في الوقت الذي يتنافس فيه الثلاثي كريستيانو رونالدو وريكاردو كاكا وليونيل ميسي على الفوز بجوائز الأفضلية في لعبة كرة القدم في كل عام، يجري التنافس أيضاً على الفوز بمعدّلات الإعجاب وكميّة المعجبين بهم على مستوى العالم. وليس ذلك نظير مهاراتهم الكروية وإمكاناتهم الفنيّة، وإنما نظير ما يتمتّعون به من وسامة شكلية، جعلت منهم أشخاصاً لهم جاذبيتهم العالية، ما أسهم في خلق مُتابِعات رياضيات يتسمّرن أمام الشاشات مع كل مباراة تشهد مشاركة اللاعب المفضّل، ليمطرنه بالتشجيع والتصفيق قبل وأثناء وبعد ملامسته للكرة، حتى وإن كان يصنّف ضمن أسوأ اللاعبين خلال فترات المباراة. فالمهم هو الارتباط باللاعب ذاته وليس بالفريق الذي يمثّل شعاره، فقد أوجد هؤلاء اللاعبين وغيرهم ممن يشاركونهم الوسامة، فريقاً متخصصاً بمتابعتهم فقط. وعلى رغم وجود تلك الفئة التي لا تكاد تفقه بأدنى أساسيات اللعبة ولا تعرف عن الرياضة أكثر من مسمّاها، فإن هناك فئة أنثوية أخرى يتابع أفرادها المباريات الكروية بشغفٍ بالغ واهتمام كبير. وتحمل الفتيات الولاء للفريق ويساندنه في جميع أحواله، فيفرحن لانتصاره ويحزن لخسارته، ويتلوّن بألوانه، في شكل قد يكون غير مألوف في المجتمع السعودي. وظهر أخيراً حرص كبير بين الفتيات على متابعة المباريات المحليّة والعالمية، التي صرن خبيرات فيها، لجهة أساليب التكتيك المُثلى داخل الملعب، وماهيّة الأخطاء التحكيمية، والمطالبة بجلب لاعبين جيّدين والاستغناء عن آخرين سيئين. وثمة فئة أخرى لا تعدو عن كونها فئة «مقلّدة»، تحاول أن تجعل من نفسها على علاقة بالرياضة كرهاً لا طوعاً، لأهداف لا تتجاوز التباهي، والقدرة على الانضمام لرابطات التشجيع المنتشرة في الانترنت والبلاك بيري. وعزّز ارتباط الإناث بالأندية الرياضة من ارتباطهن بمتاجر المستلزمات الرياضية، التي باتت لا تقتصر على الذكور كزبائن، إذ استطاعت الفتيات الاستحواذ على حيّز شاسع منها، بعدما كانت ذات جمهور ذكوري بالكامل، فأصبح هناك اليوم إقبال على اقتناء القمصان وبعض الأكسسوارات التي تتماشى مع شعار النادي المفضّل. وباتت فتاة في سن الخامسة عشرة أو الثامنة عشرة ترغب بقميص فريق الهلال السعودي، مع تحديد صاحب الرقم أحياناً، وأخرى تقتني الطقم الكامل لفريق النصر، وعلى الناحية الأخرى فتاة في بداية العشرينات صنّفت نفسها من عشاق الفريق الأسباني برشلونة فأرادت الحصول على أطقمه الثلاثة، وأخرى تقف أمامها لتأخذ قميص الغريم التقليدي ريال مدريد بالرقم 7. أريج تخرج من المتجر حاملة معها كيساً بداخله أحد أطقم برشلونة، تعترف بأنها لا تعرف عن هذا الفريق غير مسمّاه وألوانه، إذ تؤكد أنها لم تتجه لشراء طقمه إلا لانتشاره في أوساط الفتيات، وتحديداً الطقم الثاني الذي يحمل اللون الوردي، وتقول: «منذ فترة وأنا أتساءل عن هويّة هذا الفريق الذي أصبحت أشاهده كثيراً على أجساد الفتيات في عدد من الأماكن كالمدن الترفيهية النسائية والتجمّعات الخاصة في الاستراحات، وبعد أن عرفت اتّجهت لشرائه، كي أشارك صديقاتي». أما غالية فتؤكد عدم اهتمامها بالرياضة، فهي فقط تتابع مباريات ريال مدريد لأجل البرتغالي كريستيانو رونالدو والألماني مسعود اوزيل، وتضيف: «أقرّ بأني اتابع هذا الفريق بفعل انجذابي لبعض من فيه، وتحديداً هذين الاسمين، فلا تعني لي نتائجه بتاتاً، الأمر فقط إعجاب جعلني ارتبط بمتابعة الكثير من المباريات»، معتبرة أن هذه الحالة طبيعية وتحدث للجنسين: «كما يُعجب الرجل بفنانة ما، أو تُعجب الفتاة بفنان، فإني هنا أُعجب بلاعب، وأظن أن مثل ذلك لا يدوم طويلاً». وترفض خلود أن تُصنّف كغيرها من الفتيات اللاتي تصفهن ب «الإمّعيات»، إذ تؤكد أنها مشّجعة قديمة لفريق النصر السعودي، بل إنها تضع شعاره على يدها وحقيبتها عند خروجها، وتضيف: «لست كغيري ممن يدّعون تشجيع فريق ما، وهم في حقيقتهم لا يعرفون حتى ترتيبه في الدوري، فأنا لدي ميول رياضية حقيقية منذ أن كنت صغيرة، أسرتي بأكملها نصراوية الميول، وعزّزت هذه الميول لدي». وتتحوّل عملية التشجيع المصطنع أحياناً إلى تشجيع حقيقي قد يحضر فيه التعصّب. عهود العطاالله مثلاً كانت تكتفي بمعرفة نتائج فريق الهلال السعودي، من دون أن تعرف معظم لاعبيه، فاختارت هذا الفريق بعد أن أعجبتها النقاشات الرياضية الحادة التي تحضر في البلاك بيري بين مشجعي ومشجعات الفرق. وتقول: «بدأت كالكثير من صديقاتي، أساير هذه الموضة، وألبس شعار الهلال وأنا لا أعرف عنه الكثير، وأردت المشاركة في النقاشات الرياضية المسلّية، خصوصاً على البلاك بيري، ما دعاني إلى متابعة بعض المباريات، وتدريجياً أعجبني الأمر حتى وجدت نفسي مهتمة في شكل حقيقي».