التعليم الأهلي هذا التصعيد غير المبرر، مؤكدات أن النشاطات الرياضية قائمة ومستمرة، وأن تحذيرات الوزارة ما هي إلا روتين اعتدن على تكراره على مدى خمس سنوات سابقة. واعترفت إحدى المشرفات التربويات في تعليم جدة (فضلت عدم نشر اسمها) صراحةً ل«الحياة» بأن غالبية المدارس الأهلية والخاصة للبنات تمارس النشاطات الرياضية باستمرار وبشكل دوري طوال العام، مؤكدةً أن غالبية تلك المدارس لا تستند في قرار تنظيمها لتلك المسابقات على أذونات سابقة من الإدارة العامة للتربية والتعليم، إنما على اجتهادات تعليمية بحتة. واستغربت معلمات يعملن في المدارس الأهلية نفسها التي نظمت المسابقة الرياضية داخل محيط جامعة عفت من تصعيد الموضوع، وتحويله إلى قضية رأي عام، مؤكدات عدم وجود تحقيقات رسمية من الوزارة في هذا الجانب، ومشددات على أن الوضع يسير بشكل طبيعي جداً وأن الطالبات يواصلن ممارسة الرياضة، ولديهن حصة خصصت لممارسة أنواع عدة من الرياضة. وقالت إحدى المعلمات المشاركات في تنظيم المسابقة ل «الحياة»: «فزنا بالمراكز الأولى في رياضات عدة في المسابقة، ونظمت حفلة الفوز في إحدى المدارس، وحصلت المتسابقات على الكؤوس والجوائز، ولم أر أو أسمع أبداً عن أي تحقيق يجرى في المدرسة جراء مشاركتنا في المسابقة». وأضافت أن المسابقات الخارجية بين المدارس الأهلية تنظم كل سنة من الكليات، وطالبات المدارس اعتدن عليها منذ زمن، مبدية استغرابها من تضخيم القضية. وكشفت أن طالبات المدرسة لديهن حصص رياضة وسباحة، ومدارسهن مهيأة أصلاً بملاعب رياضية وحمامات سباحة، فضلاً عن أنها تنظم مسابقات على مستوى مراحل المدرسة المختلفة، وتشترك فيها المعلمات والطالبات، ومن الطبيعي أن يشتركن في المسابقة الخارجية بين المدارس. وبدا أن إدارة تعليم جدة كانت من فترة إلى أخرى تلحظ نمواً مطرداً في تنظيم هذه النشاطات داخل محيط مدارس البنات الأهلية خصوصاً خلال العامين الماضيين، فلم تكتف بتلك التوجيهات، بل حمّلت أي مدرسة تخالف الأنظمة واللوائح كامل المسؤولية حال اكتشف ارتكابها مثل هذا النوع من المخالفات، وتنظيم المسابقات الرياضية للطالبات. وعادت المعلمة نفسها لتؤكد أن الرياضة النسائية تمارس منذ عقود داخل تلك المدارس، وقالت: «هناك دوري ينظم كل عام بين مختلف المراحل في المدرسة». وأكدت أن المدارس الأهلية توفر لطالباتها ممارسة أنواع عدة من الرياضة، حتى إن بعضهن يمارسن لعبة رفع الأثقال ضمن حصص مخصصة، متسائلة في الوقت ذاته، ما المانع من تنظيم هذه المسابقات؟. وفي إدارة تعليم البنات بجدة، نفى مصدر خاص داخل الإدارة ل «الحياة» وجود تحقيقات في شأن الممارسات الرياضية للبنات داخل المدارس الأهلية. وقال: «إن الرياضة في المدارس الأهلية ليست ممنوعة أبداً، فهم أصلاً لديهم حصة مخصصة للرياضة، ولم نسمع بأي تحقيقات رسمية في هذا الشأن»، مشيراً إلى أن التنظيم الدوري لها من طريق المسابقات والدوريات حديث عهد بها ولم نسمع به من قبل. وحول الاجراءات المتخذة بحق المدارس قال: «لكي يكون هناك ما يوجب استصدار لائحة، فلا بد من وجود حدث ما، لكن إن لم يوجد حدث أساساً، فلا يمكن أن يتم استصدار لائحة رسمية في هذا الخصوص».